ترويض الفيضان.. قصة عمرها آلاف السنين وأبطالها المصريون القدماء
مقاييس النيل بمعابد الكرنك
في الوقت الذي يشهد النيل ارتفاعًا ملحوظًا في مناسيبه، تستحضر الأذهان عبقرية المصريين القدماء في التعامل مع النهر وتنظيم الحياة حوله، حيث كانوا من أوائل الشعوب التي أدركت أهمية التحكم في مياه النيل وإدارتها بدقة لحماية أراضيهم وتنظيم الزراعة والري والضرائب.
الأقصر.. شاهدة على عبقرية المصري القديم
من محافظة الأقصر، حيث يقع أحد أهم مقاييس النيل داخل معابد الكرنك، بدأت حكاية ترويض الفيضانات، ما يؤكد أن المصري القديم سبق العالم ةبآلاف السنين في العلم والتنظيم.

شيّد القدماء ما يُعرف بـ"مقاييس النيل" أو النيلوميتر، وهي منشآت حجرية متقنة صُممت لقياس منسوب مياه نهر النيل، وتحديد مدى ارتفاع أو انخفاض الفيضان السنوي، لتجنّب أخطاره أو الاستفادة القصوى منه في الري والزراعة.
من الفيضان إلى الزراعة والسدود
كان المصريون القدماء يترقبون فيضان النيل خلال فصل “آخت” وهو فصل الفيضان الممتد من يوليو إلى نوفمبر، وكان يعد الحدث السنوي الأبرز في حياة المصري القديم، إذ كانت تُقام السدود والقنوات لاستيعاب كميات المياه المتدفقة من النهر والاستفادة منها لاحقًا في الزراعة.
وتلك الجهود تُعد من أوائل الإجراءات الاحترازية في التاريخ لمواجهة الكوارث الطبيعية، قبل آلاف السنين من ظهور مفاهيم إدارة الموارد المائية الحديثة.

العدالة الاجتماعية والضرائب بالمياه
لم يقتصر دور مقاييس النيل على قياس المياه فحسب، بل كانت أيضًا أداة للعدالة الاجتماعية، إذ استخدمها المصريون لتحديد الضرائب المفروضة على الفلاحين وفقًا لكمية المياه التي تصل إلى أراضيهم.
فكلما زاد منسوب المياه واستفاد الفلاح منها، زادت الضريبة المستحقة وهو نظام يعكس دقة المصري القديم في الربط بين الإنتاج والمسؤولية الاجتماعية.

هندسة دقيقة ومعرفة فلكية
تتألف المقاييس عادة من بئر حجرية متصلة بالنيل عبر قناة مائية، وبها درجات حجرية تحدد ارتفاع الماء بوحدات القياس المصرية القديمة (الذراع المصري، أي ما يقارب 52.5 سم حاليًا).
وأشرف الكهنة داخل المعابد على عملية القياس، ودوّنوا النتائج على جدران المقياس لتكون مرجعًا عامًا للدولة والمزارعين.

مقاييس الكرنك بين التاريخ والحاضر
في معابد الكرنك بالأقصر، لا تزال آثار مقياسين بارزين من العصر المتأخر على جانبي البحيرة المقدسة، تُظهر مدى تقدم المصري القديم في فهمه لتقنيات المياه.
كما توجد مقاييس أخرى شهيرة مثل مقياس جزيرة الفنتين بأسوان ومقياس معبد كوم أمبو، وكلها تؤكد أن فكرة مراقبة النيل كانت ركنًا أساسيًا في حياة المصري القديم.
من اللاهون إلى اليوم.. إرث لا يندثر
تُعد فكرة تخزين المياه وبناء السدود امتدادًا طبيعيًا لتلك الثقافة القديمة، إذ برع المصريون في تنفيذ سد اللاهون في عهد الملك أمنمحات الثالث خلال الدولة الوسطى، وهو أقدم سد معروف في التاريخ، ما يجعل مصر صاحبة الريادة في الهندسة المائية عبر العصور.
دروس الماضي لمستقبل النيل
وبينما تتابع الجهات المختصة اليوم مناسيب النيل في الأقصر وتصدر التحذيرات عند اللزوم، يستعيد المصريون إرث أجدادهم الذين علّموا العالم أن إدارة النهر فنٌّ وحضارة.
إنها قصة نهر لا يموت وحضارة لا تنتهي، كتبتها الأقصر ولا تزال فصولها تُروى مع كل موجة من مياه النيل الخالد.
الأكثر قراءة
-
مشاهدة مباراة ريال مدريد وإلتشي في الدوري الإسباني
-
حافظة للقرآن تحلم بدراسة الطب، والدة "أيسل" ضحية العين السخنة: 15 عاما سجنا لا تكفي
-
"مجهول لابس ماسك"، تطورات جديدة في شهادات ضحايا المدرسة الدولية بالسلام (خاص)
-
تصل للإعدام، العقوبة المتوقعة على المتهمين بواقعة "صغار مدرسة سيدز"
-
بدون تشفير، قناة مفتوحة مصرية تنقل مباراة الزمالك اليوم بالكونفدرالية
-
موعد مباراة ريال مدريد ضد إلتشي في الدوري الإسباني والقنوات الناقلة
-
ادخل صوت لـ محمد صلاح في جائزة "جلوب سكور"، الرابط من هنا
-
أسعار الحديد والأسمنت اليوم الأحد 23 نوفمبر 2025، زيادة 400 جنيه
أخبار ذات صلة
بعد واقعة "سيدز"، "التعليم" تعدّل القرار المنظم للمدارس الخاصة والدولية
23 نوفمبر 2025 02:57 م
"صمم حتى أراك"، الثقافة تدعو لنشر تجربة أسبوع القاهرة للتصميم بالمحافظات
23 نوفمبر 2025 11:45 م
"اوعي تتأثري كملي وغيظيهم"، تامر أمين يدافع عن آية عبدالرحمن مقدمة "دولة التلاوة"
23 نوفمبر 2025 10:36 م
تامر أمين لـ أهالي ضحايا مدرسة سيدز: أصلحوا بيوتكم بالرعاية والرقابة
23 نوفمبر 2025 09:29 م
بتخفيض 11 ألف جنيه، محافظة الجيزة تكشف سعر بديل التوكتوك وتوضح آليات الاستبدال والتمويل
23 نوفمبر 2025 09:24 م
قبل ساعات من انتخابات المرحلة الثانية، هاشتاج انزل شارك يتصدر إكس
23 نوفمبر 2025 09:01 م
حالة طقس عابرة، انخفاض الحرارة 7 درجات غدًا وأمطار رعدية على المحافظات الساحلية
23 نوفمبر 2025 07:37 م
ضوابط أكثر صرامة، فحص طبي إلزامي و8 حالات ممنوعة من حج 2026
23 نوفمبر 2025 07:06 م
أكثر الكلمات انتشاراً