ChatGPT يتسبب في حبس طفل بأمريكا.. خارج حدود الأدب

سامح مبروك
(How to kill my friend in the middle of the class؟.. كيف أقتل صديقي في وسط الفصل؟).. سؤال كتبه طفل عمره ثلاثة عشر عامًا، في إحدى المدارس الأمريكية، أشعل شرارة من الأحداث غير المتوقعة، وفتح من ورائه الباب لتساؤلات غاية في التعقيد، فما هي القصة؟
في إحدى مدارس ولاية فلوريدا، قبل عدة أيام، وأثناء إحدى الحصص الصباحية، يبدو أن التوتر بين (إيان فرانكو - 13 سنة) وأحد أصدقائه في الصف قد وصل حدًا لم يعد إيان يتحمله، مما جعله يفتح تطبيق ChatGPT على أحد أجهزة الكمبيوتر المدرسية (Chromebook)، وسأله مباشرة: كيف أقتل صديقي في وسط الفصل؟
وبالتأكيد، إيان لم يكن يعلم أن أجهزة المدرسة مزودة بأداة ذكاء اصطناعي تُسمى (Gaggle)، وظيفتها مراقبة سلوك الطلاب على الأجهزة المدرسية الرسمية، ورصد أي سلوك عنيف أو غير أخلاقي يقوم به الطلاب في المحادثات أو المراسلات، أو حتى أثناء استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي ChatGPT.
على الفور، التقط Goggle السؤال وأرسل تحذيرًا إلى ضابط الموارد المدرسية المسؤول عن متابعة هذا البرنامج، وبدوره اتصل بالشرطة كما يحتم عليه البروتوكول في حالات العنف المحتملة كهذه. وما هي إلا ساعات قليلة، حتى كانت قوات الشرطة داخل المدرسة، تقوم بالتحقيق مع الطفل الصغير إيان في غرفة الإدارة حول أسباب قيامه بكتابة هذا السؤال.
وبالبراءة المعهودة والمتوقعة من الأطفال، علّل إيان فعلته هذه بأنها كانت محض مزحة ليس إلا، وكان الطفل من الارتباك بمكان حال دون فهم الدافع لإثارة مثل هذه الجلبة، لكن الموضوع كان قد خرج عن السيطرة بالفعل، وذلك للتاريخ العريض من أعمال عنف المراهقين داخل المدارس الأمريكية، لذلك تتعامل الشرطة مع هذه التهديدات على محمل الجد.
لم تشفع مبررات إيان له عند الشرطة لتعتقه، ولكن العكس هو ما حدث، فقام جهاز الشرطة باعتقاله بعدما أقرَّ بفعلته، وتم إيداعه مركز احتجاز الأحداث في مقاطعة فولوشيا بولاية فلوريدا. وحتى الآن، لم يُنشر أي تحديث رسمي عن حالة إيان، سواء بالإفراج عنه أو بمعاقبته، إلا أن وسائل الإعلام ما تزال تذكر أنه لا يزال قيد الاحتجاز أو أن القضية تحت النظر.
حادثة طريفة، ولكنها تُسلّط الضوء على نقاط مظلمة في أعماق كهف الذكاء الاصطناعي، وطبيعة استخدام الأطفال والمراهقين لهذه الأدوات، وتجعل أولياء الأمور والمعلمين وكل مسؤول يتساءل: هل نفتح الباب على مصراعيه للأطفال والطلاب للاستفادة من هذه الأدوات التي أصبحت تحل محل القراءة والكتب والبحث، وكل الوسائل التقليدية والحديثة حتى؟
أم نخضعها للرقابة الصارمة، التي تحول دون الاستخدام غير الأخلاقي أو غير المناسب لهذه الأدوات؟ وهذا ما شددت عليه الجهات الرسمية في ولاية فلوريدا بعد الحادث. أم أن هذا النوع من الرقابة يعد شكلًا من أشكال الانتهاك لحريات وخصوصية هؤلاء اليافعين؟ أم يجب أن تقوم الأدوات نفسها بالرقابة على المستخدمين دون السن القانوني وتبليغ أولياء الأمور عن أي انحرافات محتملة؟ أم أن هذا أيضًا يُعتبر في حد ذاته قيدًا لا أخلاقيًا؟ وبالمناسبة، ما هو الأخلاقي وغير الأخلاقي من وجهة نظر مُصنّعي ومبرمجي تلك الأدوات؟ أسئلة تتابع تترى بلا إجابة واضحة.
ولكن الواضح والجلي في مجتمعنا الشرقي أن الفائدة العظيمة التي تحملها أدوات الذكاء الاصطناعي تلك، يقبع من ورائها خطر داهم، يستوجب من كل راعٍ حسن المراقبة، والحزم بدون إفراط ولا تفريط، حتى يبقى استخدام تلك الأدوات في إطاره السليم والنافع، وأن نفتح المجال لليافعين بالاستفادة من تلك الأدوات وما هو على شاكلتها، دون الانحراف "خارج حدود الأدب".

الأكثر قراءة
-
"براءة بعد اتهام".. مفاجأة في واقعة سب النائب نشأت فؤاد على "فيسبوك"
-
في ظل الزيادة المرتقبة.. مفاجأة بشأن مستقبل سعر البنزين والسولار
-
بيزنس الإكليل.. ليلة العمر بأسعار خيالية والبعض يستنجد بـ"السيد البدوي"
-
391 جزيرة مهددة بالغرق.. كيف تنجو مصر من تدفقات سد النهضة؟
-
ترويض الفيضان.. قصة عمرها آلاف السنين وأبطالها المصريون القدماء
-
قبول طلبات التقدم لحج القرعة بدءًا من هذا الموعد.. الإجراءات والشروط
-
"كيشو" في تدريبات منتخب أمريكا.. هل يمثل "العم سام"؟
-
أمريكي وبريطاني وفرنسي.. "ميكانيكا الكم" تحصد نوبل للفيزياء 2025

أخبار ذات صلة
وزير الاتصالات: 60 ألف مستفيد من برامج ومبادرات "كريتيفا" بقنا
07 أكتوبر 2025 10:44 م
تعاون "نهضة مصر" و"علمني أحلم" لتمكين الفتيات الريفيات رقميًا
07 أكتوبر 2025 06:47 م
OpenAI تطلق ميزة جديدة داخل ChatGPT.. ما التفاصيل؟
07 أكتوبر 2025 02:50 م
لتعزيز السلامة.. مصر تدعم السيارات الذكية بتراخيص رسمية
04 أكتوبر 2025 01:24 م
أكثر الكلمات انتشاراً