السبت، 18 أكتوبر 2025

11:42 م

خبراء أمن يضعون "التوحش الرقمي" في قفص اتهام جريمة الإسماعيلية

الدكتورة إيناس عبد العزيز، خبيرة الأمن الرقمي و اللواء أشرف، الخبير الأمني والاستراتيجي

الدكتورة إيناس عبد العزيز، خبيرة الأمن الرقمي و اللواء أشرف، الخبير الأمني والاستراتيجي

لم تكن جريمة الإسماعيلية جريمة عادية يمكن أن تُطوى في صفحات الحوادث، فالفاعل طفل لا يتجاوز الثالثة عشرة من عمره، والمجني عليه زميله في الدراسة، أما التفاصيل فتنتمي إلى عوالم لا تليق إلا بأفلام الرعب أو ألعاب القتال الإلكترونية.. إنهاء حياة وتمثيل بالضحية، وإخفاء للأشلاء داخل حقيبة المدرسة!

أفعال لا تصدر عن عقلٍ بريء، بل عن فتى صغير تمّت إعادة تشكيل وعيه داخل عالم افتراضي بلا ضوابط ولا قيم، إنها جريمة تمثل نقطة تحوّل خطيرة في فهمنا لطبيعة العنف المعاصر، وتؤكد أن الخطر لم يعد يأتي من الشارع، بل من شاشة صغيرة بين أيدي أبنائنا.

الجاني والضحية في جريمة الإسماعيلية

التسلية تتحول إلى سم ثقافي

قبل سنوات، كانت الألعاب الإلكترونية وسيلة للتسلية، أما اليوم فقد أصبحت في كثير من صورها منصّات لتدريب غير مباشر على جرائم بشعة من “بابجي” إلى “كول أوف ديوتي”، ومن “فري فاير” إلى “روبلوكس”، تتعدد الأسماء وتختلف الأشكال، لكن النتيجة واحدة وهي تطبيع العنف في وجدان الصغار، وتحويل القسوة إلى وسيلة للفوز.

العالم يتغير من حول الصغار

في محاولة لفهم أسباب هذه النوعية من الجرائم، تواصلت “تليجراف مصر” مع خبيرة الأمن الرقمي الدكتورة إيناس عبد العزيز، التي قالت: “ما حدث في الإسماعيلية ليس حادثة جنائية فقط، بل انعكاس لانهيار المنظومة القيمية داخل العالم الرقمي".

وأضافت أن الألعاب الإلكترونية لم تعد مجرد وسيلة ترفيه، بل أصبحت أدوات لإعادة برمجة السلوك والعاطفة.

وتابعت: "بعض الألعاب يقدم أجواء للعنف داخل بيئة كرتونية بريئة، لكنها تغرس داخل من يمارسها من الصغار فكرة السيطرة المطلقة دون حدود أخلاقية. وحين يغيب دور الأسرة والمدرسة في المراقبة والتوجيه، يصبح العالم الافتراضي هو الأب والأم والمعلم معًا".

وأوضحت خبيرة الأمن الرقمي: “ما لم يُفرض وعي مجتمعي وتشريعي على هذه المنصات، فإننا سنواجه جيلًا يُجيد القـتل أكثر مما يُجيد التفكير".

خبيرة الأمن الرقمي، الدكتورة إيناس عبدالعزيز

العنف لم يعد يأتي من الخارج

من جانبه، قال الخبير الأمني اللواء أشرف عبدالعزيز: “جريمة الإسماعيلية صرخة مدوّية، تُعلن أن الخطر لم يعد في السلاح، بل في تلك الأدوات الرقمية التي تُدرّب أبناءنا على العنف داخل غرف نومهم”.

وأوضح عبدالعزيز في تصريح لـ"تليجراف مصر"، أن “كل مشهد دم في اللعبة، وكل جولة قتال يفوز فيها الصغير بالرصاص، هي رسالة خفيّة تزرع في عقله أن إنهاء حياة شخص آخر وسيلة للنجاة والانتصار و هذه ليست تسلية، بل عملية إعداد نفسي طويلة المدى".

وتابع: “جريمة الإسماعيلية لم تكن وليدة مصادفة، بل نتيجة تراكمات من الإهمال، والعزلة، والانغماس في عوالم رقمية تُعيد تشكيل الإدراك والطفل لم يعد يفرّق بين الحقيقي والافتراضي، فما يراه على الشاشة يترجمه جسدًا وسلوكًا في الواقع”.

الخبير الأمني، اللواء أشرف عبدالعزيز

وأضاف الخبير الأمني: “المسؤولية لا تقع على الأجهزة الأمنية وحدها، بل على الأسرة التي تركت الهواتف تربّي أبناءها، وعلى الإعلام الذي اكتفى بالصمت أمام زحف المحتوى العنيف".

وختم اللواء أشرف: “هذه الجريمة يجب أن تكون بداية حوار وطني جاد حول الأمن المعلوماتي، لأن أخطر معارك الأمن القومي اليوم تُدار داخل عقول الصبية الصغار لا في حدود الدولة، وآن الأوان لدق ناقوس الوعي حيث تُقرع أجراس الخطر اليوم من مدينة الإسماعيلية، لكن صداها يجب أن يُسمع في كل بيت ومدرسة ووزارة. فإذا لم نتحرك الآن لحماية أبنائنا من التوحش الرقمي، سنجد أنفسنا أمام جيلٍ يُجيد القـتل أكثر مما يعرف معنى الرحمة، فالخطر لا يسكن الشوارع بل في الأجهزة التي نحملها بأيدينا".

اقرأ أيضًا:

مسلسل “ديكستر” في الإسماعيلية، اعترافات الجاني الصغير من المنشار إلى الأكياس السوداء

"ديكستر الإسماعيلية"، تجديد حبس المتهم بإنهاء حياة صديقه بمنشار كهربائي

كيف تفوق "ديكستر الإسماعيلية" على بطل المسلسل في حادث إنهاء حياة صديقه؟

search