الثلاثاء، 28 أكتوبر 2025

07:29 م

نجوم القبة العليا.. بين التكريم والتجميل!

هل مجلس الشيوخ مكانٌ لتشريع المستقبل، أم مسرحٌ لعرض وجوه الحاضر المألوفة؟
السؤال عاد يتردد بعد إعلان قائمة المعينين الجدد بقرار من رئيس الجمهورية، تلك القائمة التي جمعت بين الممثل ياسر جلال، والمخرج المسرحي خالد جلال، والروائي أحمد مراد، إلى جانب نجل العالم الراحل الدكتور أحمد عمر هاشم.

تبدو التعيينات للوهلة الأولى كأنها مشهد من فيلم كتبه أحمد مراد وأخرجه خالد جلال وبطله ياسر جلال… لكن بدون جمهور ولا شباك تذاكر! فهل نحن أمام تجديد لدماء المجلس أم تجميل لصورته؟

ياسر جلال الذي عرفه الناس في أدوار البطولة والصرامة والوقار، يدخل اليوم بطولة جديدة من نوع آخر: “بطولة العمل العام”. فهل سيُترجم كاريزمته أمام الكاميرا إلى “كاريزما سياسية” داخل المجلس؟هل سيُدافع عن قضايا الفن والفنانين، أم سيكتفي بدور رمزي يؤكد أن الدولة تُحب الفنانين وتُقربهم إليها؟
في النهاية، لا أحد ينكر حضوره واحترامه، لكنّ المجلس ليس بلاتوه تصوير، ولا التصفيق فيه يأتي من المخرج… بل من الاقتناع والنتائج.
أما خالد جلال، صاحب التجارب المسرحية التي احتضنت مئات الوجوه الشابة، فهو يعرف جيدًا معنى صناعة الأمل على خشبة المسرح. لكن السياسة خشبة أصعب… والجمهور فيها لا يضحك بسهولة.
فهل سيحمل جلال مشروعًا لتطوير المسرح والثقافة الشبابية عبر المجلس؟ أم سيكتفي بدور "مستشار الوجاهة الثقافية" الذي يملأ الفراغ الجميل في الصورة الرسمية؟

ثم يأتي أحمد مراد، الكاتب الذي أجاد الغوص في عوالم الغموض والتاريخ والسحر، ليواجه الآن غموضًا من نوع آخر: غموض السياسات والتشريعات. هل سيكتب نصًا جديدًا للثقافة المصرية داخل القبة؟ أم سيكتفي بمراقبة المشهد كما يراقب مؤلف روايته شخصياتها وهي تتصارع على صفحات الورق؟
ربما نراه يقدم مبادرات لتطوير النشر، أو اقتراحات لحماية الملكية الفكرية، وربما يكتشف أن الواقع أكثر غرابة من أي رواية كتبها.
أما نجل الدكتور أحمد عمر هاشم، فحاله مختلف… فالكثيرون رأوا في اختياره لمسة وفاء لرجل عظيم خدم الأزهر والعلم والدعوة لعقود. لكن السؤال الصعب: هل يكفي الوفاء ليكون معيارًا للتعيين؟

هل نحن أمام جيل جديد يكمل مسيرة الآباء، أم أمام تقليد رمزي لتكريم الأسماء لا الأفكار؟ تكريم الأب جميل، لكن التكريم الأجمل أن يواصل الابن رسالته بجهدٍ يليق بالاسم الذي يحمله.
ولأننا في "نسخة جديدة" من المجلس نفسه، لم يغب أيضًا تكرار الأسماء القديمة: الإعلامي محمد شبانة، والصحفي محمود مسلم، عُيّنا للمرة الثانية.
ربما لأنها تجربة ناجحة! وربما لأن التجربة لم تُختبر أصلًا. هل هناك تقييم موضوعي لأداء الأعضاء السابقين؟ هل نعرف ماذا قدموا فعلًا؟ أم أن “التجديد بالاستمرارية” صار شعار المرحلة.
في النهاية، ليست المشكلة في من تم تعيينهم بقدر ما هي في فلسفة التعيين نفسها. وما هي المعايير!
هل الهدف هو تنويع الوجوه وإشراك رموز الفن والثقافة لتكون صوتًا للشعب؟ أم أن المطلوب مجرد صورة جميلة تُقال عنها في الأخبار: "المجلس يضم رموز الفكر والفن والأدب"؟
يظل السؤال الأهم: هل سيستطيع هؤلاء أن يكونوا “صوت الناس” داخل مجلسٍ يُفترض أنه بيت الخبرة والتوازن؟ أم سيكتفون بأداء دورهم في مشهد طويل اسمه “التمثيل الرمزي للنخبة”؟
مجلس الشيوخ ليس فيلمًا جديدًا، ولا مسرحية تنتهي بالتصفيق، إنه اختبار حقيقي لمن جلسوا على مقاعده: هل سيتحول الفنانون إلى صُنّاع سياسات، والمثقفون إلى مؤثرين في التشريع؟ أم سيبقى المجلس كما هو… مكانًا لتجميل الصورة بدل تغيير الواقع؟

search