الأحد، 02 نوفمبر 2025

12:26 ص

زينب عبد الرزاق

مصر وتركيا.. صحوة القرن ورهان المستقبل

في ليلة اتحدت فيها أنفاس التاريخ مع نبض الحاضر وملامح المستقبل، وقف السفير التركي في القاهرة صالح موطلو شن، على ضفاف النيل، ليعلن للعالم أن احتفال بلاده بذكرى الجمهورية الـ 102 ليس مجرد استعادة للماضي، بل هو إعلان ببدء فصل جديد في رحلة العلاقات بين بلاده ومصر، حيث حملت كلمته دلالات عميقة تجاوزت الطابع الاحتفالي الروتيني إلى آفاق استراتيجية أرحب.

لقد أكد السفير في كلمته أن هذه الذكرى تحمل رمزية استثنائية فهي احتفاء بمئة عام من الصداقة والتعاون التي تأسست منذ عام 1925، مشيراً إلى أن العلاقات الثنائية تشهد في السنوات الأخيرة نقلة نوعية حقيقية بفضل القيادة الحكيمة للرئيسين عبد الفتاح السيسي ورجب طيب أردوغان وهي نقلة لم تأتِ وليدة الصدفة بل كانت ثمرة جهود دؤوبة وإرادة سياسية راسخة من الجانبين.

ولعل أبرز ما أعلنه السفير هو تلك المحطة التاريخية الجديدة المتمثلة في عقد قمة مجلس التعاون الاستراتيجي رفيع المستوى مطلع عام 2026 في القاهرة وهو القرار الذي يضع إطاراً مؤسسياً متيناً لمرحلة مستقبلية أكثر عمقاً واتساعاً ويمثل رسالة واضحة للعالم بأن البلدين يسيران بخطى ثابتة نحو شراكة عميقة.

كما لم يغب البعد الإنساني والقضية الفلسطينية عن صلب خطاب السفير حيث جدد تأكيد موقف بلاده الداعم للسلام في الشرق الأوسط ومشدداً على أن تركيا ومصر تعملان يدا بيد لإنهاء معاناة الشعب الفلسطيني ومعلناً أن بلاده ستشارك بقوة في مؤتمر إعادة إعمار غزة المزمع عقده في القاهرة قريباً مما يعكس الدور الإقليمي الفاعل والمشترك للبلدين.

إلى جانب ذلك، أضاء السفير على الجانب الثقافي بوصفه جسراً يربط بين ضفتي الشعبين الشقيقين معلناً عن سلسلة من الفعاليات الثقافية والفنية الباهرة ضمن احتفالات المئوية والتي ستشمل عرض أزياء تركي وحفلات موسيقية في دار الأوبرا المصرية ومعارض للخط العربي والكاريكاتير في خطوة تهدف إلى تعزيز التبادل الثقافي وإحياء الروابط الإنسانية.

هذا الحفل الدبلوماسي لم يكن مجرد مناسبة عابرة بل كان تجسيداً حياً لعلاقة تاريخية متجذرة وإعلاناً صريحاً عن بداية مرحلة جديدة من التعاون الوثيق التي تشهد تنفيذ خطة طموحة لتعزيز التعاون في مجالات الطاقة والتجارة والاستثمار كما تمتد إلى تعزيز أواصر التعاون الثقافي والعلمي من خلال إطلاق برامج تبادل طلابي وبحثي بين الجامعات وتطوير السياحة المتبادلة.

إن ما حدث في تلك الأمسية على ضفاف النيل هو قصة نجاح دبلوماسي تستند إلى إرادة سياسية واعية ووعي بمتطلبات المرحلة حيث تظل هذه الشراكة الناشئة نموذجاً للعلاقات الدولية القائمة على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة والعمل معاً لتحقيق التقدم والازدهار وهي في جوهرها رسالة أمل تبعث بها مصر وتركيا إلى العالم مفادها أن التعاون والتفاهم هما الطريق الأصيل لبناء مستقبل أفضل للأجيال القادمة.

search