الفطرة والقانون
الأصل في نشأة الخلق هو المنح وليس المنع، المنع هو الاستثناء، ليس القاعدة العامة، ولكنه هام جدا لتوضيح حقيقة وفلسفة المنح، القوانين تسن بغرض تقنينا لممنوح من النعم والمقدرات، تسن لتوزيع عادل للثروات والحد من التغول على حقوق الآخرين سواء الأشخاص العادية أو الأشخاص الاعتبارية.
والقوانين تستمد فلسفتها من التشريعات الإلهية بكل وضوح، استدلالات واستنتاجات واجتهادات المشرع تدور فى فٌلك التشريعات الإلهية، وإلا… سيكون الحكم غير عادل، فنجد المشرع فى سنه للقانون يبذل كل الجهود للبعد عن هوى النفس في سن القانون أو في حكمه، فهو الحاكم بأمر الله في الأرض، وسيحاسب على نتيجة ذلك في الآخرة.
وتطبيق القانون ليس حِكراً على الجهات القانونية بل هو واجب أصيل على الفرد والمجتمع، واجب داخلي يحاكي الفطرة التي خُلق عليها الإنسان، نحاسب أنفسنا قبل أن يحاسبنا القانون، فلا تتعجل عزيزي القارئ وتظن أننا سنشبه الغابة، أقول لك إن للغابة قانونا بدون مشرعين، قانون بلا هيئة رقابية عليه، قد يحدث خروقات للقوانين أو تمرد عليها، ولكنها استثناء وليست القاعدة.
في بعض الأوقات تظن أن المشرع قد يملأ وقت فراغه بسن القوانين على سبيل اللهو أو على سبيل ممارسة مهامه القانونية عليك ولكن…. قد خص الله المشرع برأفة ورؤية مدهشة في سن قانون لحمايتك أنت من نفسك وليس من الآخرين فقط.
نعم، ففي واقع الأمر أنت الخطر الأكبر عزيزى القارئ، أنت خطر على حياتك، ثم يمتد خطرك على من حولك، فالمشرع رأى أن لا بد من وضع عقوبة على من لا يرتدي حزام الأمان بالسيارة، وأنت ترى أنه لا داعي له تماما، فالطرقات مزدحمة ولا مجال للخطر، وأن هذا الحزام خانق ومقيد للروح، نعم هذا هي النفس وهذه رؤيتك الشخصية المحدودة والتي إذا ما تركناها تتحكم، سوف تتوغل على الآخرين وتُكبت حرياتهم، بل وتأخذ من حقوقهم لصالح أهوائك أنت.
تخيل يا عزيزى انك تحتاج لقانون لحمايتك من نفسك، من تخاذلك تجاه حياتك، حتى الأم والأب فى حاجة لقانون لحماية الأبناء منهم والعكس، هل يصح ان تتغول على أهلك؟!
يرى المشرع أن قانون ضبط المؤثرات الصوتية، الضوضاء، التلوث السمعى، ضرورة مُلحة لتقويم المجتمع والحفاظ على السلم والهدوء العام، والخصوصية وعدم الإزعاج، والحفاظ على المزاج العام للمجتمع لإنتاجية أفضل وردود أفعال متزنة، بينما أنت ترى أنه افتراء وتحجيم لحريتك الشخصية فى فتق طبلة أذن الآخرين، وفرض إيقاعك الخاص المزعج على الجميع.
حتى أنت عزيزى القارئ إذا ما أتيحت لك الفرصة فى التحكم فى نعمة من نعم الله عليك، تتغول بها على الأضعف أو الأفقر أو الأجهل، فإذا دعت قدرتك على ظلم الناس فتذكر قدرة الله عليك، هكذا نشأنا وهكذا نقول وهكذا لا نفعل.
قوانين كثيرة لا يراها المواطن في صالحه، لكن في حقيقة الأمر لا يوجد قانون في صالحك أنت فقط، فالقانون هو للصالح العام، ينظم الصالح العام وينظم الصالح الخاص إذا كان لا يتعارض مع الصالح العام، لكن دائما ما تجد نفسك ترغب في كسر هذه الأطر المنظمة، لأنها تراها حواجز وقيود تعيقها النفس وأطماعها.
كما أن للقانون أهمية، وللفطرة السليمة أهمية، ولتنفيذ القانون أهمية، والرقابة على تنفيذه أهمية، ومتابعة الأثر التنفيذى أهمية، كل هذه الإجراءات والخطوات تحل محل الضمير، فلماذا لا نحفز ضمائرنا نحو الصالح العام للمجتمع ككل ليسلك وحده؟ لماذا نخالف الفطرة السليمة ونُغلف الضمير بسياج حديدى ونضعه في ثلاجة الموتى لحين دفنه، وتحديد موعد لأخذ العزاء؟
لماذا نتحايل على القوانين من أول إطراء مسامع سائق الميكروباص لإنزالك في منتصف الطريق مُعطلا للطريق كله، لأنك الأهم وصولا إلى تعطيل القوانين وعدم تنفيذها والالتفاف حولها وإيجاد الثغرات بها لأن الجانى هو الأهم.
لماذا ننصاع للقوانين خارج البلاد ونخشاها ونتجاهلها داخل البلاد وننساها؟ هل يعمل الضمير خارج البلاد فقط، أم سنجد له مركز صيانة في الداخل؟!
الأكثر قراءة
-
"الحاج الضوي" لـ سمر فودة: الجلابية رمز الصعيد والهوية المصرية
-
شقيق إسماعيل الليثي يكشف لـ"تليجراف مصر" تطورات حالته بعد حادث المنيا المروع
-
دخلا البلاد منذ 3 أيام، تفاصيل تحرش خليجيين بفتاة في نايل سيتي
-
بعد القبض على المتهمين، الفتاة المعتدي عليها من خليجي تشيد بالشرطة: "قادرة تحمي بناتها"
-
عاطف عجلان.. الحصان الأسود في سباق برلمان مصر 2025
-
موقف إجازة المدارس في انتخابات مجلس النواب 2025 ومواعيد التصويت
-
ساعتان تحبسان الأنفاس، 10 أشخاص "بين السماء والأرض" داخل أسانسير مستشفى بالشرقية
-
"قلبه وقف ورجع تاني"، تفاصيل الحالة الصحية للمطرب إسماعيل الليثي
مقالات ذات صلة
المتحف المصري الكبير
01 نوفمبر 2025 09:25 ص
"أنـا مـن يـُحــيي ويـميـت"
25 أكتوبر 2025 08:00 ص
الكنيست ١٩٧٧ – ٢٠٢٥
18 أكتوبر 2025 08:00 ص
شائعات تشويه السُمعة
11 أكتوبر 2025 09:00 ص
أكثر الكلمات انتشاراً