لماذا تتفكك البيوت في مصر؟
لم تعد زيادة نسب الطلاق في مصر مجرّد ظاهرة اجتماعية؛ إنها رسالة صادمة تقول إن مؤسسة الزواج كما نعرفها لم تعد قادرة على الصمود أمام واقع متغير، وعقليات لا تزال تعيش في الماضي، وأحلام معلّقة على اللاشيء.
نحن أمام مجتمع يريد زواجًا ناجحًا لكنه يرفض أن يتغيّر… يريد بيتًا مستقراً لكنه يبنيه على جروح، وكبرياء، وثقافة وراثية بالية.
زواج بنية “الشكليات” لا بنية الشراكة
الحفلات الفخمة، الصور، الفستان، الشقة، الأثاث… كل شيء يأخذ أهم من الإنسان نفسه.
نختار شريك العمر بالطريقة نفسها التي نختار بها “المظاهر”:
هل شكله مناسب؟ هل وضعه الاجتماعي جيد؟ هل المهر كبير؟
ثم نتفاجأ أن الزواج ليس “مشروع من إعلانات التلفزيون”.
هو مشروع تعاون وصبر وتواصل… وكلها مهارات لا أحد يهتم بتعلّمها.
السوشيال ميديا… الفيروس الذي يخرّب البيوت ببطء
نعم… السوشيال ميديا أصبحت أداة هدم لا تقل خطرًا عن أي خيانة.
• مقارنة مستمرة بحياة الآخرين
• معايير زائفة للحب والسعادة
• علاقات افتراضية جاهزة عند أول زلة
• ومساحات مفتوحة للهروب بدل المواجهة
أصبحت الزيجات تسقط لأن أحدهم رأى “بوست” مزيف ظنه يمثل الحقيقة.
اقتصاد خانق… لكنه كشف هشاشتنا النفسية
صحيح أن الغلاء ضغط رهيب، لكن الحقيقة المرة:
الكثير من الأزواج غير قادرين نفسيًا على إدارة حياة تحت ضغط.
الضغوط ليست المشكلة وحدها… المشكلة أننا نملك أعصابًا منهكة، وصبرًا قليلًا، وغضبًا جاهزًا،
فصار البيت مكانًا تُسكب فيه السموم اليومية، لا مكانًا للحماية والطمأنينة.
التدخل العائلي: احتلال كامل لجسد العلاقة
الزواج في مصر ليس علاقة بين اثنين… بل بين ستة وثمانية وعشرة.
الأهل يتدخلون في القرارات، في المشاكل، في التربية، وحتى في توقيت الصلح أو الانفصال.
أصبح وجود الزوجين داخل العلاقة أضعف من نفوذ الأطراف الخارجية،
فكيف لبيت أن يصمد وهو ليس ملك أصحابه؟
ثقافة الحوار الميتة
البيوت لا تنهار بسبب الخلاف… بل بسبب الطريقة التي نختلف بها.
في مصر، الخلاف يتحول إلى:
• عقاب
• عناد
• انسحاب
• صمت مطبق
ولا أحد يريد أن يتنازل أو يعترف أو يفهم.
صوت “أنا صح” أعلى من صوت “نحن نريد أن ننجو”.
جيل يفهم حقوقه… لكنه لا يفهم كيف يعيش علاقة
الوعي زاد، لكن دون تدريب أو نضج.
جيل كامل يقول: “مش هكمّل في علاقة مؤذية” — وهذا صحيح ومهم.
لكن المشكلة أنه أحيانًا لا يعرف أين ينتهي الأذى وأين يبدأ سوء الفهم.
ولا يعرف متى يُنقذ العلاقة ومتى يخرج منها.
في النهاية، يلجأ كثيرون للحل الأسرع: الطلاق.
وأخيراً وليس آخراً:
الطلاق في مصر ليس أزمة قانون… إنه أزمة نفوس.
أزمة جيل نصفه يريد زواجًا عصريًا، ونصفه الآخر يريد سلطات قديمة.
أزمة بيوت تعيش في صمت مشوّه، يقتلها التدخل، والضغط، والمقارنة، والغرور.
أزمة مجتمع لم يفهم بعد أن الزواج ليس مسابقة اجتماعية، ولا صفقة اقتصادية، ولا علاقة صبر مؤذ…
بل فنٌّ، يحتاج إلى نضج، وإدارة، وتواصل، ومشاعر لا تذبحها الأنانية..
الأكثر قراءة
-
إغلاق طريق "الإسكندرية – القاهرة" الصحراوي بسبب الشبورة الكثيفة
-
"إخواته شاهدين"، التحقيقات تكشف تفاصيل جديدة في جريمة "طفل الإسماعيلية"
-
داخل كيس بلاستيك، سيدة تعثر على صغيرة متوفاة أمام باب شقتها ببولاق
-
"كان عايز يفضحني"، ننشر اعترافات المتهم بجريمة طفل الإسماعيلية (خاص)
-
اعرف لجنتك، رابط الاستعلام عن لجنة انتخابات مجلس النواب 2025
-
رابط الاستعلام عن نتيجة قرعة حج الجمعيات 2026، وأسعار البرامج والخدمات
-
سعر صرف الدولار اليوم السبت 22 نوفمبر 2025
-
طوابير حاشدة وسط الدمار، أيفون 17 يثير الخوف والتساؤلات في قطاع غزة
مقالات ذات صلة
حتى ُتزهر الديمقراطية عندنا
20 نوفمبر 2025 08:32 ص
لماذا نحتاج إلى بيت الطاعة؟!.. اختبار أخير قبل الرحيل
16 نوفمبر 2025 10:24 ص
الطلاق.. حين يصبح القرار الصعب هو أصدق أشكال الرحمة
12 نوفمبر 2025 10:55 ص
حب إيه؟ حين يحتفل المجتمع بما لا يعرفه
04 نوفمبر 2025 01:07 م
أكثر الكلمات انتشاراً