"من داخل فصولهم"، القصة الكاملة لضحايا سيدز الدولية
مدرسة سيدز الدولية
في واحدة من أكثر القضايا التي أثارت صدمة وغضبًا واسعًا في الشارع المصري، تفجرت واقعة الاعتداء على عدد من الأطفال داخل مدرسة سيدز الدولية بمنطقة السلام، بعدما تقدّم أولياء الأمور ببلاغات تتهم عددًا من العاملين بالمدرسة باستغلال أطفال لم تتجاوز أعمارهم ست سنوات.
ومع تطور الأحداث، تحركت الأجهزة الأمنية ووزارة التربية والتعليم لفتح تحقيقات موسعة، وبدأت شهادات الأهالي تتكشف لتكشف معها حجم مأساة إنسانية أثارت تساؤلات حادة حول مسؤولية الإدارة المدرسية، وغياب الرقابة، وضعف إجراءات حماية الأطفال، وبين روايات الضحايا وإجراءات الدولة، تتحول القضية إلى محور اهتمام الرأي العام، بحثًا عن الحقيقة ومحاسبة كل من ثبت تورطه أو تقصيره.

يوم الواقعة
البداية كانت عند أم لإحدى الصغيرات، والتي لاحظت تغيرات طرأت على ابنتها، فأخذتها إلى طبيب مختص، ومن جهته أقر بوجود شبهة تعرضها لاعتداء، لتتوجه بعدها مباشرة إلى قسم الشرطة لتحرير محضر بالواقعة.
استمرت التحقيقات في الواقعة، والتي نتج عنها نتائج صادمة، وهي وجود أطفال آخرين تعرضوا للإعتداء في غرفة داخل المدرسة، أُطلق عليها فيما بعد بالغرفة المرعبة، من قبل أربعة موظفين، الأمر الذي أدى إلى فتح تحقيق موسع من أكثر من جهة.
القبض على المتهمين
في البداية ألقت الأجهزة الأمنية بمديرية أمن القاهرة، القبض على 4 موظفين من المدرسة، ثلاثة منهم عمال نظافة والرابع فرد أمن المدرسة، تتراوح أعمارهم بين 28 و 68 عام، لاتهامهم بالتورط في وقائع التعدي الجسدي على الأطفال هناك، وجاء ذلك بعد تلقي عدة بلاغات من أولياء الأمور، وباشرت فرق البحث والتحري عملها، الأمر الذي سهّل تحديد وضبط المشتبه فيهم.

القضية الصادمة، أعادت للأذهان قصة ياسين طفل البحيرة، أو المعروف بـ سبايدر مان، والتي عوقب فيها الجاني بالسجن 10 سنوات بعد تعديه المتكرر على يس.
البلاغ الأولى أعقبه ظهور حالات أخرى لأطفال من نفس المرحلة العمرية، لذلك بدأ السلطات في إتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة لكشف ملابسات الواقعة، ومحاسبة كل المتورطين، فضلًا عن متابعة الحالة النفسية للأطفال أنفسهم بالتنسيق مع الجهات المعنية.
طريقة الاستدارج
كشفت التحقيقات الأولية مع المتهمين عن معلومات تتعلق بطريقة استدراج الأطفال، بالإضافة إلى المواقع التي كانوا يستخدموها لفعل جريمتهم الشنيعة، فكشفت واحدة من الصغيرات أنها كانت تُستدرج إلى غرفة تستخدم كمخزن ملاصقة لغرفة السائقين، وتهديدهم بآلات حادة (سكين) لمنعهم من الصراخ أو كشف ما يحدث داخل الغرفة.
على جانب آخر، حكت طفلة أنها تعرضت للتهديد بعصا خشبية داخل الغرفة نفسها، وأن المتهمين كانوا يجبرونها حتى تصمت، فيما أكد طفل ثالث أنه تم ايهامه بأن ما يتم معه هو فقط لعبة، فلا داعي أن يتحدث مع الآخرين عنها، وعلى الرغم من أنهم حوالي 5 أطفال حتى الآن، إلا أن العدد قابل للزيادة.
أقوال الشهود
لم يتوقف التحقيق عند سماع أقوال أولياء أمور الأطفال، بل اتجهت للاستماع إلى أقوال المتهمين الأربعة، وكذلك المسؤولين عن المدرسة، للوقوف على ملابسات القضية التي أثارت غضب الأهالي واستكمال مسار التحقيقات، ونتج عن ذلك تحفظ رجال المباحث بمديرية أمن القاهرة على كاميرات المراقبة الخاصة بالمدرسة.
الغرفة المرعبة
وحجزت جهات التحقيق المختصة بالقاهرة المتهمين، وتحفظت على الغرفة المرعبة الشاهدة على وقائع الاعتداء على الأطفال، إذ تم غلقها لمنع إخفاء أي أدلة، إلى أن اعترف أحد المتهمين بارتكابه الواقعة، بينما انكر البقية ما نُسب إليهم.

قضية رأي عام
حينها، قررت جهات التحقيق استدعاء عدد من أولياء الأمور وأطفالهم مرة أخرى، للاستماع لأقوالهم بعد ساعات قليلة من صرفهم، حيث بدأت القضية تأخذ منعطف آخر، وأصبحت مسألة رأي عام، بعدما تدوالها كبار الإعلاميين بمصر مثل عمرو أديب ولميس الحديدي وتامر أمين وغيرهم.
بيان مدرسة سيدز الدولية
لم تصمت إدارة سيدز فترة طويلة، بل أصدرت بيانًا رسميًا حول الواقعة، موضحة أن سلامة الطلاب وكرامتهم أولوية، فضلًا عن كونهم أمانة في أعناق الإدارة تُصان بكل مسؤولية وحرص.
وأكدت سيدز على دعمها الكامل لأولياء الأمور الذين أبلغوا السلطات بالحادثة، وتثمين حرصهم ومسؤوليتهم في حماية أبنائهم، مشيرة إلى أنها تقف إلى جانبهم وتتخذ كل التدابير اللازمة لضمان سلامة الأطفال.
ودافعت المدرسة عن نفسها زاعمة أنها تتمتع بسمعة طيبة على مدار سنوات طويلة، قائمة على الانضباط والجودة وتقديم بيئة تعليمية آمنة، وأن منظومة الأمن والسلامة فيها مفعلة وفق أعلى المعايير.
فتح تحقيق إداري داخلي
ومن جهة أخرى، شرعت إدارة سيدز فورًا في فتح تحقيق إداري داخلي، للتحقق من الالتزام بالسياسات والإجراءات، ورصد أي ثغرات محتملة قبل عودة الطلاب إلى المدرسة.
وشملت الإجراءات الجديدة تعزيز الإشراف على الطلاب في جميع الأوقات، وقصر التواجد في بعض المرافق على الكوادر النسائية، ورفع مستوى الرقابة التكنولوجية، وتنفيذ برامج توعوية للمشرفين والطلاب حول السلوكيات الآمنة بالتعاون مع جهاز الأمومة والطفولة.
وأكدت الإدارة استمرارها في التواصل مع أولياء الأمور لتزويدهم بأي مستجدات، والاستماع إلى أي استفسارات أو ملاحظات، مشيرة إلى أنها لا تدافع عن أي شخص قد يثبت تورطه في الواقعة، وأن الحقيقة ستتضح عبر التحقيقات الرسمية.
واصطحبت جهات التحقيق المتهمين في الواقعة إلى موقع الحادث، لتمثيلها والاطلاع على ملابساتها أمام الضحايا وأسرهم، كما تم تفريغ كاميرات المراقبة داخل المدرسة بالكامل، ضمن الإجراءات القانونية الجارية لفحص كل التفاصيل واستكمال التحقيقات بشكل دقيق.
دور وزارة التربية والتعليم
من جانبه، تابع وزير التربية والتعليم والتعليم الفني، محمد عبد اللطيف، التفاصيل الكاملة حيال الواقعة، ووجه بسرعة إيفاد لجنة موسعة إلى المدرسة للتقيق فيما حدث، وعليه أصدر بعض القرارات، ومنها:

- وضع المدرسة تحت الإشراف المالي والإداري من قبل الوزارة بشكل كامل.
- إحالة كافة المسؤولين الذين ثبت تورطهم في التستر أو الإهمال الجسيم في حماية الطلاب بالمدرسة للشئون القانونية.
جرم المساس بالطفل
ووجه محمد عبد اللطيف رسالة مؤثرة، قال بها: "لا يوجد جرم أشد قسوة من أن تمتد يدٌ إلى طفل، أطفالنا أمانة في أعناقنا، وحمايتهم واجب لا يقبل التهاون وأي مدرسة لا تلتزم بمعايير الأمان والسلامة ولا تصون حقوق أبنائنا لا تستحق أن تكون ضمن المنظومة التعليمية المصرية وسيتخذ ضدها اجراءات رادعة".
وشدد الوزير على أن المساس بأي طفل هو جريمة لا تُغتفر، وأولوية التعامل معها تسبق أي شأن تعليمي، فصون كرامة وسلامة الأطفال وحمايتهم هو صون للوطن بأكمله.

الحبس أربع أيام
فيما بعد قررت جهات التحقيق حبس موظفين المدرسة المتهمين أربعة أيام على ذمة التحقيقات، وكلفت النيابة المختصة بعرض الصغار الخمسة على الطب الشرعي لإجراء الفحوصات اللازمة وبيان ما تعرضوا له، تمهيدًا لاستكمال التحقيقات في الواقعة التي أثارت اهتمام الرأي العام ولا تزال محل فحص موسع من جهات التحقيق.
أقوال إحدى الضحايا
وقالت واحدة من الأطفال أمام النيابة: "عمو الكبير مصاحب الأطفال كلهم، وفي يوم خدني من الجاردن قبل ما أتوبيس المدرسة يتحرك على أوضة ضلمة في المدرسة، وقلعني الـ(……) وحط إيده عليّا، وقلع هو كمان، بس أنا خوفت وغمضت عيني، وكنت لما بعيط بيحط إيده على بؤي وقال لي إوعي تقولي لحد على حاجة".
الدعم النفسي من الأمومة والطفولة
لم يصمت المجلس القومي للطفولة والأمومة من جانبه، بل تابع عبر الإدارة العامة لنجدة الطفل الواقعة، وأوضحت سحر السنباطي رئيسة المجلس، أن وحدة الدعم القانوني بالمجلس تتابع التحقيقات الجارية، مشيرة إلى أن فريقًا من الأخصائيين النفسيين التابعين للمجلس سيبدأ زيارة الأطفال وأسرهم لتنفيذ خطة تأهيل متكاملة، باستخدام أساليب حديثة للتعامل مع القلق والاكتئاب واضطراب ما بعد الصدمة، بما يعزّز شعورهم بالأمان ويساعدهم على استعادة الثقة.

وأدانت السنباطي الواقعة بشدة، مؤكدةً أن المتهمين يواجهون تهمة الخطف المقترن بهتك العرض، وهي جريمة تصل عقوبتها إلى الإعدام وفقًا للمادتين 289 و290 من قانون العقوبات.
ماسك أسود واعتداء من مجهول
الأمر الذي زاد القصة بشاعة، هو قول إحدى الفتيات التي أكدت أمام النيابة، أنها تعرضت للاعتداء على يد شخص مجهول لم تتعرف عليه، واصفة إياه أنه مان يرتدي "ماسك أسود" ودخل نفس الغرفة المرعبة التي وقعت بها الجريمة، وهو ما يشير إلى وجود متهمين آخرين بجانب المقبوض عليهم، فضلًا عن وجود شبهات أيادٍ أخرى ساعدت الفاعلين الأصليين في تنفيذ الاعتداءات.

وأمس الأحد، نظرت جهاد التحقيق جلسة تجديد حبس عاملي نظافة وعامل صيانة وفرد أمن.
وعليه قررت جهات التحقيق، حبس المتهمين لمدة 15 يومًا على ذمة التحقيقات، وذلك بعد عرضهم واستكمال سماع أقوالهم في القضية.
تعديل القرار الوزاري
وقرر وزير التربية والتعليم تعديل القرار الوزراي المنظم لعمل المدارس الخاصة والدولية في مصر، والصادر عام 2014، بما يتوافق مع المستجدات داخل منظومة التعليم الخاص والدولي.
هذا التعديل يهدف إلى ضمان بيئة مدرسية متسقة مع خطط وزارة التربية التعليم، وتوفير خدمة تعليمية صالحة ومرضية للأطراف كافة، مع إحكام العلاقة بين المدارس وأولياء الأمور، وجعل حقوق الطالب وأمنه وسلامته التربوية والتعليمية في صدارة الأولويات.
ومن جانبه، أصدر السيد محمد عبداللطيف، الكتاب الدوري رقم (19) بشأن آليات تعزيز وحماية أمن وسلامة الطلاب في المدارس الخاصة التي تطبق مناهج ذات طبيعة خاصة دولية، وتتضمن التعليمات التنفيذية التالية:
أولًا: المراقبة والحماية التقنية
تحديث شامل لأنظمة المراقبة (CCTV)، أي يتم إلزام المدارس بتحديث أنظمة كاميرات المراقبة، والتأكد من تغطية كافة المساحات داخل نطاق المدرسة وفصولها دون استثناء.
المتابعة المستمرة للمراقبة، من خلال تكليف أكثر من موظف بمتابعتها بشكل مستمر حتى انتهاء اليوم الدراسي، مع الإبلاغ الفوري لمدير المدرسة عن أي مخالفات من شأنها الإخلال بأمن وسلامة الطلاب.
سجلات دخول الغرباء، ةتشمل التأكيد على تفعيلها أمنيًا داخل المدارس لضبط ومراقبة دخول وخروج أي شخص غريب عن المدرسة.
ثانيًا: فحص واعتماد العاملين
الفحص الدوري للموظفين من خلال تحليل المخدرات، من خلال إلزام المدارس بالمتابعة الدورية لإجراء الكشف عنها لكافة العاملين بالمدرسة (معلم، إداري، مشرف، سائق، خدمات معاونة، وغيرهم)، ولأي موظف جديد يلتحق بالعمل.
لا يجوز منح أو تجديد الترخيص للمدرسة إلا بعد تقديم ما يثبت ذلك.
اعتماد العاملين الأجانب
ضرورة اعتماد جميع عقود العاملين الأجانب وتصاريح العمل الخاصة بهم من الجهات المختصة.
صحيفة الحالة الجنائية واعتماد العاملين
إعطاء مهلة 14 يوم لاعتماد جميع العاملين لدى الإدارات التعليمية، مرفق معها صورة من صحيفة الحالة الجنائية أي الفيش والتشبيه لكافة العاملين.
التوقف عن نشر صور الضحايا
وأخيرًا، ناشدت والدة أحد ضحايا، الجميع بالتوقف عن نشر صور الأطفال أو أي محتوى يتعلق بحياتهم الخاصة، موضحة أن الأسر تعيش أيامًا صعبة، وأبنائها تعيش حالة تفسية سيئة بعد الحادث المشين، حيث أن تداول الصور والمعلومات الشخصية يزيد من معاناة الضحايا ويعرضهم لضغط نفسي كبير.
اقرأ أيضًا
على طريقة الطفل ياسين، بلاغات بالاعتداء على طالبات داخل مدرسة دولية بالسلام
الأكثر قراءة
-
"تعدى عليها حتى الموت في المياه"، أم تستذكر تفاصيل وفاة ابنتها بعد قضية أطفال سيدز (خاص)
-
حافظة للقرآن تحلم بدراسة الطب، والدة "أيسل" ضحية العين السخنة: 15 عاما سجنا لا تكفي
-
وفاة حيضر إبراهيم نائب مدير عام المجالس الطبية والأقصر تستعد لتشييع جثمانه
-
مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 24 نوفمبر 2025 في مصر
-
موعد صرف معاش ديسمبر 2025 بعد الزيادة الجديدة.. تعرف على أماكن الصرف
-
عمرها 3 سنوات، وفاة طفلة اعتدي عليها شقيقها المراهق ببنها
-
زينة وأيسل والمجرم الصغير، براءة مسروقة و“جرح لا يندمل”
-
تكشف أسرار الماضي، تقنية حديثة ترسم صورًا ثلاثية الأبعاد لكنوز مقابر وادى الملوك
أخبار ذات صلة
زوجها تخلى عنها، أم تناشد لإنقاذ أطفالها: "هبيع كليتي" (خاص)
24 نوفمبر 2025 06:23 م
أنواع حراس المرمى، من الحارس التقليدي إلى الليبرو وثورة نوير
24 نوفمبر 2025 05:08 م
ديربي شمال لندن، هل تعلمتم الدرس؟ (تحليل)
24 نوفمبر 2025 02:00 م
سباق رمضان 2026، صناع مسلسل "خلي بالك من مراتك" يكشفون لـ "تليجراف مصر" تفاصيل العمل
23 نوفمبر 2025 09:40 م
انهيار ليفربول أمام فورست يكشف فوضى اختيارات أرنى سلوت، (تحليل)
23 نوفمبر 2025 03:45 م
"لو احتاجوا تاني يشيلوا بيتي"، إمام مسجد يضحي بجزء من منزله لتوسيع الطريق
22 نوفمبر 2025 09:08 م
الطفل محمد يحصد أعلى النقاط.. درجات المتأهلين ومغادري "دولة التلاوة"
21 نوفمبر 2025 11:38 م
تشابي ألونسو.. عبقري "فالديبيباس" ما زال يلعب على الخط
21 نوفمبر 2025 12:02 م
أكثر الكلمات انتشاراً