الإثنين، 24 نوفمبر 2025

09:33 م

تايوان تدق طبول الحرب بين الصين واليابان، مطامع تاريخية في جزيرة "الجبال الشاهقة"

رئيسة الوزراء اليابانية، ساناي تاكايتشي

رئيسة الوزراء اليابانية، ساناي تاكايتشي

تصاعدت حدة التوتر بين الصين واليابان، بعدما أصدر وزير الخارجية الصيني، وانج يي، بيانًا هاجم فيه تصريحات رئيسة الوزراء اليابانية ساناي تاكايتشي بشأن تايوان، واعتبرها إشارات خطيرة تمس سيادة الصين.

تحذيرات صينية

وقالت رئيسة الوزراء اليابانية، ساناي تاكايتشي أمام البرلمان، إن أي هجوم صيني على تايوان قد يستدعي ردًا عسكريًا من طوكيو. وهو تصريح اعتبرته بكين تجاوزًا لـ"خط أحمر" لا ينبغي المساس به، وفق ما أكده وزير الخارجية الصيني، في بيان رسمي نُشر أمس الأحد.

وانتقد وانج، وهو أعلى مسؤول صيني يعلق علنًا على هذا الملف منذ اندلاع الخلاف قبل أكثر من أسبوعين، ما وصفه بالإشارات الخاطئة التي تبعث بها اليابان بشأن تايوان. 

واتهم، تاكايتشي بالسعي إلى تدخل عسكري في قضية تعتبرها بكين شأنًا داخليًا، بحسب ما ذكرته صحيفة "الجارديان" البريطانية.

وزير الخارجية الصيني وانج يي

وأضاف أنه إذا استمرت طوكيو في مسارها الخاطئ، لا بد من جميع الدول والشعوب إعادة النظر في جرائم اليابان التاريخية، والتصدي بحزم لعودة النزعة العسكرية اليابانية.

موقف طوكيو، ودعوة للتهدئة

وفي المقابل، رفضت وزارة الخارجية اليابانية، اتهامات بكين ووصفتها بأنها غير مقبولة على الإطلاق، مؤكدة أن التزام طوكيو بالسلام ثابت ولم يتغير.

وخلال مؤتمر صحفي في جنوب أفريقيا على هامش قمة مجموعة العشرين، امتنعت تاكايتشي عن الرد على تصريحات وانج، مشيرة إلى أن طوكيو لا تزال منفتحة على الحوار. 

موقف تايوان من الجانبين

أما تايوان، التي تعتبرها الصين إقليمًا تابعًا لها، فنددت بالرسالة الصينية الموجهة إلى الأمم المتحدة، مؤكدة أن مستقبل تايوان التي تُعرف بجزيرة “الجبال الشاهقة” يقرره شعبها وحده. 

وأضافت أن الصين تنتهك مادة في ميثاق الأمم المتحدة حظر التهديد باستخدام القوة أو استخدامها بالفعل في العلاقات الدولية.

استطلاع على الحرب الكلامية

في استطلاع رأي أجرته وكالة كيودو اليابانية للأنباء، بعد أسبوع من بدء الحرب الكلامية، حصلت إدارتها على نسبة تأييد بلغت 69.9%، ومن اللافت للنظر أن ما يقرب من 49% أيدوا حق اليابان في الدفاع عن النفس بشكل جماعي في حال نشوب أزمة مع تايوان، مقابل 44.2% عارضوا ذلك.

موجة إلغاءات للرحلات بين الصين واليابان

وفي تطور يعكس حجم التوترات بينهما، شهدت شركات السفر الصينية، إلغاءً جماعيًا للرحلات إلى اليابان، حيث سُجل خلال الأسابيع الماضية، إلغاء أكثر من 500 ألف تذكرة، في أكبر موجة من نوعها منذ جائحة كورونا.

وتشير البيانات، إلى أن 75.6% من حجوزات الرحلات إلى اليابان أُلغيت في يوم واحد، وبدأت شركات الطيران بإعادة الأموال كاملة للمسافرين، وسط توقعات بخسائر بمليارات اليوان.

وجاءت موجة الإلغاءات عقب تحذير رسمي من السلطات الصينية لمواطنيها بعدم السفر إلى اليابان لدواعٍ أمنية، وهو ما فُسر على أنه جزء من الرد الصيني على تصريحات تاكايتشي.

ضغوط اقتصادية وثقافية

ذكرت وسائل إعلام صينية، أن شركات التوزيع السينمائي الصينية، قررت تأجيل عرض فيلمين يابانيين، وإلغاء الحفلات الموسيقية اليابانية، في خطوة تُعد إحدى أدوات الضغط الاقتصادي.

في الوقت نفسه، نشرت صحيفة الشعب، الناطقة باسم الحزب الشيوعي الصيني، افتتاحية حذّرت فيها من أن تدخل طوكيو في مضيق تايوان، يعمل على تحويل اليابان إلى ساحة معركة.

مناورات صينية وتحذيرات يابانية 

في خضم هذه الأجواء، أعلنت إدارة الأمن البحري الصينية، تنفيذ مناورات عسكرية بالذخيرة الحية في مناطق جنوب البحر الأصفر، وردًا على ذلك، دعت طوكيو، مواطنيها في الصين إلى اتخاذ احتياطات أمنية وتجنب المناطق المزدحمة.

ورغم تصاعد التوتر، أكد وزير الخارجية الياباني، توشيميتسو موتيجي أمام البرلمان، أن بلاده تبذل جهودًا لشرح تصريحات تاكايتشي، لافتا إلى وجود خطط لإرسال دبلوماسي رفيع إلى بكين لبحث الأزمة بشكل مباشر.

الجذور التاريخية لتايوان

تتمتع تايوان حاليًا بحكم ذاتي على الرغم من أن بكين تعدها إقليمًا متمردًا على سلطة جمهورية الصين الشعبية الكبرى، أما تايوان فترى أنها الأحق في حكم كل من تايوان وجمهورية الصين الشعبية، بحسب شبكة “بي بي سي” البريطانية. 

وتعود جذور الخلاف بين الصين وتايوان إلى حقب تاريخية متعاقبة، بدأت عندما خضعت تايوان المعروفة رسميًا باسم "جمهورية الصين الوطنية" للحكم الياباني عام 1895 بموجب معاهدة "شيمونوسيكي" بعد هزيمة الصين في الحرب الصينية، اليابانية الأولى. واستمرت السيطرة اليابانية حتى نهاية الحرب العالمية الثانية عام 1945، حين استعادت الصين الجزيرة.

وبعد الحرب، كانت جمهورية الصين ممثلة للصين كاملة في الأمم المتحدة، بل وشغلت أحد المقاعد الخمسة الدائمة في مجلس الأمن، لكن هذا الوضع تغير عام 1971، عندما أصدرت الأمم المتحدة قرارها الشهير رقم 2758، الذي نقل المقعد إلى جمهورية الصين الشعبية باعتبارها الممثل الشرعي الوحيد للصين.

وتعود خلفية هذا التحول إلى الحرب الأهلية الصينية التي اندلعت بين قوات القوميين (الكومينتاج) والشيوعيين عقب تأسيس جمهورية الصين عام 1912، وبعد هزيمة القوميين عام 1949، انسحبوا إلى تايوان وأسسوا حكومتهم هناك، فيما أعلن الشيوعيون، قيام جمهورية الصين الشعبية في بكين.

ورغم استعادة بكين السيطرة على هونج كونج عام 1997 وماكاو عام 1999، بقيت تايوان خارج سلطة الحكومة الصينية، لتتحول إلى إحدى أكثر القضايا حساسية في السياسة الصينية المعاصرة.

تايوان نظام نصف رئاسي

تعتمد تايوان على نظام حكم نصف رئاسي يقوم على انتخابات تعددية، ورغم ذلك، تفضل غالبية دول العالم التعامل معها في إطار غير رسمي خشية إثارة غضب بكين التي تعتبر الجزيرة إقليمًا انفصاليًا وتسعى إلى إعادة ضمها.

ومنذ نهاية الحرب الأهلية وحتى اليوم، يعتبر مستقبل الجزيرة أعقد الملفات في شرق آسيا، ومحورًا دائمًا للتوتر بين الصين وحلفائها من جهة، وتايوان وحلفائها من جهة أخرى.

اقرأ أيضًا:

بعد تحذير تايوان لـ أمريكا.. هل تعيد الصين ترتيب القوى في المنطقة؟

search