الخميس، 04 ديسمبر 2025

05:26 م

لا حكمة أو لياقة، استياء في مصر من بيان إثيوبيا بشأن سد النهضة

سد النهضة - أرشيفية

سد النهضة - أرشيفية

طالت انتقادات واسعة بيان وزارة الخارجية الإثيوبية، الذي أصدرته أمس بشأن سد النهضة، وزعمت خلاله أن مصر تسعى لاحتكار مياه النيل، وأن إثيوبيا لا تلتزم بطلب الإذن من أي جهةٍ لاستخدام الموارد الطبيعية الموجودة داخل حدودها.

إثيوبيا اخترقت المعاهدات الدولية

وتعليقًا على بيان أديس أبابا، قال وزير الري والموارد المائية الأسبق، محمد نصر علام، إن حقوق مصر المائية تنص عليها كل النظم والاتفاقيات الدولية، ومنها اتفاقية مع إمبراطور إثيوبيا عام 1902، ونصت على منع إقامة أي منشآت على النيل تعوق مساره.

وأضاف علام في تصريحات لـ"تليجراف مصر"، أن إثيوبيا هي التي انتهكت النظم الدولية، موضحًا: “مصر تريد السلام وتستخدم حصتها المائية.. مصر هي من أقامت السدود والقنوات في حضارتها القديمة منذ أكثر من 4000 سنة.. مصر أول دولة أدخلت الزراعة في العالم”.

ووجه الوزير الأسبق رسالة: “أنصح إثيوبيا تأخد دروسًا في التاريخ.. عندنا في الابتدائية مادة اسمها مبادئ التاريخ.. أنصحهم يتعلموها ليعرفوا كيف استخدم المصري القديم النيل لتشييد حضارته”.

تعدى حدود اللياقة

ووصف عضو مجلس النواب الإعلامي مصطفى بكري، البيان الإثيوبي بأنه تعدى كل حدود اللياقة والحكمة، واتسم بالخروج على كل الأعراف الدبلوماسية.

وأضاف بكري في بيان له عبر حسابه الشخصي بموقع “فيسبوك”، أمس، أن البيان حمل - تجنيًا - على موقف مصر من الدفاع عن حقها في مياه النيل، ورفضها للسيطرة الإثيوبية، وعدم الاعتراف بالاتفاقات الدولية.

واعتبر النائب أن اتهام إثيوبيا للحكومة المصرية بأنها تسعى لزعزعة الاستقرار في القرن الأفريقي للتأثير من خلال دول تابعة ومنقسمة، تطاولًا وكذبًا، إذ إن البيان الإثيوبي يمثل استمرارًا لخطاب الزيف والأباطيل الذي تتبناه إثيوبيا، في محاولة لكسب الرأي العام بداخلها، خاصة مع ازدياد حالات السخط تجاه ممارسات حكومة آبي أحمد.

مضيفًا: “مصر لن تفرط في حقوقها المائية، وعلى إثيوبيا أن تراجع نفسها”.

تصدير مشكلات لمصر 

وعلّق الإعلامي أحمد موسى، من جهته، على البيان الإثيوبي، معتبرًا أن النظام الإثيوبي يريد استخدام السد كورقة سياسية ضد مصر، مرجعًا أن الهدف من بناء السد هو تصدير مشكلات لمصر، بهدف زعزعة استقرارها، ليكونوا ممسكين عنها المياه.

العين بالعين

وأكد موسى خلال تقديم برنامج “على مسئوليتي” ضرورة رد مصر على البيان الإثيوبي، مستطردًا بقوله: “العين بالعين.. ولا نجعل إثيوبيا تتجاوز علينا”.

بيان يعبر عن ميليشيات

وأشار إلى أن البيان الإثيوبي لا يعبر عن دولة، بل يعبر عن ميليشيات، مؤكدًا أن مصر لن تسمح بأي تطاول من جانب إثيوبيا، وأن مصر هي الدولة الأكبر والأهم.

عدم التعدي على نقطة واحدة من حصة مصر المائية

أكد رئيس الوزراء مصطفى مدبولي، في مؤتمر صحفي يوم 15 أكتوبر الماضي، أن الدولة تدير ملف سد النهضة بمنتهى الحكمة والمسؤولية، لافتًا إلى أن تمسك مصر بخيار التفاوض مع الجانب الإثيوبي لا يعكس ضعفًا، بل يؤكد إيمانها العميق بأهمية الحلول الدبلوماسية التي تضمن حقوق جميع الأطراف دون الإضرار بأي طرف.

المرحلة المقبلة

وأوضح رئيس الوزراء أن الهدف في المرحلة المقبلة هو التوصل إلى اتفاق قانوني ملزم ينظم عملية إدارة وتشغيل سد النهضة، باعتبار أن نهر النيل الأزرق نهر مشترك بين ثلاث دول يجب أن تُدار موارده بعدالة وتنسيق يحقق مصالح الجميع.

ورأى أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة، الدكتور عباس شراقي، أن بيان إثيوبيا يدل على وجود انزعاج بسبب حضور مصر المتنامي اللافت في دول القرن الأفريقي. 

وبحسب تصريحاته في “سكاي نيوز”، أضاف شراقي أن نغمة إثيوبيا بأن مصر ترفض الحوار يفتقر للدقة، إذ إن مصر تمسكت بالتفاوض بداية من عام 2011 حتى 2019، وكذا في المفاوضات مع التي جرت برعاية الولايات المتحدة والبنك الدولي بين نوفمبر 2019 وفبراير 2020، والذي انتهى بتغيب إثيوبيا عن حضور جلسة التوقيع، فيما وقعت مصر على مسودة الاتفاق لحُسن نيتها".

وأكد أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة، أن اتهام الجانب الإثيوبي برفض الحوار يتنافى مع الواقع، إذ إن التصريحات المصرية الصادرة عن ممثلي الحكومة، دبلوماسية وتدعو للاتفاق بأطر القانون.

محاولة تبرير للانتهاكات

وأوضح أستاذ القانون الدولي، الدكتور محمد محمود مهران، أن البيان الأخير الذي أصدرته وزارة الخارجية الإثيوبية يمثل قلبًا صارخًا للحقائق القانونية ومحاولة يائسة لتبرير انتهاكات إثيوبيا المتكررة للقانون الدولي المائي واتفاقية المبادئ الموقعة عام 2015.

وأشار إلى أن اتهام إثيوبيا لمصر بعرقلة المفاوضات يتناقض تمامًا مع المادة العاشرة من إعلان المبادئ التي تنص على التزام الأطراف بحل الخلافات الناشئة عن تفسير أو تطبيق الاتفاقية بالتوافق أو من خلال آلية يتفق عليها الأطراف، مؤكدًا أن إثيوبيا هي التي رفضت كافة الآليات القانونية الملزمة التي اقترحتها مصر على مدار 15 عامًا من المفاوضات.

ولفت مهران إلى أن ادعاء إثيوبيا بأن لها حقًا سياديًا مطلقًا في استخدام مياه النيل بحجة مساهمتها بنسبة 86% يتعارض تمامًا مع المادة السابعة من الاتفاقية الإطارية للأمم المتحدة بشأن قانون الاستخدامات غير الملاحية للمجاري المائية الدولية لعام 1997، التي تنص على التزام دول المجرى المائي بعدم التسبب في ضرر ذي شأن لدول المجرى المائي الأخرى، مشددًا على أن هذا المبدأ يعلو على أي ادعاءات بالسيادة المطلقة.

اقرأ أيضًا: 

ما مدى تأثير انفجار بركان إثيوبيا على سد النهضة؟

بركان إثيوبيا 2026، انفجار نادر يهز البلاد ويمتد تأثيره لدول عربية

search