السبت، 06 ديسمبر 2025

07:54 ص

كيف تحوّل النفط إلى ورقة ضغط في صراع واشنطن ومادورو؟

الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو

الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو

تمتلك فنزويلا أكبر احتياطيات نفطية مؤكدة في العالم، تُقدَّر بنحو 303 مليارات برميل، متفوقة بذلك على السعودية وروسيا والولايات المتحدة وغيرها من الدول.

ووفقًا لصحيفة نيويورك تايمز، تمتلك السعودية 267 مليار برميل، وكندا 159 مليار برميل، والولايات المتحدة 81 مليار برميل، وروسيا 80 مليار برميل. ورغم هذا الثراء النفطي الهائل، لا تنتج فنزويلا سوى نحو 1% فقط من النفط الخام الذي يستهلكه العالم.

وقد أعادت تهديدات الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب ضد حكومة كاراكاس، إلى جانب العمليات الأميركية في البحر الكاريبي بدعوى مكافحة المخدرات، تسليط الضوء على الثروة النفطية الفنزويلية وما تثيره من شهية شركات الطاقة العالمية. وتؤكد الصحيفة أنّ النفط يشكّل دائمًا محورًا أساسيًا في العلاقات المعقدة بين واشنطن وكاراكاس.

سرّ الإنتاج الضئيل رغم الاحتياطي الضخم

تمثّل فنزويلا نحو 17% من احتياطيات النفط العالمية، لكن إنتاجها لا يتجاوز 1% من الإنتاج العالمي، وهو تفاوت لطالما أزعج نيكولاس مادورو ومن قبله هوجو تشافيز، وجميع قادة البلاد منذ سبعينيات القرن الماضي.

وتعد شركة "شيفرون" الأميركية الشركة الغربية الوحيدة العاملة في البلاد، حتى إنها لا تُدرج إنتاجها الفنزويلي في بياناتها الدورية، بسبب الوضع الاقتصادي والسياسي المعقد.

ووفق مجلة فورين بوليسي، يوضح المحلّل جاك روسو أن النفط الفنزويلي يتميز بجودته المتدنية؛ فهو ثقيل وطيني وغني بالكبريت، ويحتاج إلى عمليات تعدين بدلًا من الحفر التقليدي. 

ورغم صعوبة استخراجه، فإن مصافي خليج المكسيك الأميركية مُصمّمة لمعالجة هذا النوع من النفط الثقيل، ما يجعله ذا قيمة استراتيجية لواشنطن.

ومع تراجع إنتاج النفط الثقيل في المكسيك، وصعوبة وصول الخام الكندي المحاصر إلى المصافي، تتضاءل خيارات السوق الأميركية، خاصة إذا دفعت العقوبات على إيران وروسيا إلى نقص معروض النفط الثقيل عالميًا — وهو ما قد يرفع أسعار الوقود، الأمر الذي كان ترامب يخشاه بشدة.

ويقول الخبير فرانسيسكو مونالدي من جامعة رايس إنه في حال ارتفاع الإنتاج الأميركي وازدياد الطلب العالمي، فلن تبقى سوى دول قليلة قادرة على سد فجوة إمدادات النفط الثقيل.

هل للصراع علاقة بالنفط؟

ترى فورين بوليسي أن الحشد العسكري الأميركي في الكاريبي لا يهدف بالضرورة للسيطرة على نفط فنزويلا؛ فواشنطن هي أصلاً أكبر منتج للنفط في العالم بطاقة تصل إلى نحو 14 مليون برميل يوميًا، بينما تكافح فنزويلا لإنتاج مليون برميل فقط.

وتشير المجلة إلى أن أجندة إدارة ترامب كانت أوسع من مجرد النفط، وتشمل إعادة تشكيل النفوذ الأميركي في نصف الكرة الغربي، وتقويض الأنظمة الاشتراكية المتحالفة مع إرث فيدل كاسترو، ومن بينها نظام مادورو.

ويؤكد مونالدي: "لا أعتقد أن المسألة تتعلق بالنفط، بل ترتبط بأهداف سياسية أعمق".

مستقبل النفط الفنزويلي

رغم التحديات الاقتصادية والعقوبات والانهيار في البنية التحتية، تظل صناعة النفط الفنزويلية تمتلك مستقبلًا واعدًا — سواء حدث تدخل عسكري أم لا.

لكن الأمر يتطلب استثمارات ضخمة وسنوات طويلة من العمل، وسترحب فنزويلا على الأرجح بالشركات الأميركية كما ترحب بالشركات الأوروبية والآسيوية.

ويختتم الخبير بوريلي قائلًا: "نحن بحاجة إلى استثمارات بمليارات الدولارات لسنوات طويلة لاستخراج النفط الفنزويلي، ولا يمكن تحقيق ذلك إلا بوجود قواعد واضحة وموثوقة — وهو أمر لن يحدث بين ليلة وضحاها".

search