الأحد، 07 ديسمبر 2025

11:31 ص

لجان شعبية لتأمين حضرموت من فوضى التصعيد القبلي جنوب اليمن

حضرموت

حضرموت

دخل سكان مدنيون جنوبيون على خط أزمة حضرموت بإعلانهم تشكيل لجان مدنية شعبية ليلية تتولى تأمين الطرق ومساندة قوات النخبة الحضرمية في مواجهة أي تهديدات لمواقع النفط بالمحافظة واستعادة الهدوء في منطقة حيوية واستراتيجية تمس خطوط الملاحة الدولية.

ويشكل أهالي منطقة رخية بوادي وصحراء حضرموت خلال فترات الليل لجانا أهلية لتأمين المنطقة ومساندة الجهود الشعبية لحماية الممتلكات والطرق، في خطوة تعكس جاهزية المجتمع المحلي لدعم القوات المسلحة الجنوبية في معركتها لتحرير مدن وادي وصحراء حضرموت وبسط الأمن والاستقرار، وتمثل حماية داخلية من المنبع لخطوط إمداد الطاقة، وفق شهادات صحفيين بينهم أمجد يسلم صبيح وعلي ناصر العولقي.

وتكرر المشهد في مديريات القطن التي رصدت مقاطع مصورة خروجها لدعم عملية تحرير وادي وصحراء حضرموت إلى جانب القوات المسلحة الجنوبية، مشيرين إلى استعدادهم للتعاون بما يسهم في إنجاح مهام القوات الجنوبية كبداية مرحلة جديدة لإنهاء نفوذ مليشيات المحافظة واستعادة الأمن في عموم مناطق الوادي والصحراء.

وتصاعدت الأحداث مع رصد عمليات تسليح قبلية لما يسمى «حلف قبائل حضرموت» يستهدف بالدرجة الأولى السيطرة على حقول النفط وممارسة أعمال النهب وقطع الطرق في مواجهة قوات «النخبة الحضرمية» المنضوية تحت المجلس الانتقالي الجنوبي الذي نجح في تحقيق استقرار واسع خلال السنوات الماضية، وأحبط محاولات ميليشيات الحوثيين لتنفيذ المخطط الإيراني لتقسيم اليمن وتصدى كذلك لتنظيم «القاعدة» الإرهابي.

وأمام هذا التصعيد اضطرت شركة بترو مسيلة اليمنية لإنتاج واستكشاف النفط إلى إيقاف الإنتاج والتكرير في القطاع (14) وانقطاع إمدادات الغاز اللازمة لتشغيل محطات توليد الكهرباء التي تغذي مناطق وادي حضرموت جنوب شرق البلاد.

ويؤكد عضو مجلس القيادة الرئاسي، اللواء الركن فرج سالمين البحسني، أن «هذا العمل العبثي أدى إلى تأثير سلبي على حياة المجتمع بشكل عام، فانقطعت الكهرباء نتيجة عدم تزويدها بالمحروقات من شركة بترو مسيلة، وأظلمت المدن في الساحل وفي الوادي، وتوقفت عملية نقل المحروقات إلى محافظات أخرى كانت ممونة من بترو مسيلة.

أمن الطاقة

وتخشى «بترو مسيلة»، المنتجة للنفط منذ 2011، من أن تعرض مواد النفط والغاز في الخزانات والمنشآت لأي حادث عرضي جراء أي اشتباكات مسلحة قد يؤدي إلى حوادث كارثية وخسائر هائلة.

وكانت حضرموت تنتج من حقل المسيلة الذي تديره بترو مسيلة نحو 50 ألف برميل يوميا مخصصة للتصدير، ويخصص معظم الإنتاج في الوقت الراهن للاستهلاك المحلي مع توقف التصدير منذ ثلاثة أعوام بسبب هجمات الحوثيين على موانئ التصدير بحضرموت وشبوة.

ويقول البحسني، إن ما تشهده حضرموت هو نتيجة خروج مجموعة من القبائل على رأسهم عمر بن حبريش عن مظلة الدولة وتمردهم بقيامهم بتشكيلات عسكرية، محذرا من تداعيات ما وصفه بالتمرد المسلح في المحافظة.

محاولات خطيرة للسيطرة على منشآت نفطية رئيسية رأى البحسني أنها لن تقود إلا إلى سفك الدماء وخراب مؤسسات الدولة، في وقت تتصاعد فيه المخاوف من تهديد أمن الطاقة والملاحة الدولية.

ويتصاعد القلق من التأثير على خطوط الملاحة العالمية في البحر العربي، فحضرموت ليست محافظة يمنية فحسب، بل شريان ملاحي واقتصادي عالمي، حيث تقع على الساحل الجنوبي الشرقي لليمن، وتمر إمدادات النفط من مرافئ حضرموت (مثل ميناء الضبة) عبر خليج عدن وباب المندب وقناة السويس، وهو أحد أهم مسارات التجارة بين آسيا وأوروبا.

ومن هنا يشكل التصعيد القبلي المسلح في حضرموت تهديدا مباشرا لأحد أهم الممرات البحرية الحيوية للتجارة والطاقة العالمية، فاضطراب عمل الموانئ النفطية أو طرق التصدير على البحر العربي قد يرفع كلفة التأمين البحري ويؤثر على تدفق ما يصل إلى 3.8 مليون برميل نفط يوميا عبر باب المندب وقناة السويس، وهو مسار رئيسي يربط آسيا بأوروبا، كما أن أي توسع في الصراع من قبل «حلف قبائل حضرموت» يعني مخاطر متزايدة على سلاسل التوريد الدولية.

ويخشى مراقبون من أن تتحول محافظة حضرموت إلى ساحة صراع قبلي مسلح يضع التجارة العالمية تحت تهديد مباشر، خصوصا أن تصعيد «حلف قبائل حضرموت» وقطع الطرق واقتحام منشآت الشركات النفطية يمثل تهديدا مباشرا لحقول المسيلة وعطوف وحلقوظ، وهي أهم حقول اليمن وأكثرها ارتباطا بسلاسل الإمداد الدولية.

انهيار وشيك للانقلابيين

نائب رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، وصف التحركات الأخيرة بالانقلابية، قائلا في بيانه الأخير: «نحن ندين هذا التمرد بكل قوة، العمل الذي تم خلال اليومين الماضيين بهدف الاستيلاء على شركة بترو مسيلة عمل مدان، وتخريبي، وانقلابي، وقد أدى إلى انقطاع الكهرباء وتوقف تزويد المحروقات، فأظلمت مدن الساحل والوادي.».

لكن تقرير لصحيفة «الأيام» اليمنية، اليوم الأربعاء، أكد تحقيق قوات النخبة الحضرمية أمس تقدما ميدانيا خلال المواجهات التي تخوضها منذ يومين مع مليشيات عمر بن حبريش التي سيطرت على عدد من الحقول النفطية في الهضبة.

تطورات تتزامن مع وصول طلائع من القوات المسلحة الجنوبية إلى تخوم وادي حضرموت، في خطوة تأتي استجابة للتفويض الشعبي الحضرمي الذي جددته الحشود الجماهيرية في فعالية سيئون أمس بشأن تحرير الوادي من مسلحي «حلف قبائل حضرموت».

المعطيات الميدانية التي رصدتها الصحيفة تؤكد انهيار لقوات حلف القبائل بعد الضغط العسكري الذي فرضته النخبة الحضرمية في منطقة المسيلة خلال الساعات الماضية، وقالت مصادر قبلية وسياسية مطلعة إن بن حبريش قدم عبر وساطات قبلية سلسلة تنازلات جوهرية، أبرزها القبول بالانسحاب الكامل من كافة المواقع التي سيطر عليها، مقابل إلغاء التعميم الصادر بحقه وبحق مبارك العوبثاني ومنع اعتقالهما أو اعتراضهما.

وفق المصادر فإن «الموقف العسكري لبن حبريش مرشح للانهيار الكامل، رغم ما كان يرفعه من شعارات حول الحكم الذاتي وحقوق حضرموت وملفات التجنيد والمدينة الطبية ومحطة الـ500 ميجا، ووفقا لشخصيات اجتماعية بينها محمد باشنيني، فقد طلبت مجاميع الحلف هدنة، عقب التطويق الذي فرضته قوات النخبة على مواقعهم في المسيلة، وقد وافقت قيادة النخبة على الهدنة حرصا على تجنب إراقة الدماء وإتاحة فرصة أخيرة للوساطات.».

وتقول مصادر محلية إن المشهد في مناطق المسيلة يوحي بتصاعد الاستقطاب والاصطفاف القبلي، مع خلاف متفاقم حول إدارة الثروات النفطية وملف الانتشار العسكري داخل الحقول والمواقع الحيوية، لكن التطورات الأخيرة على الأرض ترجح كفة القوات الجنوبية، خصوصا مع بدء وحداتها التمركز في نطاقات تماس مع المنطقة العسكرية الأولى، ما ينذر باقتراب مرحلة جديدة من المواجهة قد تغير خريطة النفوذ في وادي حضرموت.

ويشير خبراء أمنيون إلى أن العمليات الجارية تحمل أهمية استراتيجية كبرى بالنظر إلى الآثار المتوقعة على أمن ومصالح المنطقة، والمتمثلة بقطع خطوط دعم وتمويل الإرهاب والتهريب باتجاه شبوة والمهرة ومناطق مأرب والمناطق الشمالية التي تسيطر عليها مليشيات الحوثي، إضافة إلى حماية الملاحة الدولية عبر البحر العربي وخليج عدن من تهديد التنظيمات الإرهابية، وتعزيز قدرات القوات المحلية وإرساء نموذج أمني يعتمد على أبناء حضرموت.

اقرأ أيضًا:
الثانية عالميًا، 81 ألف إصابة بالكوليرا في اليمن خلال عام

search