الخميس، 11 ديسمبر 2025

07:16 م

النظرة الأخيرة والأذرع المرفوعة بين "شيطنة" محمد صبحي و"ملائكية" البشر

قبل أيام أوجد المتابعون مساحة في الفضاء الإلكتروني لإطلاق دعواتهم بأن يحفظ الله الفنان محمد صبحي، بعد تكرار أزماته الصحية خلال الفترة الماضية، والعبور من بوابات غرف الرعاية المركزة عوضًا عن تواجده في مسرحه الشهير بمدينة سنبل.

تغيّر الأمر في لحظات، مَن كثفوا الدعاء بنجاة صبحي من أزماته الصحية، هم ذاتهم الذين هاجموه بشكل كبير بعد تداول مقطع فيديو ظهر خلاله الفنان الكبير عقب مغادرته فعالية فنية في دار الأوبرا، ينتظر السائق المتأخر عنه أمام سيارته، قبل أن يظهر الأخير ويعنفه صبحي وينتزع منه مفاتيح السيارة ويتركه يهرول خلف السيارة قبل أن تتبخر من المشهد. 

المعجبون سجلوا بهواتفهم الواقعة من بدايتها حتى نهايتها، وهنا وقع محمد صبحي في دائرة الانتقادات، بسبب ما وصفه بعض المتابعين بأنه “تعامل غير لائق مع السائق”، وزاد من الأمر سوءًا أن المشاهد جرى تداولها على نطاق واسع، ما ضاعف من حدة الانتقاد اللاذع لصبحي.

البعض شبّه الموقف بآخر مماثل تقريبًا، لنجم غنائي كبير بحث هو الآخر عن سائقه بعد التواجد بأحد التجمعات الفنية في القاهرة، ورصدته الكاميرات وهو يتحدث بشكل سيء عن السائق وينعته بـ"الحيوان" في غيابه.

فارق كبير بين الواقعتين، فلم يتجاوز محمد صبحي في حق السائق أو يتحدث بطريقة متجاوزة في غيابه، ويبدو تصرفه اللاحق بالحصول على مفتاح السيارة وقيادتها بنفسه عفويًا إلى حد كبير بسبب الوقوف كثيرًا لانتظاره.

جانب آخر ربما لم يُراعيه المتابعون في هجومهم على صبحي، وربطه بواقعة الفنان الآخر، ليس فقط الانتظار طويًلا، بل الأزمة الصحية التي يمر بها، والتي لم يتجاوزها بشكل كامل حتى الآن.

وعلى جانب مرتبط، شارف الفنان محمد صبحي على الثمانين من عمره، ولا يزال يقدم أعماله الفنية على خشبة المسرح، ويحرص على حضور التجمعات الفنية قدر الإمكان، لكنه في النهاية يبقى رجًلا في عمر ليس بالقليل، يعاني أزمات صحية متكررة ولا يرغب في التواجد داخل غرف المستشفيات، لذا لا بُد أن يُراعى ذلك في مثل هذه المواقف.

أسوأ ما في مثل هذه المواقف دائمًا يبقى أن نبحث عن ضحية ونطرحها أرضًا، ونُجهز عليها بسيل من الانتقادات، فالمشهد الذي نتحدث عنه ربما لا يحتاج لطرفين "ضحية ومُخطئ"، ففي الوقت الذي ظُلم صبحي بكل هذا الهجوم عليه، لا يعني ذلك أن السائق على خطأ. 

السائق أيضًا يبلغ من العمر 65 عامًا، وربما لديه ما جعله في مثل هذا الوقف، وتأخر على صبحي لسبب خارج عن إرادته، ربما أيضًا يكون قد أخطأ في الهرولة والركض خلف السيارة، ما ساهم في تضخيم المشهد، لكنه في النهاية يبقى تصرفًا عفويًا. 

وفي ما وراء اللقطة، تظهر الأزمة الحقيقة التي تستحق الحديث والبحث عن حلول، ما كل هذه الأذرع المرفوعة بالهواتف؟ من هؤلاء؟ مُخطئ تمامًا من يظن أنهم صحفيون، ويبقى الخطأ على من يمنحوهم اللقب، لا من يسرقونه.

ربما كانت الأزمة الأكبر للفنان محمد صبحي في هذا الموقف، وما جعله يصاب بالتوتر ويخرج بردة الفعل تلك، تواجد كل هذه الأعين والكاميرات التي تترصده في لحظة غضب ومرض.

كل هؤلاء لا ينتمون للصحافة في شيء، فتش عن الربح السريع الذي يسعى له البعض من السوشيال ميديا، أشخاص أغلبهم ربما لم يتجاوزوا العشرين عامًا من العمر، يدشنون الصفحات بعناوين مثيرة، تزداد إثارة في تلك العناوين التي يضعونها للقطات المنشورة، يتناثرون في مثلك هذه التجمعات الفنية، بحثًا عن لقطات مشابهة تمنهم حفنة من الدولارات. 

لكن في الوقت ذاته، على الجمهور أن يكون أكثر وعيًا وفطنة في التعامل مع مثل هذه اللقطات، ويتفاعلون معها بأكثر حكمة، حتى لو كلفهم الأمر البحث وراء تلك اللقطة، وعدم الاكتفاء بالمشهد الأخير والنظرة الأخيرة، أما إذا كان الأمر ليس ذا أهمية بالنسبة إليهم، فليكن الصمت هو البديل.
 

اقرأ أيضًا:

في موقف عفوي، محمد صبحي:"فين سليمان الناس ملمومة عليا"

search