السبت، 13 ديسمبر 2025

01:11 م

"الأرقام صادمة"، الولادة في السودان خطر يهدد حياة الأمهات والمواليد

أم سودانية

أم سودانية

لم تعد غرف الولادة في شرق السودان مساحة آمنة لاستقبال حياة جديدة، بل تحولت في كثير من الأحيان إلى ساحة مواجهة غير متكافئة مع الموت، في ظل حرب أرهقت النظام الصحي ودفّعت النساء ثمنًا مضاعفاً، ففي ولاية القضارف، كما في مناطق واسعة من البلاد، تتصاعد معدلات وفيات الأمهات وحديثي الولادة، وسط انهيار شبه كامل للخدمات الصحية الأساسية.

أرقام تكشف عمق الأزمة

خلال الاجتماع السنوي للجنة الفنية لوفيات الأمهات وحديثي الولادة، أعلنت وزارة الصحة بولاية القضارف، إحصاءات صادمة، إذ سجلت الولاية 109 حالات وفاة بين الأمهات حتى شهر نوفمبر، من إجمالي 43.480 ولادة.

كما كشفت البيانات عن وفاة 256 من حديثي الولادة، من أصل 44.400 مولود، وهي أرقام تعكس حجم الخطر الذي يحيط بعملية الولادة، ليس في القضارف وحدها، بل في عموم السودان الذي يعاني من تداعيات الحرب المستمرة.

الحرب والنساء، خسائر مضاعفة

تقول اختصاصية الباطنية والأوبئة وعضو فرعية خصوصي أم درمان في اللجنة التمهيدية لنقابة أطباء السودان، الدكتورة أديبة إبراهيم السيد، إن الوضع الصحي في البلاد تجاوز مرحلة "الأزمة التقليدية" ودخل فعليًا في مرحلة الانهيار الكامل، وفقًا لقناة "العربية".

وأضافت: "هذه حرب تدفع النساء ثمنها مضاعفًا، فهن الأكثر تعرضًا للجوع والنزوح والمرض والموت".

أم سودانية

وبحسب تقديرات منظمات صحية، تؤكد الدكتورة أديبة أن أكثر من مليون امرأة حامل في السودان يفتقرن إلى الرعاية الصحية الأولية، في حين تعاني 176 ألف امرأة حامل من سوء تغذية حاد، إضافة إلى 850 ألف امرأة مرضع في وضع غذائي بالغ الخطورة.

ومنذ اندلاع الحرب، تجاوز عدد الأطفال المتضررين من سوء التغذية 45 ألف طفل، ما يعكس اتساع رقعة الأزمة الإنسانية.

مراكز النزوح، بيئة غير آمنة

في مراكز النزوح ودور الإيواء، تتفاقم معاناة النساء والفتيات مع نقص المياه والغذاء وغياب الحماية، وتشير الدكتورة أديبة إلى أن المراهقات، خصوصًا في الفئة العمرية بين 11 و16 عامًا، يتعرضن لتحرشات واعتداءات، ويُجبرن على القيام بأعمال خطرة مثل جلب المياه والحطب، في بيئة تفتقر إلى الحد الأدنى من الأمن.

انهيار القطاع الصحي

وتوضح الدكتورة أديبة أن الحرب وجهت ضربة قاصمة للمنظومة الصحية، حيث خرج نحو 80% من المرافق الصحية عن الخدمة، كما غادرت 57 منظمة دولية وطوعية مناطق العمليات.

ويصاحب ذلك نقص حاد في الإمدادات والمعدات الطبية، لا سيما تلك المرتبطة بخدمات الطوارئ الإنجابية، إلى جانب انتشار واسع لأمراض الكوليرا وحمى الضنك والملاريا والسل.

أسباب مباشرة لوفيات الأمهات

من جانبها، تشير الدكتورة إنسام أحمد عثمان، مديرة الإدارة العامة للرعاية الصحية الأساسية بولاية القضارف، إلى أن من أبرز أسباب وفيات الأمهات غياب اختصاصيي الأطفال في المستشفيات الريفية، إضافة إلى النقص الحاد في الإمدادات الحيوية اللازمة للطوارئ، وضعف نظم المعلومات الصحية وآليات التقصي، بحسب ما نشرته وزارة الصحة بولاية القضارف على "فيسبوك".

ويفيد مسؤولون صحيون بأن نسبة كبيرة من وفيات الحوامل تعود إلى الولادة في ظروف غير آمنة، بعيدًا عن الرقابة الطبية، وفي كثير من الحالات، لا تتمكن القابلات من تشخيص الحاجة إلى تدخل جراحي عاجل لإنقاذ حياة الأم والجنين.

اجتماع القضارف

ناقش الاجتماع الذي نظمته وزارة الصحة بولاية القضارف بالتعاون مع صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبحضور المدير العام للصحة بالولاية د. أحمد الأمين آدم، عددًا من الجوانب الإيجابية، من بينها توفر بعض خدمات الطوارئ الإنجابية في المناطق الريفية، ووجود اختصاصيي النساء والتوليد، إضافة إلى التنسيق مع الشركاء.

لكن مصادر طبية أكدت أن الصورة العامة لا تزال قاتمة، في ظل نقص الإمدادات، وانهيار منظومة الإحالة الطبية، وتكدس النازحين، وارتفاع معدلات الولادة المنزلية أو في مراكز غير مجهزة.

اقرأ أيضًا:
رغم التدخل الأمريكي، "الدعم السريع" تواصل انتهاكاتها جنوب كردفان

search