الإثنين، 15 ديسمبر 2025

07:45 م

بعد فراره إلى روسيا، بشار الأسد يعود لمهنته السابقة

بشار الأسد

بشار الأسد

في عام 2011، دوّن مجموعة من المراهقين عبارة على جدار ملعب مدرستهم تقول: "حان دورك يا دكتور"، في إشارة إلى بشار الأسد، طبيب العيون الذي تخرج في لندن، باعتباره المرشح التالي للسقوط بعد سلسلة الإطاحات التي شهدها العالم العربي مع اندلاع الربيع العربي.

استغرق تحقق تلك النبوءة 14 عامًا، قُتل خلالها نحو 620 ألف شخص، وتسبب النزاع في نزوح قرابة 14 مليون سوري، قبل أن يُعزل الأسد في نهاية المطاف ويفرّ سرًا إلى موسكو في منتصف الليل.

عودة إلى طب العيون 

وبعد تخليه عن الحكم واختياره العيش في منفى مرفّه بالعاصمة الروسية، أفادت مصادر مطلعة أن الأسد عاد إلى مقاعد الدراسة، حيث يُقال إنه يراجع معلوماته في طب العيون ويتعلم اللغة الروسية، بحسب ما نقلته صحيفة “الجارديان” البريطانية".

وقال صديق للعائلة لا يزال على تواصل معها، إن الأسد يعيد دراسة اختصاصه الطبي كهواية، مؤكدًا أنه لا يحتاج إلى المال، وأنه كان يمارس طب العيون بانتظام في دمشق حتى قبل اندلاع الحرب، مرجحًا أن تكون نخبة موسكو الثرية شريحة محتملة لمرضاه.

حياة مترفة ولكن معزولة

وبعد عام على سقوط النظام، تعيش عائلة الأسد حياة هادئة ومترفة بين موسكو والإمارات العربية المتحدة، وفق مصادر في روسيا وسوريا، وبيانات مسرّبة، تكشف صورة نادرة عن حياة العائلة التي حكمت سوريا لعقود بقبضة حديدية.

وتشير التقديرات إلى أن العائلة تقيم في حي روبليوفكا الراقي، وهو مجمع مغلق تسكنه النخبة السياسية والاقتصادية في موسكو، ويُعتقد أن شخصيات بارزة، من بينها الرئيس الأوكراني السابق فيكتور يانوكوفيتش، تقيم في المنطقة ذاتها، بحسب الصحيفة.

بشار الأسد مع عائلته

هل تعاني الأسرة من ضائقة مالية؟

ورغم العقوبات الغربية التي فُرضت على النظام السوري منذ عام 2011، لا تعاني عائلة الأسد من ضائقة مالية، إذ نقلت جزءًا كبيرًا من ثروتها إلى روسيا، حيث لا تطالها الجهات التنظيمية الغربية.

لكن، وعلى الرغم من مستوى الرفاهية، تعيش العائلة في عزلة واضحة، بعدما فقدت مكانتها داخل الدوائر السورية والروسية الراقية، كما يخضع بشار الأسد لمراقبة تحول دون تواصله مع شخصيات نافذة في النظام السابق.

وبحسب الصحيفة، نقل مصدر مقرّب من الكرملين أن الأسد أصبح غير ذي أهمية بالنسبة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين والنخبة السياسية الروسية، موضحًا أن بوتين لا يتسامح مع القادة الذين يفقدون السيطرة على بلدانهم، ولم يعد ينظر إلى الأسد كشخصية مؤثرة أو حتى كضيف مرحب به اجتماعيًا.

هروب مفاجئ

فرّ الأسد مع أبنائه من دمشق فجر الثامن من ديسمبر 2024، مع اقتراب قوات المعارضة من العاصمة، ونُقلت العائلة تحت حماية عسكرية روسية إلى قاعدة حميميم الجوية، قبل إجلائها خارج البلاد.

وبحسب مصادر، لم يُبلغ الأسد عائلته الممتدة أو حلفاءه المقربين بانهيار النظام الوشيك، ما تركهم في حالة ارتباك وذعر.

وقال صديق لماهر الأسد، شقيق بشار، إن ماهر حاول الاتصال به لأيام دون رد، وبقي في القصر حتى اللحظات الأخيرة، مضيفًا أن الثوار وجدوا جمر الشيشة لا يزال دافئًا عند دخولهم، وأكد أن ماهر، وليس بشار، هو من ساعد آخرين على الفرار.

وأوضح محامي رفعت الأسد، عم بشار، أن أفرادًا من العائلة وجدوا أنفسهم عالقين بعد فرار الرئيس السابق، حيث نام ثمانية منهم في سياراتهم قرب قاعدة حميميم لعدم قدرتهم على التواصل مع الجنود الروس، قبل أن يتمكنوا من مغادرة سوريا بتدخل مسؤول روسي رفيع.

عائلة بشار الأسد

مرض أسماء الأسد

في الأشهر الأولى بعد الفرار، انشغلت العائلة بدعم أسماء الأسد، زوجة الرئيس المخلوع، التي كانت تعاني من سرطان الدم، وتدهورت حالتها الصحية قبل سقوط النظام.

وبحسب مصدر مطلع، تعافت أسماء بعد خضوعها لعلاج تجريبي تحت إشراف الأجهزة الأمنية الروسية، وكانت تتلقى العلاج في موسكو قبل انهيار الحكم.

قيود روسية على الظهور الإعلامي

وبعد استقرار الوضع الصحي لأسماء، سعى بشار الأسد إلى تقديم روايته للأحداث، حيث رتب مقابلات مع قناة "RT" ومدوّن أمريكي يميني، إلا أن السلطات الروسية لم تمنحه الإذن بالظهور.

وأكد السفير الروسي لدى العراق، إلبروس كوتراشيف، في مقابلة إعلامية، أن الأسد ممنوع من ممارسة أي نشاط سياسي أو إعلامي، موضحًا أنه آمن وعلى قيد الحياة لكنه محظور من الظهور العلني.

الأبناء وحياة جديدة في موسكو

أما أبناء الأسد، فيحاولون التأقلم مع واقعهم الجديد كنخبة معزولة في موسكو، وقال صديق للعائلة إنهم ما زالوا تحت وطأة الصدمة، ويحاولون التكيف مع فقدان مكانتهم كـ"العائلة الأولى".

الظهور العلني الوحيد للعائلة، من دون بشار، كان خلال حفل تخرج ابنته زين الأسد في 30 يونيو، حيث حصلت على شهادة في العلاقات الدولية من جامعة موسكو الحكومية للعلاقات الدولية (MGIMO).

وأظهرت صور رسمية زين (22 عامًا) بين الخريجين، فيما بيّنت مقاطع غير واضحة حضور أسماء وأبنائها حافظ (24 عامًا) وكريم (21 عامًا)، مع حرصهم على عدم لفت الأنظار.

انسحاب حافظ الأسد من المشهد

حافظ الأسد، الذي كان يُنظر إليه سابقًا كخليفة محتمل لوالده، انسحب من الحياة العامة بعد نشره مقطع فيديو في فبراير روى فيه تفاصيل الفرار من دمشق، نافيًا التخلي عن الحلفاء، ومؤكدًا أن موسكو أمرت بالمغادرة.

وبحسب بيانات مسربة، أغلق حافظ معظم حساباته على مواقع التواصل، وأنشأ حسابات بأسماء مستعارة، فيما تمكّن سوريون من تحديد موقعه في موسكو بسرعة.

حافظ الأسد

نمط حياة مترف

تشير بيانات روسية مسرّبة إلى أن زين الأسد تتسوق بانتظام ملابس فاخرة، وهي عضو في نادٍ رياضي للنخبة، ومسجلة في صالون تجميل راقٍ، كما تقضي الأسرة وقتًا طويلًا في التسوق واقتناء السلع الفاخرة.

ويزور أبناء الأسد الإمارات بشكل متكرر، وقد رافقتهم أسماء في إحدى الرحلات، وتُظهر سجلات طيران مسرّبة أن الإمارات كانت وجهة مفضلة للعائلة بين 2017 و2023، حتى خلال فترة الحكم.

في البداية، كانت العائلة تأمل في الانتقال من موسكو إلى الإمارات، لسهولة الاندماج هناك مقارنة بروسيا، إلا أن هذا الخيار لم يعد مطروحًا حاليًا، حتى في ظل استضافة الإمارات لنخب عالمية مثيرة للجدل، إذ لا تزال متحفظة على استضافة الأسد بشكل دائم.

ومع اجتياح الثوار لممتلكات الأسد في سوريا، انتشرت صور شخصية له على مواقع التواصل، أظهرت جانبًا مغايرًا للصورة الصلبة التي فرضها على السوريين لعقود.

ورغم ذلك، لا يزال كثير من تفاصيل حياة الرجل الذي أشرف على حرب دامية استمرت 14 عامًا مجهولًا.

اقرأ أيضًا:
يقضي وقته في ألعاب الفيديو، نظرة على حياة الأسد بعد عام من مغادرة سوريا

search