الأربعاء، 17 ديسمبر 2025

08:28 م

في قمة ثلاثية بأمريكا، لماذا يسعى نتنياهو لمقابلة الرئيس السيسي؟

الرئيس عبدالفتاح السيسي ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو

الرئيس عبدالفتاح السيسي ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو

مع قرب موعد اللقاء المرتقب بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض في 29 ديسمبر الجاري، تشير تقارير عبرية إلى أن نتنياهو يريد انضمام الرئيس عبدالفتاح السيسي لهذه القمة، ما يجعل ترامب يقوم بمحاولات لعقد هذا اللقاء الثلاثي، سط تساؤلات حول دوافع هذا الإصرار الإسرائيلي وتوقيته.

موقع "أكسيوس" نقل عن مسؤول أمريكي ومصدر إسرائيلي مطّلع أن البيت الأبيض أبدى استعداده للتوسط لعقد قمة تجمع نتنياهو والسيسي، في ظل انقطاع التواصل المباشر بين الجانبين منذ ما قبل اندلاع الحرب في قطاع غزة.

وأشار المصدر الأمريكي إلى أن الإدارة الأمريكية ترى ضرورة أن توظف إسرائيل قدراتها في مجالات التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، إضافة إلى موارد الغاز الطبيعي، وخبراتها في الطاقة المتجددة وإدارة المياه، كأدوات في دبلوماسيتها الإقليمية.

مصر كنقطة انطلاق

وبحسب المعلومات المنشورة في تقرير “أكسيوس”، اقترح صهر ترامب، جاريد كوشنر على نتنياهو البدء بمصر في هذا المسار، نظرًا للدور المحوري الذي لعبته القاهرة في التوصل إلى اتفاقات التهدئة في غزة، وقيادة الجهود التي أسفرت عن استعادة 27 من أصل 28 رهينة متوفين كانوا محتجزين في القطاع.

وقال مسؤول أمريكي: "إن المصريين أظهروا التزامًا حقيقيًا بتقديم المساعدة في غزة"، في إشارة إلى الدور الإنساني والسياسي الذي قامت به القاهرة منذ اندلاع الحرب.

قمة شرم الشيخ

دوافع نتنياهو لمقابلة السيسي

وأثارت محاولات نتنياهو لعقد لقاء مع الرئيس السيسي تساؤلات واسعة حول أسباب هذا الإصرار، خصوصًا في ظل التوترات المتصاعدة بين القاهرة وتل أبيب خلال الأشهر الماضية.

وفي هذا السياق، قال خبير الأمن الدولي أستاذ العلوم السياسية الدكتور أحمد الشحات، إن الهدف الأساسي لنتنياهو من السعي لهذا اللقاء يتصل بالداخل الإسرائيلي، في محاولة لإظهار قدرته على كسر عزلته السياسية، من خلال لقاء رئيس أكبر دولة في المنطقة.

وأوضح الشحات لـ"تليجراف مصر" أن نتنياهو يسعى أيضًا لتكريس صورة الحفاظ على اتفاقية السلام المصرية الإسرائيلية، واستخدام هذا اللقاء كنقطة ارتكاز للتحرك لاحقًا في مسارات إقليمية أخرى، سواء في إطار السلام الإقليمي أو عبر إعادة إحياء الاتفاقيات الإبراهيمية.

 الدكتور أحمد الشحات

تحسين الصورة

وأضاف الشحات أن هذا التحرك يندرج كذلك في إطار تعزيز المستقبل السياسي لنتنياهو، لا سيما مع اقتراب الانتخابات في إسرائيل عام 2026، في ظل التشوهات الكبيرة التي لحقت بصورته بسبب الحرب على غزة، إلى جانب قضايا الفساد والمحاكمات الجارية ضده.

وأشار إلى أن نتنياهو يحاول تقديم صورة إيجابية، تعزّز من موقعه السياسي وتخفف من تداعيات الأزمات الداخلية التي يواجهها.

موقف مصري متحفظ

في المقابل، رجّح الشحات ألا تتجاوب الإدارة المصرية مع هذا الطرح، مشيرًا إلى أن القاهرة قد ترفض عقد اللقاء ما لم يحدث تقدم ملموس في ملفات أساسية، أبرزها الانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق غزة، ووقف العمليات العسكرية الإسرائيلية داخل القطاع.

وأضاف أن استمرار استهداف المدنيين، والتضييق على دخول المساعدات، والإبقاء على التواجد الإسرائيلي في "الخط الأصفر"، كلها عوامل تعزز من قناعة مصر برفض هذا اللقاء في المرحلة الحالية.

آثار الدمار في قطاع غزة بسبب الحرب الإسرائيلية

أسباب متوقعة لرفض مصر اللقاء

ونقلت صحيفة "ذا تايمز أوف إسرائيل" عن مسؤول حكومي إسرائيلي قوله إن مصر انتقدت إسرائيل بشدة خلال الأشهر الأخيرة بسبب عدة ملفات لا تزال عالقة، ما يقلل من فرص عقد لقاء بين السيسي ونتنياهو في المدى القريب، رغم اهتمام كل من القدس وواشنطن بتنظيم مثل هذه القمة.

وخلال حرب غزة التي اندلعت عقب هجوم حماس في 7 أكتوبر 2023، حذّرت القاهرة مرارًا من أي عمليات عسكرية قد تدفع الفلسطينيين جنوبًا باتجاه شبه جزيرة سيناء، معتبرة ذلك خطًا أحمر.

كما تصاعدت التوترات بشأن إدارة معبر رفح، إذ سمحت إسرائيل بفتحه فقط للفلسطينيين المغادرين من غزة، وهي سياسة اعتبرتها القاهرة محاولة لتقليص عدد سكان القطاع، وفق ما أكده وزير الخارجية المصري بدر عبدالعاطي الأسبوع الماضي.

وتفاقمت الخلافات أكثر في أكتوبر الماضي، عندما انسحب وزير الطاقة الإسرائيلي إيلي كوهين من حفل توقيع صفقة غاز طبيعي مع مصر، بحجة أن شروطها غير عادلة لإسرائيل، وهي خطوة أثارت غضب كل من القاهرة وواشنطن.

تأتي المقابلة المرتقبة في البيت الأبيض، المقررة في 29 ديسمبر الجاري، بين ترامب ونتنياهو، في ظل حالة ترقب واسع، وسط تقديرات بأن اللقاء قد يشكّل محطة مفصلية في رسم ملامح السياسة الأمنية الإسرائيلية خلال المرحلة المقبلة.

الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو

أجندة اللقاء

ويُنتظر أن تتناول المحادثات مجموعة من الملفات حيث يتصدّر ملف قطاع غزة أجندة اللقاء، باعتباره الأكثر تعقيدًا وحساسية، في وقت تشير تقديرات إسرائيلية إلى ضغوط أمريكية باتجاه استكمال اتفاق تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار، والانتقال إلى المرحلة الثانية من الاتفاق.

وتشمل هذه المرحلة انسحابًا إسرائيليًا تدريجيًا من القطاع وبدء عملية إعادة إعمار، مقابل نزع سلاح غزة وإبعاد حركة حماس عن الحكم، وهو شرط تؤكد تل أبيب تمسكها به قبل أي تقدم سياسي.

ولا تقتصر أجندة اللقاء على غزة، إذ من المنتظر بحث التطورات على الجبهة اللبنانية، في ظل نقاشات حول خيارات عسكرية أو دبلوماسية للتعامل مع حزب الله، إلى جانب التطرق لترتيبات أمنية محتملة في سوريا، والملف الإيراني الذي يحظى باهتمام خاص، خصوصًا فيما يتعلق بالبرنامج النووي لطهران، بعد التصعيد الأخير الذي شهدته المنطقة خلال الأشهر الماضية.

اقرأ أيضًا:
غزة ولبنان وإيران على جدول اللقاء المرتقب بين ترامب ونتنياهو

search