الأربعاء، 17 ديسمبر 2025

09:49 م

تكامل أم تضارب؟ صلاحيات "الإدارية العليا" و"النقض" للفصل في الطعون الانتخابية

المحكمة الدستورية العليا

المحكمة الدستورية العليا

مع كل استحقاق انتخابي تعود إلى الواجهة الأسئلة المرتبطة بحدود الرقابة القضائية على العملية الانتخابية، والجهة المختصة بالفصل في المنازعات الناشئة عنها، وما إذا كان الطعن ينصب على سلامة الإجراءات الانتخابية أم يمتد إلى العضوية النيابية بعد اكتمالها. 

ولا تقتصر هذه الإشكالية على كونها مسألة إجرائية، بل تمس جوهر البناء الدستوري القائم على التوازن بين السلطات، وتشكل إحدى الضمانات الأساسية لنزاهة العملية الديمقراطية، وصون حق التقاضي باعتباره ركيزة من ركائز دولة القانون، بما يكفل الوصول إلى مجلس نيابي يعبر عن الإرادة الشعبية على أسس قانونية سليمة.

أولًا: الفرق بين صحة الفوز وصحة العضوية

صحة الفوز
تتعلق بصحة الإجراءات الانتخابية السابقة على إعلان النتيجة النهائية، وتشمل إجراءات الاقتراع، والفرز، والحصر العددي للأصوات، وإعلان جولة الإعادة إن وُجدت.

صحة العضوية
لا تُثار إلا بعد إعلان فوز مرشح بعينه واكتسابه العضوية النيابية، حيث تصبح العضوية قائمة قانونًا بعد صدور قرار إعلان الفوز.

القاعدة الحاكمة
لا يُقبل الطعن في صحة العضوية إلا إذا كانت العضوية قد اكتُسبت بالفعل، ولا يتحقق ذلك إلا بقرار رسمي بإعلان الفوز.

ثانيًا: الاختصاص القضائي بين المحكمة الإدارية العليا ومحكمة النقض

ويأتي اختصاص المحكمة الإدارية العليا واختصاص محكمة النقض علي النحو التالي:

اختصاص المحكمة الإدارية العليا

تختص المحكمة الإدارية العليا، باعتبارها قاضي المشروعية، بالفصل في الطعون المتعلقة بإجراءات العملية الانتخابية السابقة على إعلان الفوز، ومن بينها:

  • الطعون الخاصة بإجراءات الاقتراع أو الفرز.
  • القرارات الصادرة قبل إعلان النتيجة النهائية، ومنها:
  • إعلان الإعادة بين بعض المرشحين.
  • المخالفات الإجرائية التي تؤثر في نزاهة العملية الانتخابية.
  • شطب المرشحين من القوائم النهائية.

اختصاص محكمة النقض

يُعد اختصاص محكمة النقض اختصاصًا دستوريًا حصريًا، ويقتصر على:

  • الفصل في صحة عضوية أعضاء مجلس النواب.
  • نظر الطعون المقدمة بعد إعلان النتيجة النهائية بالفوز.
  • إبطال العضوية متى ثبت بطلانها، ويترتب على ذلك زوال العضوية من تاريخ إخطار المجلس بالحكم.
  • وقد أكدت دائرة توحيد المبادئ أن محكمة النقض لا تملك نظر القرارات السابقة على إعلان الفوز، لكونها لا تنطوي على عضوية مكتسبة.

ثالثًا: التظلم من إجراءات الاقتراع أو الفرز

يجوز التظلم من إجراءات الاقتراع أو الفرز، وذلك وفقًا لنص المادة 54 من قانون مباشرة الحقوق السياسية، حيث:

  • يُتاح لذوي الشأن التظلم من أي إجراء من إجراءات الاقتراع أو الفرز.
  • يُقدم التظلم إلى اللجنة العامة المختصة أثناء سير عملية الاقتراع، أو خلال 24 ساعة من إعلان الحصر العددي للأصوات.
  • تلتزم الهيئة الوطنية للانتخابات بالفصل في التظلم خلال 24 ساعة بقرار مسبب.
  • يجوز إلغاء الانتخابات كليًا أو جزئيًا إذا ثبت وجود عيب جوهري مؤثر في النتيجة.

رابعًا: الطعن على قرارات الهيئة الوطنية للانتخابات

يجوز الطعن على قرارات الهيئة الوطنية للانتخابات، إلا أن ذلك مشروط بسلوك طريق التظلم وجوبًا.

وتنص المادة 55 على عدم قبول الدعاوى المتعلقة بإجراءات الاقتراع أو الفرز إلا بعد تقديم التظلم وفق الآلية القانونية المحددة.

خامسًا: الجهة المختصة بشطب المرشح

وفقًا لنص المادة 52 من قانون مباشرة الحقوق السياسية:

  • إذا ثبت ارتكاب المرشح مخالفة لأحكام الدستور أو القانون أو ضوابط الدعاية الانتخابية، يتقدم رئيس الهيئة الوطنية للانتخابات بطلب إلى المحكمة الإدارية العليا.
  • تفصل المحكمة في الطلب على وجه السرعة.
  • يصدر الحكم إما برفض الطلب أو بشطب اسم المرشح من القائمة النهائية.

سادسًا: آثار الحكم بشطب المرشح

طبقًا للمادة 53 من القانون:

قبل الاقتراع: تُستكمل العملية الانتخابية دون المرشح المشطوب.

أثناء الاقتراع:

  • تُوقف النتيجة إذا كان المرشح مؤهلًا للفوز أو الإعادة.
  • تُعاد الانتخابات بين باقي المرشحين إذا قُضي بشطبه.

في جميع الأحوال:

يكون الحكم واجب النفاذ فورًا.

يُنشر ملخص الحكم في الجريدة الرسمية وفي صحيفتين يوميتين واسعتَي الانتشار.

سابعًا: هل يجوز فتح باب الترشح من جديد؟

  • لا يجوز قانونًا فتح باب الترشح من جديد.
  • ويُعد تحديد موعد الاقتراع الأول آخر إجراء قانوني مُحصن، وتُعاد العملية الانتخابية بين المرشحين القائمين فقط دون فتح باب الترشح، إلا في حالة خلو مقعد أو مكان مرشح بالقائمة.

ثامنًا: خلو مقعد أو مكان مرشح بالقائمة

عالج الدستور في المادة 108، وقانون مجلس النواب، حالة خلو المقعد، حيث:

  • يُستبدل المرشح بآخر احتياطي من ذات الصفة.
  • إذا لم يوجد، يُستكمل العدد وفق ترتيب الاحتياطيين.
  • لا يترتب على خلو المكان أي تأثير على موعد الانتخاب.

تاسعًا: الجهة المختصة بصحة عضوية النواب ومقولة «المجلس سيد قراره»

تنص المادة 107 من الدستور والمادة 29 من قانون مجلس النواب على أن:

  • تختص محكمة النقض وحدها بالفصل في صحة عضوية أعضاء مجلس النواب.
  • يُقدم الطعن خلال 30 يومًا من تاريخ إعلان النتيجة.
  • تفصل المحكمة في الطعن خلال 60 يومًا.
  • تبطل العضوية من تاريخ إخطار المجلس بالحكم.

عاشرًا: إسقاط عضوية النائب

يجوز إسقاط عضوية النائب، ولكن في حالات محددة سلفًا بنصوص الدستور والقانون، وتشمل:

  • فقد الثقة والاعتبار.
  • فقد أحد شروط العضوية.
  • الإخلال بواجبات العضوية.
  • ويشترط لصحة القرار موافقة ثلثي أعضاء المجلس.

دائرة توحيد المبادئ

أرست دائرة توحيد المبادئ مبدأً فاصلاً مفاده أن: الطعن في القرارات التي تتضمن إعادة الانتخابات أو تشوب إجراءاتها يظل من اختصاص مجلس الدولة، بينما ينعقد الاختصاص الحصري لمحكمة النقض بالطعن في العضوية بعد اكتسابها.

وبذلك تتكامل المنظومة القضائية دون تضارب أو فراغ تشريعي، بما يضمن نزاهة العملية الانتخابية، واحترام الإرادة الشعبية، وصون حق التقاضي وفقًا لأحكام الدستور والقانون.

اقرأ أيضًا:

اصطفاف الناخبين باليوم الأول لجولة الإعادة للمرحلة الثانية من انتخابات النواب 2025

انتظام جولة الإعادة للمرحلة الثانية من انتخابات "النواب" مع تأخيرات محدودة ببعض اللجان

search