الأربعاء، 24 ديسمبر 2025

07:40 م

2025 عام كسر القواعد في أسواق المعادن النفيسة، الفضة تتفوق على الذهب؟

الذهب والفضة

الذهب والفضة

لم يكن عام 2025 عامًا عاديًا في تاريخ أسواق المعادن النفيسة، ففي الوقت الذي اعتاد فيه المستثمرون النظر إلى الذهب بوصفه البوصلة الأساسية للتحوط وحفظ القيمة، خرجت الفضة من موقعها التقليدي لتفرض نفسها لاعبًا رئيسيًا، محققة أداء لافتًا تجاوز كل التوقعات.

ارتفعت أسعار الفضة بنسبة تقارب 128% خلال العام، مقابل مكاسب بلغت نحو 55% للذهب، عكس تحولاً أعمق في ديناميكيات العرض والطلب، وفي نظرة المستثمرين إلى دور كل معدن داخل النظام المالي العالمي.

هذا التباين في الأداء يفتح الباب أمام تساؤلات: لماذا تفوقت الفضة بهذه القوة في 2025؟ وهل ما حدث يمثل حالة استثنائية مرتبطة بظروف مؤقتة، أم بداية لمسار أطول؟

أداء الذهب والفضة في 2025

عند النظر إلى الأرقام، يبدو المشهد واضحًا، فالفضة سجلت واحدًا من أقوى أعوامها في العقود الأخيرة، مستفيدة من تفاعل متزامن بين الطلب الصناعي المتسارع والطلب الاستثماري الباحث عن عوائد أعلى.

الذهب، من جهته، حقق مكاسب قوية عززت مكانته كملاذ آمن، لكنه بدا أكثر تحفظاً في حركته مقارنة بالفضة. فارق الأداء لا يعني تراجع دور الذهب، بقدر ما يشير إلى أن الفضة استطاعت في 2025 استغلال موقعها كأصل مزدوج الطبيعة، يجمع بين الحساسية الاقتصادية والوظيفة التحوطية.

الذهب مقابل الفضة
الذهب مقابل الفضة

العلاقة بين الذهب والفضة

تاريخيًا، ارتبطت حركة الفضة بالذهب ارتباطًا وثيقًا، سواء من حيث الاتجاه العام أو من حيث اعتبارهما معًا جزءا من فئة المعادن النفيسة، إلا أن هذا الارتباط لم يكن دائمًا ثابتًا. وفي فترات الانتعاش الاقتصادي، غالبًا ما تتفوق الفضة بفضل استخدامها الصناعي الواسع، بينما يتقدم الذهب في أوقات الأزمات العميقة وعدم اليقين الحاد. 

ما ميز 2025 هو تداخل هذين السياقين: مخاوف اقتصادية وجيوسياسية من جهة، وتفاؤل حذر بشأن التحول الصناعي والطاقة النظيفة من جهة أخرى، الأمر الذي خلق بيئة مثالية لتفوق الفضة.

قالت الخبيرة الاقتصادية، سهر الدماطي، إن أحد أبرز محركات أسواق المعادن النفيسة في 2025 كان التحول في توقعات السياسة النقدية العالمية، فبعد سنوات من التشديد ورفع أسعار الفائدة لمواجهة التضخم، بدأت الأسواق تسعّر احتمال الانتقال التدريجي نحو التيسير النقدي. 

وأضافت الدماطي لـ"تليجراف مصر"، أن هذا التحول انعكس مباشرة على أسعار الفضة والذهب، فانخفاض أسعار الفائدة أو حتى توقع انخفاضها يقلل من تكلفة الفرصة البديلة لحيازة الأصول غير المدرة للعائد، إلا أن الفضة كانت أكثر حساسية لهذه التغيرات، إذ إن انخفاض العوائد الحقيقية ترافق مع توقعات بنشاط اقتصادي أعلى، ما عزز الطلب الصناعي عليها بشكل إضافي.

التضخم والدولار

رغم تراجع معدلات التضخم عن ذروتها، بقيت المخاوف التضخمية حاضرة في أذهان المستثمرين خلال 2025، دعم الطلب على الذهب بوصفه أداة تقليدية للتحوط، لكنه في الوقت نفسه لم يمنع الفضة من الاستفادة من ضعف الدولار النسبي في فترات عدة من العام، بحسب الدماطي.

سعر الفضة
سعر الفضة

وأشارت إلى أن انخفاض قيمة الدولار يجعل المعادن المقومة به أكثر جاذبية للمستثمرين من خارج الولايات المتحدة، ما ساهم في تعزيز التدفقات إلى الفضة، خصوصاً مع ارتفاع شهية المخاطرة لدى بعض فئات المستثمرين.

الطلب الصناعي

لفت خبير المشغولات الذهبية، أمير رزق، إلى أن الفرق الجوهري بين الفضة والذهب يتجلى بوضوح في هيكل الطلب، ففي حين يعتمد الذهب بدرجة كبيرة على الطلب الاستثماري والطلب من البنوك المركزية والمجوهرات، تتمتع الفضة بقاعدة صناعية واسعة. 

وأوضح لـ"تليجراف مصر"، أن أكثر من نصف الطلب العالمي على الفضة يأتي من قطاعات صناعية متعددة، وسط تسارع الاستثمارات العالمية في مشاريع الطاقة الشمسية، التي تعتمد بشكل كبير على الفضة في تصنيع الخلايا الكهروضوئية، وهذا الطلب ليس دوريًا بالمعنى التقليدي، بل يرتبط بتحول هيكلي طويل الأمد في مزيج الطاقة العالمي.

الدور التقليدي للذهب

على الجانب الآخر، حافظ الذهب في 2025 على دوره الراسخ كملاذ آمن، فالتوترات الجيوسياسية، والضغوط التضخمية المتقطعة، وتراجع الثقة في بعض الأدوات المالية التقليدية، كلها عوامل دعمت الطلب على الذهب، إلا أن طبيعته الأكثر استقرارًا جعلت تحركاته أقل حدة مقارنة بالفضة. 

وأكد رزق، أن الذهب لم يكن بحاجة إلى تحقيق مكاسب مضاعفة ليؤكد أهميته؛ فارتفاعه بنسبة 55% في عام واحد يعد إنجازًا كبيرًا بحد ذاته، يعكس استمرار جاذبيته في بيئة عالمية غير مستقرة.

أسعار الذهب
أسعار الذهب 

وأشار إلى أن أحد الدروس البارزة من 2025 هو التغير في سلوك المستثمرين تجاه الفضة، فبعد أن كانت تعتبر في كثير من الأحيان أداة تحوط ثانوية أو فرصة مضاربية قصيرة الأجل، بدأت تدخل بقوة في استراتيجيات التنويع طويلة الأجل. 

وأكد أن المستثمرين الراغبين في الجمع بين التحوط والنمو وجدوا في الفضة خيارً مناسبًا، خصوصًا مع تزايد الحديث عن الاقتصاد الأخضر والتحول التكنولوجي، وفي المقابل، ظل الذهب حجر الزاوية في المحافظ الأكثر تحفظاً، ما يعكس تكاملًا أكثر منه تنافسًا بين المعدنين.

حجم المعروض من الفضة 

لم يكن صعود الفضة في 2025 مدفوعاً بالطلب وحده. على جانب العرض، واجهت السوق قيوداً واضحة. إنتاج الفضة غالباً ما يكون ناتجًا ثانويًا لاستخراج معادن أخرى مثل النحاس والزنك، ما يجعل الاستجابة السريعة لارتفاع الأسعار أمرًا صعبًا. 

وفي الوقت نفسه، شهدت المخزونات العالمية تراجعًا ملحوظًا، ما زاد من حدة الضغوط السعرية، فالذهب، رغم استقرار إنتاجه نسبيًا، لم يكن بمنأى عن تحديات العرض، إلا أن مرونة سوقه وعمقها خففا من أثر هذه القيود مقارنة بسوق الفضة.

تقلبات المعادن النفيسة

رغم الأداء اللافت، قال نائب رئيس شعبة الذهب، لطفي منيب، إن مسيرة الفضة لم تخلُ في 2025 من المخاطر، فطبيعتها الأكثر تقلبًا جعلت أي موجة صعود سريعة عرضة لتصحيحات حادة. بعض الارتفاعات ارتبط بتدفقات مضاربية، ما أثار تساؤلات حول استدامة الزخم. 

وفي المقابل، بدا الذهب أقل عرضة لمثل هذه التقلبات، ما يعزز مكانته كأصل استقرار في أوقات عدم اليقين، وهذا التباين في درجة المخاطرة يظل عاملًا حاسمًا في قرارات المستثمرين عند المقارنة بين المعدنين، بحسب منيب.

اقرأ أيضًا:

كيف يُستخرج الذهب من منجم السكري؟.. رحلة المعدن الأصفر من الصخور إلى السبائك

وزير البترول: خطة لجذب 200 شركة استكشاف ذهب أجنبية خلال الفترة المقبلة

جولدمان ساكس يتوقع وصول الذهب إلى 4900 دولار في 2026

search