الإثنين، 29 ديسمبر 2025

10:27 م

الست "درية"

فى 14 ديسمبر سنة 1908.. منزل مهندس بالسكة الحديد فى طنطا اسمه أحمد شفيق يستقبل الطفلة الثالثة بين 6 أخوات، ويطلق عليها أسم "درية"

البنت الصغيرة الجميلة "درية " تفوقت فى الدراسة بشكل كبير ...  وسنة 1924 طلعت التانية فى امتحان التوجيهية على مستوى المحروسة واتكرمت وأخدت الميدالية الفضية .. واشتركت كمان فى مسابقة ملكة جمال مصر .. وبعدها سنة 1928 ارسلتها وزارة المعارف الى باريس علشان تكلمل تعليمها على نفقة الدولة .. وكالعادة اتفوقت بشكل كبير ..وقدمت رسالة دكتوراه عن حقوق المرأة فى الإسلام ونجحت بإمتياز .

الست " درية " رجعت مصر ومعاها شهادة الدكتوراه وطلبت تشتغل فى جامعة فاروق الأول .. أصبح الآن  إسمها جامعة  القاهرة  .. واترفض طلبها لسبب وحيد .. أنها إمرأة .

فماذا فعلت  درية شفيق .. هل استسلمت للمجتع الذكورى ونظرية "البنت مالهاش غير بيتها" ؟ أم قاومت وتحدت الكل واستطاعت حفر اسمها فى تاريخ مصر ؟

"الأميرة شويكار"  أحد المهتمات بحقوق المرأة ..عرفت بالحكاية فقررت تسند لها منصب  رئيس تحرير مجلة المرأة الجديدة .. لكن العمل مع الأميرة شويكار لم ينال رضا الست "درية" .. فقد كانت تريد  مجلة تتكلم عن حقوق المرأة وليس الموضة والازياء والمجتمع الراقى .. استقالت وأسست مجلة "بنت النيل" و كانت أول مجلة نسائية حقيقية فى مصر ومن أول عدد طالبت بحقوق المرأة ..واشتغلت على فكرة تعليم وتثقيف البنات ...ولم تكتفى بالمقالات والمطالبات ..نزلت على بولاق أبوالعلا وفتحت مدرسة لمحو أمية البنات ..لاحظ أننا نتحدث على بنت مصرية فى فترة الأربعينات .

الست "درية شفيق"  أصبحت محبوبة جدا فى مصر كلها .. وأصبح إسمها الرسمى بنت النيل .. وهذا  الاسم هو من  عاشت به لأخر يوم فى حياتها .

لم تكتفى الست "درية" بما حققته ..وفي سنة 1951 قادت مسيرة نسائية مكونة من 1500 فتاة وسيدة مصرية، ودخلت "البرلمان المصري" .. وكان حدث  الاول من نوعه .. كل الجرايد فى مصر والعالم كتبوا عنه .

و كان لها طلب واحد فقط  .. الست المصرية من حقها تترشح وتصوت فى الإنتخابات .. وكالعادة نجحت "بنت النيل" والبرلمان إستجاب .. وبعد أسبوع واحد من الحدث الذى هز مصر كلها.. بدأ البرلمان يناقش قانون يسمح للمرأة بالتصويت والترشح .

"بنت النيل " فى نفس السنة 1951 .. قررت تسافر هى وبنات وسيدات مصر لمنطقة القناة .. وقتها القوات البريطانية كانت تهاجم المدن والقرى ووحدات الجيش الانجليزى محتلين القناة بالكامل ويخططوا لطرد كل المصريين منها ... درية شفيق أخدت البنات والستات ودربتهم على التمريض وذهبت هناك تساعد الفدائيين وتعالجهم .

ونظمت مسيرة حاصرت  بنك "باركليز" الإنجليزي بالقاهرة ، وطالبت بمقاطعته .. وسافرت اوربا وامريكا وأقامت مؤتمرات ومحاضرات تطالب فيها بإستقلال مصر.

تحقق حلم المصريين وخرج الإنجليز من مصر فأسست " بنت النيل " أول حزب سياسى نسائى واطلقت عليه  بنت النيل ..واعترضت سنة 1954 على لجنة صياغة الدستور وقالت  اللجنة ليس بها  سيدة واحدة تطالب بحقوقنا .. وأضربت عن الطعام فى مقر نقابة الصحفيين حتى  تحقق الحلم ..  الدستور أصبح فيه نص صريح على حق المرأة فى التصويت والترشيح للإنتخابات .. واستجابت لجنة صياغة الدستور ولأول مرة فى مصر أصبح  من حق الست المصرية تدخل البرلمان كنائبة عن الشعب .

‎"الخلاصة فى كلمتين زى ما عودتكم .. بنت النيل ، الشاعرة المصرية، المناضلة السياسية ، "درية شفيق" جمعت بين الجمال والذكاء والمعرفة .. وتم اختيارها واحدة من أهم عشر سيدات فى العالم دافعوا عن حقوق المرأة .

فلم تكن درية شفيق مجرد منادية بحقوق المرأة في منتصف القرن العشرين فقط لكنها كانت مثالا في تطبيق كل ما تنادي به على نفسها أولا، ولذلك فقد اجتمع لديها التدرب على فنون القتال وتكوين كتيبة نسائية عسكرية مدربة، وفي الوقت نفسه فقد كانت أول مصرية تشارك في مسابقات الجمال وتفوز بالمركز الثاني على الرغم من رفض واستهجان كل من حولها لكنها لم تتوقف عن تنفيذ ما تؤمن به طوال حياتها.

title

مقالات ذات صلة

الست "روزا"

24 ديسمبر 2025 01:31 م

لذة الأذى

21 سبتمبر 2025 06:48 م

أدب القرود

08 سبتمبر 2025 12:07 م

الحمار!

03 سبتمبر 2025 01:13 م

search