الثلاثاء، 30 ديسمبر 2025

04:21 م

4 منظمات أممية تطرق أبواب الإنسانية: غزة تئن على حافة الانهيار

سيدة غزاوية بين ركام مبنى في قطاع غزة- تعبيرية

سيدة غزاوية بين ركام مبنى في قطاع غزة- تعبيرية

يشهد قطاع غزة، واحدة من أخطر الأزمات الإنسانية في تاريخها الحديث، بعدما تحوّل الحصار والحرب المستمرة إلى مجاعة مكتملة الأركان، تهدد حياة مئات الآلاف من السكان، خاصة الأطفال والنساء. 

تحذيرات غير مسبوقة أطلقتها منظمات الصحة العالمية والفاو، واليونيسف، وبرنامج الأغذية العالمي، بسبب الواقع الكارثي الذي يتسم بالجوع الشديد والانهيار الصحي وارتفاع الوفيات الذي كان يمكن تفاديه، في وقت تتسع فيه رقعة المجاعة وتتضاءل فرص الوصول إلى الغذاء والدواء، وسط دعوات عاجلة لوقف فوري لإطلاق النار وإنقاذ ما يمكن إنقاذه من أرواح المدنيين.

وفاقمت موجة البرد القارس، من معاناة أبناء غزة، حيث يعيش الآلاف داخل منازل متصدعة أو خيام تفتقر إلى وسائل التدفئة، مما يؤدي إلى ارتفاع حالات الوفيات.

منظمة الصحة العالمية

أكدت منظمة الصحة العالمية، أن أكثر من نصف مليون شخص في قطاع غزة محاصرون في مجاعة فعلية، تتسم بانتشار الجوع الشديد والفقر المدقع وارتفاع الوفيات التي يمكن تجنبها، وذلك وفقًا لتحليل جديد صادر عن التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي، نُشر اليوم. 

وأشار تقرير منظمة الصحة، إلى أن ظروف المجاعة مرشحة للامتداد من محافظة غزة إلى محافظتي دير البلح وخانيونس خلال الأسابيع المقبلة.

الانخفاض الحاد في استهلاك الغذاء

وأوضحت المنظمة في بيان لها، أن وكالات الأمم المتحدة المعنية، وهي منظمة الأغذية والزراعة (الفاو)، واليونيسف، وبرنامج الأغذية العالمي، ومنظمة الصحة العالمية، شددت بشكل جماعي ومتواصل على الحاجة الماسة إلى استجابة إنسانية فورية وشاملة، في ظل تزايد الوفيات المرتبطة بالجوع، والتدهور السريع في مستويات سوء التغذية الحاد، والانخفاض الحاد في استهلاك الغذاء، حيث يقضي مئات الآلاف من السكان أيامًا دون تناول أي طعام.

وأكدت الوكالات الأممية، ضرورة وقف المجاعة بأي ثمن، مشددة على أن وقف إطلاق النار الفوري وإنهاء الصراع يمثلان شرطًا حاسمًا للسماح بوصول المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة دون عوائق. 

الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية

وأعربت عن قلقها البالغ إزاء أي تصعيد عسكري محتمل في مدينة غزة، لما قد يترتب عليه من عواقب كارثية إضافية على المدنيين، خاصة في المناطق التي تعاني بالفعل من ظروف المجاعة، مع صعوبة إجلاء الفئات الأشد ضعفًا، وعلى رأسها الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية وكبار السن وذوو الإعاقة.

وبحسب التحليل، من المتوقع أن يواجه أكثر من 640 ألف شخص بحلول نهاية سبتمبر مستويات كارثية من انعدام الأمن الغذائي، مصنفة ضمن المرحلة الخامسة، وهي الأشد خطورة، في حين سيقع نحو 1.14 مليون شخص في مرحلة الطوارئ (المرحلة الرابعة)، ونحو 396 ألفًا في مرحلة الأزمة (المرحلة الثالثة). 

الأوضاع في شمال غزة

وتشير التقديرات، إلى أن الأوضاع في شمال غزة شديدة الخطورة وربما أسوأ من مدينة غزة، إلا أن محدودية البيانات حالت دون استكمال التقييم، ما يبرز الحاجة الملحة إلى إتاحة الوصول لتقييم الأوضاع وتقديم المساعدات كما لم يتم تحليل الوضع في رفح لكونها شبه مهجورة.

ويُعرّف تصنيف المجاعة، ببلوغ أقصى درجات الخطورة عند تحقق ثلاثة معايير رئيسية، هي: الحرمان الشديد من الغذاء، وسوء التغذية الحاد، والوفيات المرتبطة بالجوع، وأكد أحدث تحليل، استنادًا إلى أدلة موثوقة، أن هذه المعايير قد تحققت بالفعل في غزة.

وأشارت المنظمة إلى أن السكان وصلوا إلى هذه المرحلة الحرجة بعد قرابة عامين من النزاع، والنزوح المتكرر، والقيود الصارمة على دخول المساعدات الإنسانية، إضافة إلى الانقطاعات المتواصلة في إمدادات الغذاء والمياه والرعاية الصحية، وانهيار الأنظمة الصحية والصرف الصحي والأسواق.

ولا يزال الوصول إلى الغذاء مقيدًا بشدة في مختلف أنحاء القطاع، حيث تضاعف عدد الأسر التي أبلغت عن معاناة من جوع شديد للغاية خلال شهر يوليو مقارنة بشهر مايو، وتضاعف أكثر من ثلاث مرات في مدينة غزة. 

وأفاد 39% من السكان، بأنهم يقضون أيامًا كاملة دون طعام، فيما يضطر البالغون إلى التخلي عن وجباتهم من أجل إطعام أطفالهم.

سوء التغذية الحاد

وفي السياق نفسه، يتفاقم سوء التغذية بين الأطفال بوتيرة غير مسبوقة، إذ جرى تصنيف أكثر من 12 ألف طفل خلال شهر يوليو وحده على أنهم يعانون من سوء التغذية الحاد، وهو أعلى رقم شهري مسجل على الإطلاق، بزيادة ستة أضعاف منذ بداية العام. ويعاني نحو طفل من كل أربعة من هؤلاء من سوء التغذية الحاد الوخيم، وهو أخطر أشكاله وأكثرها فتكًا.

ومنذ آخر تحليل للتصنيف المتكامل في مايو، تضاعف ثلاث مرات، عدد الأطفال المتوقع أن يكونوا معرضين بشدة لخطر الوفاة بسبب سوء التغذية بحلول منتصف عام 2026، ليصل إلى 43.400 طفل. 

كما ارتفع عدد الحوامل والمرضعات المتوقع معاناتهن من سوء تغذية خطيرة من 17 ألفًا إلى 55 ألف امرأة خلال الفترة نفسها، وهو ما ينعكس في ارتفاع معدلات الولادة المبكرة وانخفاض الوزن عند الولادة، حيث يولد طفل من بين كل خمسة أطفال دون الوزن الطبيعي.

قطاع غزة 

وأشار التقييم الجديد، إلى أن ما يشهده قطاع غزة يمثل أسوأ تدهور في الأمن الغذائي منذ بدء تطبيق نظام التصنيف المتكامل، وهو أول تأكيد رسمي لحدوث مجاعة في إقليم الشرق الأوسط.

ورغم الزيادة الطفيفة في دخول المساعدات الغذائية منذ يوليو، فإنها لا تزال غير كافية وغير منتظمة، ويتعذر الوصول إليها مقارنة بحجم الاحتياجات. وفي الوقت ذاته، تضرر نحو 98% من الأراضي الزراعية أو باتت غير قابلة للوصول، ما أدى إلى تدمير شبه كامل للإنتاج الغذائي المحلي، في ظل نزوح متكرر لنحو 90% من السكان.

كما تعاني غزة من نقص حاد في السيولة النقدية، وتعطل شديد في عمليات الإغاثة، مع تعرض معظم شاحنات المساعدات للنهب نتيجة اليأس المتزايد، وارتفاع كبير في أسعار الغذاء، ونقص الوقود والمياه اللازمة للطهي والرعاية الصحية.

وأفادت المنظمة بأن النظام الصحي في غزة يمر بحالة انهيار حاد، بالتزامن مع تراجع كبير في الحصول على مياه الشرب المأمونة وخدمات الصرف الصحي، وارتفاع مقلق في معدلات الإصابة بالأمراض، خاصة بين الأطفال، بما في ذلك الإسهال والحمى والأمراض التنفسية والجلدية، إلى جانب تزايد العدوى المقاومة للأدوية.

اقرأ أيضا:

أكسيوس: نتنياهو يوافق على الانتقال للمرحلة الثانية من اتفاق غزة بضغط ترامب

غزة تواجه كارثة مناخية، المنخفض الجوي "بايرون" يخلف ضحايا وأضرار واسعة

search