الإثنين، 29 ديسمبر 2025

11:46 ص

المقايضة الكبرى، مقترح لحل أزمة الدين العام يثير جدلًا بين رجال أعمال ومصرفيين

الدين العام

الدين العام

أثار نقاش مفتوح على منصة "إكس" بين كبار رجال الأعمال والمصرفيين، جدلاً واسعًا حول أزمة الدين العام المحلي في مصر، حيث تبادل المشاركون وجهات نظر متباينة حول حلول الأزمة وأفضل الأساليب لإدارتها، بين مقترحات جذرية لإعادة هيكلة الدين ومخاوف من تداعيات اقتصادية محتملة.

الدين العام في مصر

وتواجه الحكومة ضغوطًا كبيرة جراء ارتفاع مستويات الدين العام، حيث بلغ الدين الخارجي نحو 161.2 مليار دولار، وفقًا لأحدث بيانات البنك المركزي المصري، فيما ارتفع الدين العام، المحلي والأجنبي 1.8% خلال الربع الثاني من العام الحالي على أساس ربع سنوي، ليصل لنحو 14.949 تريليون جنيه بنهاية يونيو الماضي، مقابل 14.686 تريليون جنيه بنهاية مارس.

وبدأ النقاش على منصة “إكس”، حيث كتب رجل الأعمال حسن هيكل منشورًا يتمضن مقترحًا حول ما أسماه المقايضة الكبرى، وهي فكرة تقوم على بيع جميع أصول الدولة للبنك المركزي مقابل تصفير الدين العام المحلي، وإعادة توجيه إيرادات الموازنة المحررة من الفوائد نحو برامج تنموية حيوية.

وأوضح هيكل، أنه عرض هذه الفكرة على رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي، قبل عام، مشيرًا إلى أن الدين وصل إلى حوالي 13 تريليون جنيه، ومعظم إيرادات الموازنة تُستهلك لسداد الفوائد فقط، ما يجعل الحلول التقليدية مثل تخفيض سعر الفائدة أو بيع الأصول بشكل جزئي غير مجدية. 

شراء البنك المركزي أصول الدولة

وأضاف أن البنك المركزي، في حالة امتلاكه للسيولة، يمكنه شراء أصول الدولة وإدارتها بشكل محترف، مما يسمح بتحويل هذه الأصول إلى استثمارات تنموية مستدامة تخدم الاقتصاد الوطني، واستشهد هيكل بتجارب دولية سابقة، مشيرًا إلى تدخل الفيدرالي الأمريكي عام 2008 لإنقاذ شركات كبرى من الإفلاس خلال أزمة السيولة، وأن تدخل البنك المركزي في أوقات الأزمات يمثل خطوة ضرورية للحفاظ على استقرار الاقتصاد وحماية الأسواق من الانهيار.

ولفت هيكل إلى أن الهدف من المقايضة الكبرى هو كسر الدائرة المفرغة للفوائد المتراكمة، وتحرير الموارد المالية للدولة لدعم قطاعات أساسية مثل التعليم والصحة والبحث العلمي، مع التأكيد على أن الفكرة قابلة للتنفيذ تقنيًا، لكن تحتاج إلى نقاش جاد حول العوائق المحتملة.

تحذيرات من المخاطر والتداعيات

وفي هذا التوقيت، قرر رئيس مجلس إدارة البنك التجاري الدولي، هشام عز العرب، الدخول في نقاش مع هيكل، إذ أبدى مخاوفه من أن المقايضة الكبرى قد تشكل إعلان إفلاس ضمنيًا، مع وجود نسبة كبيرة من الدين مملوكة لأجانب "حوالي 40% من الأذون الحكومية"، ما يثير تساؤلات حول ردود أفعال السوق المحلي والدولي، وإمكانية تمويل الدولة مستقبلاً من الأسواق الدولية.

وشدد عز العرب على أن الحل يجب أن يكون عبر زيادة الإيرادات الحكومية وتنمية القطاع الخاص، موضحًا أن أي محاولة لتحويل الدين إلى أصول قد تؤدي إلى مصادرة أموال المودعين أو التأثير على استثماراتهم، وهو ما يراه خطيرًا على الاستقرار المالي.

منشور هشام عز العرب

وأضاف أن خطوات مثل وضع سقف للاقتراض، توحيد الإيرادات في حساب المالية، وتعزيز مشاركة القطاع الخاص تعد حلولًا أكثر أمانًا وواقعية، لكنها تحتاج إلى التزام كامل من الحكومة والمؤسسات المالية.

التضخم والفائدة

وطرح هيكل كذلك تقييمه للوضع الاقتصادي الحالي، موضحًا أن التضخم السنوي المعلن (حوالي 25%) لا يعكس بالضرورة الواقع اليومي، إذ أن التضخم الشهري أصبح أقل من 10% في الأشهر الأخيرة، ما يطرح تساؤلات حول ضرورة رفع الفائدة لمجرد مكافحة التضخم.

وأشار إلى أن أحد أهداف رفع الفائدة قد يكون جذب الاستثمارات الأجنبية في أذون الخزانة، وليس مجرد محاربة التضخم، ما يخلق عبئًا إضافيًا على ميزانية الدولة ويفاقم أزمة العجز.

ورد رجل الأعمال نجيب ساويرس على تصريحات عز العرب، مؤكدًا أن المشكلة ليست فقط في حجم الدين، بل في ضعف إيرادات الدولة أيضًا، ليعلّق عضو اللجنة الاستشارية بمجلس الوزراء، الدكتور مدحت نافع، محذرًا من أن تنفيذ المقايضة الكبرى قد يؤدي إلى نقل أزمة الحكومة إلى الجهاز المصرفي وخلق دائرة جديدة من التخبط في السياسات النقدية، وهو ما يتطلب دراسة دقيقة لتداعيات الخطوة قبل اعتمادها.

اقرأ أيضًا..

أعباء خدمة الدين، مصر تسدد 30.1 مليار دولار خلال 9 أشهر

المركزي: ارتفاع مؤشر الاستقرار المالي مدفوعا بتحسن الاقتصاد

search