البيض التركي أرخص من المصري بـ36 جنيها.. هل يكسر احتكار السوق؟

في ظل ارتفاع أسعار البيض محليًا، ووصولها إلى مستويات غير مسبوقة بعدما وصلت الكرتونة إلى 200 جنيه في بعض المناطق، قبل أن تتراجع بين 10 و15 جنيهًا اليوم، مع الحديث عن فتح الاستيراد، وتحديدًا تركيا، التي من المقرر أن تباع بسعر 150 جنيهًا للكرتونة.

"تليجراف مصر" أجرى عمليات بحث وتحقيق لمعرفة أسعار البيض في مصر وتركيا، ومقارنتهم، حيث أثبتت النتائج أن أسعار البيض في تركيا أقل بنحو 36 جنيهًا عن السوق المحلية، إذ يبلغ سعر كرتونة البيض الأبيض في مصر نحو 160 جنيهًا.

وهو ما أرجعه بعض المتعاملين والتجار إلى عمليات الاحتكار ونقص المعروض، لا سيما أن المحكمة الاقتصادية غرمت 4 من سماسرة بيض المائدة بقيمة 20 مليون جنيه، بواقع 5 ملايين جنيه لكل منهم، بسبب اتفاقهم على تحديد الأسعار اليومية لبيع البيض، سواء عبر خفض أو رفع أو تثبيت الأسعار، ما يشكل انتهاكًا لأحكام قانون حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية.

أسعار البيض التركي مقابل المصري

يبلغ سعر كرتونة البيض (15 بيضة) نحو 50 ليرة تركية، ما يعادل 70 جنيهًا، أما الكرتونة 30 بيضة بـ87.50 ليرة (124.26 جنيه)، والبيض العضوي (6 قطع) بـ39.50 ليرة ما يعادل 56.10 جنيه، وفقًا لموقع Market التركي.

في نفس الوقت، أظهرت مواقع لمقارنة تكلفة المعيشة أن سعر البيض في مصر أرخص من تركيا، فوفقًا لبيانات موقع globalproductprice، لشهر مارس 2024، جاءت تركيا في المرتبة الـ61 كأغلى دولة في سعر البيض (12 قطعة) بقيمة 2.10 دولار، بينما احتلت مصر المرتبة الـ74 بـ1.60 دولار، من أصل 82 دولة شملتها القائمة، ما يعني وجود فجوة غير مبررة في الفترة الأخيرة.

ووفقًا لموقع ekonomim التركي، فإن جوال علف التسمين 25 كيلو يتراوح بين 295 إلى 600 ليرة (418.95 إلى 852.10 جنيه). 

أما في مصر، فإن جوال العلف يتراوح بين 532 إلى 587.5 جنيه، ما يعني أن مدخلات الإنتاج مستقرة، لكنها تتجاوز في مصر نظيرتها التركية.

احتكار البيض

رئيس جمعية "مواطنون ضد الغلاء"، محمود العسقلاني، اعتبر أن قرار الدولة استيراد البيض من تركيا يأتي ضمن سياسة السوق الحرة لتحقيق توازن في السوق وكسر سيطرة محتكري سوق البيض، من خلال توفيره بأسعار معقولة، مع الحفاظ على جودة المنتج.

في تصريح لـ"تليجراف مصر"، قال العسقلاني، إن البيض التركي يمتاز بجودته وبتحديد تاريخ الإنتاج والصلاحية على كل بيضة، ما يعزز ثقة المستهلكين، داعيًا إلى الاستفادة من الخبرات التركية في مجال تربية الدواجن، كون تركيا دولة مستقرة صناعيًا وقريبة جغرافيًا، ما يسهم في نقل الخبرات وتخفيض التكاليف.

وأشار رئيس جمعية "مواطنون ضد الغلاء"، إلى أن استيراد البيض من تركيا كشف أوجه الاحتكار في السوق المحلي، لافتًا إلى جهود جهاز حماية المستهلك التي أدت إلى القبض على 21 شخصًا من المتحكمين في أسعار البيض، وإحالتهم للتحقيق، موضحًا أن البيض المستورد أثر إيجابيًا على أسعار البيض في مصر، حيث انخفض سعر الكرتونة إلى 150 جنيهًا، رغم وجود هامش ربح في بعض المحال التجارية التي تبيع المنتج المحلي بالسعر القديم.

وأكد أن البيض التركي سيسهم في ضبط أسعار الدواجن أيضًا، مع تحفيز المنتجين المحليين للالتزام بتسعير عادل للمنتجات، ما يعزز التوازن في السوق المصري، مشددًا على أن هذه الخطوة تمثل جرس إنذار لمحتكري السوق، وتعد مؤشرًا على توجه الدولة لضمان استقرار الأسعار وتوفير المنتجات بأسعار مناسبة للمواطنين، ما سيؤدي إلى القضاء على ممارسات الاحتكار وضبط السوق الفترة المقبلة.

زيادة استهلاك البيض

على الجانب الآخر، نفى نائب رئيس اتحاد منتجي الدواجن، ثروت الزيني، وجود ممارسات احتكارية في سوق البيض، موضحًا أنه سلعة لا تقبل التخزين، مشيرًا إلى وجود تراجع في إنتاج بيض المائدة بنسبة 25% نتيجة أزمة الدولار، التي أثرت على إدخال قطعان جديدة من الدواجن البياض والأمهات، فضلًا عن أنه لم يتم استيراد أي طبق بيض منذ 40 عامًا.

الزيني أوضح لـ"تليجراف مصر"، أن زيادة الاستهلاك المحلي ليتفوق على المعروض، خاصة مع ارتفاع أعداد الوافدين تسببت في زيادة الأسعار، وسط تأثير دورة الأمهات والجدود، ما نتج عنه حدوث فجوة في الإنتاج، متوقعًا أن تنتهي هذه المشكلة مع بداية العام المقبل.

خلال عامي 2022 و2023، واجهت صناعة الدواجن أزمة في الأعلاف المستوردة، بسبب ارتفاع أسعارها بعد الحرب الأوكرانية، والأزمة الاقتصادية في مصر، إلا أن الحكومة أكدت أنها أعطت أولوية لتوفير الدولار من أجل تأمين الأعلاف، كما وضعت خطة لتكوين مخزون استراتيجي من هذه المواد.

ويبلغ حجم الاستهلاك السنوي من الأعلاف المركزة حوالي 24 مليون طن، تُستخدم في تغذية الدواجن والمواشي والأسماك، وتهدف الحكومة إلى إنشاء صوامع جديدة لزيادة السعة التخزينية المتاحة من الأعلاف، لتحقيق توازن في الأسعار.

وأوضح الزيني، أن منافذ القطاع الخاص والمحلات التجارية تفرض هامش ربح، ما يجعل سعر الكرتونة يباع للمستهلك بـ 160 جنيهًا، قائلًا: “إنتاجنا اليومي يبلغ 40 مليون بيضة، والبيض التركي المستورد لم يظهر بعد في السوق، وكل ما يتردد على السوشيال ميديا هو مجرد شائعات”.

كما قدمت عضو لجنة الصناعة بمجلس النواب، النائبة إيفلين متى، سؤالًا برلمانيًا إلى وزير الزراعة حول بشأن تفكير الحكومة في استيراد البيض من تركيا بدلاً من معالجة أزمة أصحاب المزارع الداجنة.

أسباب انخفاض سعر البيض المستورد

وحول أسباب انخفاض سعر البيض المستورد عن المحلي، أوضح عضو شعبة المواد الغذائية، حازم المنوفي، أنه يعود إلى عدة عوامل، منها تكاليف الإنتاج الأقل في بعض الدول، حيث تتمتع هذه الدول بتوفر الأعلاف بأسعار أرخص وتقنيات إنتاج متطورة تساهم في تخفيض التكاليف، ما يجعل البيض المستورد أقل تكلفة.

وأضاف المنوفي لـ"تليجراف مصر"، أن الحكومة تتدخل أحيانًا لاستيراد كميات من البيض لتحقيق توازن في السوق وتخفيف العبء على المستهلكين، إذ تستورد البيض بأسعار منافسة من خلال التعاقدات الجماعية التي تستفيد من خصومات كبيرة، وهو ما لا يتوفر في الإنتاج المحلي، وغالبًا يُطرح في المنافذ الحكومية والمجمعات الاستهلاكية بسعر موحد ومنخفض، مقارنةً بالأسواق المحلية التي تتباين فيها الأسعار حسب المنطقة والطلب.

ولفت المنوفي إلى أن الدول المصدرة للبيض إلى مصر، مثل تركيا، قريبة جغرافيًا، ما يقلل من تكاليف الشحن والنقل بشكل كبير، وبالتالي، يبقى سعر البيض المستورد منافسًا، خصوصًا مع استفادة الجهات المستوردة من أسعار الشحن المنخفضة.

وأشار إلى أن مشكلة البيض المحلي هي عدم وضع أسعار وتواريخ الإنتاج بشكل واضح على الكراتين، مشددًا على ضرورة اتخاذ هذا الإجراء لتمكين المستهلك من معرفة تاريخ إنتاج البيض وصلاحيته، ما يعزز الثقة بين المستهلكين والمنتجات المحلية، متوقعًا أن تشهد السوق استقرارًا على المدى القصير مع زيادة المنافسة بين المنتجين المحليين والمستوردين، ما يسهم في تحقيق التوازن المطلوب لتلبية احتياجات المستهلك بأسعار معقولة.

وفي 20 أكتوبر الجاري، استقبلت مصر أول شحنة من البيض المستورد عبر مطار القاهرة، ومن المتوقع استقبال شحنات جديدة خلال الشهر الحالي والمقبل لزيادة المعروض من البيض في الأسواق بسعر 150 جنيهًا للطبق الواحد، الذي يحتوي على 30 بيضة، وفقًا لوزارة التموين.