الأربعاء، 30 أبريل 2025

11:07 ص

من غزة لـ إسبانيا.. معاناة أسرة فلسطينية فرقها القصف وأوجعها النزوح

عائلة فلسطينية في إسبانيا

عائلة فلسطينية في إسبانيا

سيد مصطفى

A .A

لم يتوقع أحمد حجازي ووالده عماد عندما غادرا قطاع غزة متجهين إلى مدينة ليناريس الإسبانية (مقاطعة خاين) في سبتمبر الماضي، أن تتحول زيارة الصيف العائلية إلى فصل جديد من الفقدان والمعاناة، بحسب صحيفة “الباييس” الإسبانية.

كان من المقرر أن تبدأ والدته وإخوته الثلاثة إجراءات العودة إلى إسبانيا خلال عطلة عيد الميلاد، بعد سنوات من الانفصال فرضتها جائحة كورونا، لكن الحرب التي اندلعت بعد عملية “طوفان الأقصى” في 7 أكتوبر 2023، بددت تلك الآمال.

من فيروس إلى قصف.. عزلة مزدوجة

عزل الفيروس عائلة حجازي أولًا، ثم جاءت الحرب الإسرائيلية على غزة لتعزلها مرة أخرى. ومع استمرار القصف والحصار، تزايدت مخاوف أحمد ووالده على سلامة أفراد الأسرة المحاصرين، ما دفعهما إلى التوجه بنداء عاجل إلى وزير الخارجية الإسباني، خوسيه مانويل ألباريس، يطلبان فيه التدخل لضمان إجلاء آمن لهم من قطاع غزة. كما أطلقا حملة موازية على منصة change.org لكسب الدعم الشعبي.

يقول أحمد، البالغ من العمر 18 عامًا: "نحن جميعًا مواطنون إسبان". فقد جاء والدي إلى إسبانيا في الثمانينيات لدراسة الهندسة، واستقر لاحقًا في ليناريس بعد زواجه من والدتي، ريم شكيك. 

وهناك وُلد جميع أبنائهم: هدى (25 عامًا، صحفية)، نور (22 عامًا، ممرضة)، أحمد الذي يستعد لدراسة الهندسة المعمارية في جامعة غرناطة، وإسماعيل (9 سنوات).

قصة نزوح متكرر وقصف مستمر

زار أحمد ووالده غزة في صيف 2023 للاطمئنان على صحة جديه المريضين، في حين قررت والدته وبقية أفراد الأسرة البقاء في غزة إلى أن تُنهي البنات دراستهن الجامعية، بعد أن منعهم فيروس كورونا سابقًا من العودة في سبتمبر الماضي، ودعوا بعضهم من شقة العائلة في حي تل الهوا، التي قصفت لاحقًا، ما أجبرهم على الانتقال إلى منزل الأجداد، الذي دُمّر أيضًا.

خلال الأشهر التالية، تنقلت الأسرة خمس مرات، من منزل لآخر، باحثين عن مأوى آمن. أحد تلك الملاجئ كان قرب مستشفى الشفاء، الذي تحول لاحقًا إلى مسرح لاجتياح عسكري إسرائيلي، ما أجبرهم على الاحتماء بمركز للعلاج الطبيعي، حيث عاشوا شهرًا كاملًا في ظروف إنسانية قاسية، مكتظين بعشرات العائلات، دون طعام أو ماء كافيين، وعلى الأرض كانوا يقتسمون ساعات الليل.

عادوا لاحقًا إلى منزل قريب لعّم الأم، يعيشون فيه الآن مع نحو عشرين فردًا من الأقارب، بعد أن أصيب الجميع بالتهاب الكبد بسبب تلوث المياه.

الوجع لا يتوقف.. فَقْد وخوف وقلق

يروي أحمد أن عائلته فقدت ما يقرب من خمسين فردًا خلال الحرب، بينهم عم والده، الذي تم انتشال جثته من تحت الأنقاض. 

ورغم أن إسم والدته وإخوته أُدرج ضمن قائمة الإسبان المرشحين للإجلاء، إلا أن وجودهم في شمال القطاع، بعيدًا عن معبر رفح المستخدم لعمليات الإجلاء، حال دون خروجهم.

"نحتاج وسيلة نقل آمنة"

يشدد أحمد على أن العائق الأبرز أمام الإجلاء هو غياب وسيلة آمنة للوصول إلى المعبر الحدودي، قائلًا: "لا يمكننا قطع المسافة سيرًا على الأقدام، خاصة مع وجود طفل صغير". 

ويضيف: "نطلب من الحكومة الإسبانية أن تؤمن وسيلة نقل مثل سيارة، إسعاف، أو أي وسيلة لتوصيلنا إلى الحدود بأمان".

رغم الاتصالات المستمرة بالقنصلية الإسبانية في إسرائيل، لم تسفر الجهود عن نتيجة بعد. 

كما حاولوا التواصل مع حكومة الأندلس وبلدية ليناريس (كلاهما يديرهما حزب الشعب المحافظ)، لكنهم تلقوا ردًا مفاده أن القضية ليست من اختصاصهم، دون أن يُظهروا استعدادًا للوساطة مع وزارة الخارجية.

في أبريل الماضي، تعرض والد أحمد لأزمة قلبية نتيجة القلق والتوتر. أما الثاني، فقد أكمل دراسته الثانوية بتفوق رغم الضغوط النفسية. 

يقول أحمد: "كان من الصعب جدًا إنهاء البكالوريا، لكنني فعلت ذلك من أجل عائلتي، ليشعروا بالفخر، ولأنسيهم قليلًا الواقع القاسي الذي يعيشونه.. إنهم فخورون بي، ليس بسبب العلامة العالية، بل لأني لم أتوقف عن القتال من أجلهم في سبيل لم شملهم".

search