الخميس، 01 مايو 2025

12:39 ص

بين التصدير والتعقيم.. كيف تلاحق الدولة 20 مليون كلب ضال؟

كلاب ضالة

كلاب ضالة

روان عبدالباقي

A .A

كانت الطفلة مريم (7 سنوات) عائدة من المدرسة وفي طريقها إلى المنزل بمنطقة حدائق الأهرام بمحافظة الجيزة حتى حاصرتها مجموعة من الكلاب الضالة التي كادت أن تنال منها لولا تدخل المارة في الشارع وإنقاذها.

معاناة مع الكلاب الضالة

مريم ليست الحالة الوحيدة التي تعرضت لهذا الهجوم، فهناك آلاف القصص وفي أماكن ومحافظات مختلفة، تتحدث مأساة المعاناة مع الكلاب الضالة في كل منطقة، وفي الجهة المقابلة تنتشر جمعيات الرفق بالحيوان، فهل يرفقون بهم حقًا أم يستخدمونها كوسيلة لإيذاء البشر؟.

حكى أحد المواطنين عن معاناته قائلا: “أقسم بالله الموضوع بقي خارج السيطرة عندنا في الإسكندرية تعالي شوف محرم بك حوالين المدارس والشوارع فيها كمية كلاب أد إيه والله حاجة مخيفة، وخصوصا إن الأطفال بينزلوا المدارس بدري بتكون الشوارع فاضية والكلاب متجمعه بالعشرات”.

وقال آخر: "أقسم بالله الكلاب كترت بطريقة بشعة كل شارع وحارة فيه ما لا يقل عن خمس كلاب وبتوصل العشرة، والله كنت ماشي في حالي ولقيت اللي مسك في رجل البنطلون من ورا طلع كلب وكان عايز يعضني وجاي من ورايا لولا كان في ناس خارجة من صلاة الجمعة أنقذوني".

قانون تنظيم حيازة الحيوانات الخطرة والكلاب

يُذكر أن الحكومة وافقت منذ عدة أيام على مشروع قرار رئيس مجلس الوزراء بإصدار اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم حيازة الحيوانات الخطرة والكلاب، الصادر بالقانون رقم 29 لسنة 2023.

اللائحة التنفيذية للقانون تنص على تشكيل لجنة فنية مركزية مشتركة بقرار من الوزير المُختص، وبالتنسيق مع الوزارات المعنية، برئاسة ممثل عن السلطة المختصة، وعضوية ممثلين عن الوزارات المعنية.

مهمة اللجنة تتمثل في وضع إطار وطني لمجابهة الحيوانات الضالة أو المتروكة؛ التي تُشكل خطراً على الإنسان أو الحيوان، وتحديث هذا الإطار بشكل دوري وفق المستجدات في هذا الشأن، وذلك بمراعاة معايير وتوصيات المنظمة العالمية للصحة الحيوانية وغيرها من المُنظمات الدولية المتخصصة، وذلك بالتعاون مع منظمات المجتمع المدني وغيرها من الشركات المتخصصة في العمل في هذا المجال.

مجلس الوزراء

موقف الكلاب الضالة في القانون

وبقراءة القانون تجد أنه يركز على حيازة وامتلاك الحيوانات وهناك 3 مواد فقط تطرقت إلى الحيوانات الضالة وهي المادة 8، 23، 26.

المادة 8 تنص على: يتعين على كل من يجد أيا من الحيوانات الخطرة متروكا أو ضالًا، وعلى كل من يعلم بوجود حيوان خطر غير مرخص بحيازته لدى أي حائز إبلاغ السلطة المختصة لاتخاذ التدابير والإجراءات اللازمة.

المادة 23 تنص على: تتخذ السلطة المختصة في حدود إمكانيات الدولة المتاحة وبالتنسيق مع الجهات المعنية التدابير والإجراءات اللازمة لمجابهة الحيوانات الضالة أو المتروكة التي تشكل خطرا على الإنسان أو الحيوان، وذلك بمراعاة معايير وتوصيات المنظمة العالمية للصحة الحيوانية وغيرها من المنظمات الدولية المتخصصة.

أما المادة 26 توضح أن هناك موارد للصرف على أغراض تمويل تكاليف التدابير اللازمة بالنسبة للحيوانات الضالة أو المتروكة التي تشكل خطرا على الإنسان أو الحيوان، وتكاليف إيواء وعزل الحيوانات الخطرة، وغيرها من الحالات المنصوص عليها في هذا القانون، والأغراض الأخرى التي يصدر بتحديدها قرار من رئيس مجلس الوزراء بناءً على عرض الوزير المختص وبعد موافقة وزير المالية 

بداية القصة في 2018

في 2018، أثيرت شائعات حول اعتزام وزارة الزراعة تصدير 4100 كلب وقطة، قبل أن ينفي مسؤولوها ذلك، وفي دور الانعقاد الماضي للبرلمان تقدمت عضو مجلس النواب، رشا أبو شقرة، بطلب إحاطة للحد من ظاهرة الكلاب الضالة بالشوارع، وقدّرت عددها بـ 12 مليونًا، مطالبة بتصديرهم للخارج.

وبعد 10 أشهر من دعوة أبو شقرة، عاد الجدل من جديد بعد تقدم عضو مجلس النواب، آيات الحداد، باقتراح برغبة، بشأن تصدير كلاب الشوارع إلى كوريا والصين، مقابل الحصول على الدولار، لكن جميع هذه المقترحات دخلت أدراج البرلمان ولا يعلم أحد مصيرها.

وأوضحت عضو مجلس النواب، في تصريحاتها لـ “تليجراف مصر” أن البديل الوحيد عن تصدير الكلاب الضالة، هو تطعيمها ووضع علامة على كل كلب يتم تطعيمه، مثلما يحدث في تركيا، مشيرة إلى أنها تقدمت بهذا الاقتراح للحفاظ على حياة الكلاب، وهذا ما لم يتقبله نشطاء حقوق الحيوان الذين قابلوا هذه المقترحات بالرفض القاطع.

كلاب ضالة

جمعيات الرفق بالحيوان تعترض

الناشطة بمجال حقوق الحيوان، دينا ذو الفقار، قالت في تصريحاتها لـ “تليجراف مصر”: “أدعو النواب إلى طرح مقترحات لإطلاق المشاريع وتوفير فرص العمل وحل مشكلات الزراعة والصناعة، بدلا من تقديم مقترحات لتصدير الكلاب”.

وقالت إن موضوع الكلاب الضالة تم حسمه في استراتيجية 2030 للتوعية بشأن التعامل مع هذه الكلاب وتطعيمها ضد الأمراض المختلفة، أما فكرة تصديرها للخارج بدعوى حمايتها، فتعتبر غير آدمية ومرفوضة، لافتة إلى أن الحكومة لجأت بالفعل إلى الحل المتطور عالميًا وهو التعقيم والتطعيم ضد السعار.

وأكدت أن جمعيات الرفق بالحيوان تتخذ خطوات جادة لحل أزمة الكلاب الضالة، وتشمل برامج "التعقيم والتطعيم"، وأن هذه البرامج تأتي ضمن رؤية مصر 2030؛ وفيها تلتزم الدولة بالقضاء على مرض السعار، وفقًا لمعايير مشتركة وضعتها منظمة الصحة العالمية، ومنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو)، والمنظمة العالمية لصحة الحيوان.

ونفت صحة الأرقام المتداولة عن عدد الكلاب الضالة في الشوارع، معقبة: “ما تم إعلانه رسميًا من أيمن محروس، رئيس الإدارة المركزية للصحة العامة والمجازر بالهيئة العامة للخدمات البيطرية، يشير إلى وجود ما يقرب من 6.5 مليون كلب في شوارع مصر”.

الناشطة بمجال حقوق الحيوان، دينا ذو الفقار

20 لـ 30 مليون كلب ضال

أما وكيل النقابة العامة للأطباء البيطريين، الدكتور محمود حمدي، أكد أنه لا يوجد إحصاء دقيق حتى الآن يرصد أعداد الكلاب الضالة فى الشوارع، وكل الإحصائيات تقديرية، وتشير إلى أن عدد الكلاب في حدود 20 مليون كلب ضال فى الشوارع، وقد تقل عن ذلك أو تزيد.

ورد حمدي على سؤال الإعلامية لميس الحديدي: "طبقًا للائحة التنفيذية للقانون رقم (29) لسنة 2023، ستكون الجهات البيطرية هى المسؤولة عن التعامل مع ظاهرة الكلاب الضالة فهل عدد أعضاء وكوادر الجهات البيطرية كافٍ للقيام بهذه المهمة؟"، قائلاً: “بشكل منطقى، كأطباء بيطريين، ظُلمنا فى هذا الملف، لأن واجبنا الأساسى هو علاج الحيوانات فقط، ولم ندرس فى الكلية كيفية الجرى وراء الكلاب فى الشوارع لقتلها هذا الملف لم يكن ضمن اختصاصنا، بل كان من اختصاص وزارة الداخلية وأكثر من جهة ووزارة، ثم تم إسناده إلينا”.

وأضاف: تنصلت كافة تلك الجهات من ملف الكلاب الضالة، وأُسند إلى الجهات البيطرية، لا نستطيع أن نرضى المسؤولين وفى نفس الوقت نُرضى الأهالى الذين يضغطون مطالبين بقتل الكلاب.

search