"صيادو الفجر".. حكايات إنسانية من مزارع سمك كفرالشيخ

يستيقظ العشرات من عمال محافظة كفرالشيخ قبل طلوع الفجر يوميًا، ويبدأون رحلتهم الشاقة في سبيل كسب لقمة العيش من خلال العمل في المزارع السمكية.

 منذ الرابعة صباحًا، يتوجه هؤلاء العمال إلى مواقع عملهم وسط البرد القارس، حيث يصطادون الأسماك مقابل أجر يومي لا يتعدى 200 جنيه، بالإضافة إلى وجبة بسيطة من "عشوة السمك". 

ورغم صعوبة الظروف، يستقبلون عملهم بحب وحماس لا ينقطع.

قصة عمي لافي.. 45 عامًا من الكفاح

يقول الحاج لافي، البالغ من العمر 65 عامًا، والذي يعمل في صيد الأسماك منذ أكثر من أربعة عقود، إنه يغادر منزله في الثالثة فجرًا بصحبة زملائه متوجهًا إلى إحدى المزارع التي يتم الاتفاق معها مسبقًا على عمليات الصيد. 

ويوضح أن عدد العمال يتحدد بناءً على مساحة الأرض المزروعة بالأسماك.

ويضيف لـ"تليجراف مصر" أن العمال يتم تقسيمهم عند الوصول إلى المزرعة إلى مجموعات حسب المهام: من يعمل في "الفرزة"، وآخرون في "الشلبة" و"الوزنة". 

وبعد تناول إفطار بسيط، يبدأون العمل لساعات طويلة دون ارتباط بوقت محدد، قائلًا: "بنخلص ونمشي".

رحلة السمك من "الخبو" إلى الأسواق

يوضح عمي لافي أن أولى خطوات العمل تبدأ بجمع الأسماك في مكان عميق داخل الحوض يُطلق عليه اسم "الخبو"، ثم تُنقل إلى منطقة الفرز حيث يتم تصنيفها حسب الحجم والنوع. 

بعد الفرز، تُوزن الأسماك ويُضاف الثلج إليها قبل تحميلها على سيارات مخصصة لنقلها إما إلى سوق العبور أو إلى بورصة أسماك كفر الشيخ.

مراحل الزراعة وتحديات المزارع

الحاج عبد الحميد عويس، مالك إحدى المزارع السمكية بكفر الشيخ، يشرح مراحل دورة تربية الأسماك، والتي تبدأ بتجهيز الأرض وضخ المياه فيها بكميات محددة، ثم إضافة الزريعة، وهي صغار الأسماك بحجم حبة القمح. 

تستمر دورة الإنتاج بين 5 إلى 6 أشهر، يتم خلالها تغذية الأسماك بأعلاف خاصة تُصنع لهذا الغرض.

ويؤكد "عويس" أن مصروفات الزراعة السمكية مرتفعة للغاية، وقد يتعرض المزارع لخسائر فادحة إذا فشلت الزراعة، حيث يثقل كاهله ديون الأعلاف والاقتراض من مكاتب الأسماك، مضيفًا: "إما أن تنجح الزرعة وتحقق الخير، أو يخسر المزارع كل شيء، وهي دوامة لا يمكن الخروج منها بسهولة".

كفر الشيخ.. قلعة إنتاج الأسماك في مصر

تُعد محافظة كفر الشيخ القلب النابض لإنتاج الأسماك في مصر، إذ تنتج نحو 45% من إجمالي إنتاج الجمهورية. 

وتضم المحافظة مزارع سمكية حكومية وخاصة، مستفيدة من وفرة الأراضي غير الصالحة للزراعة والتربة المالحة المناسبة للاستزراع السمكي.

من بين أبرز تلك المزارع: مزرعة غليون الحديثة لإنتاج الأسماك البحرية والجمبري، ومزرعتا الزاوية والخاشعة. 

ويبلغ إجمالي الإنتاج من هذه المزارع نحو 18 ألف طن سنويًا من الأسماك الفاخرة، فيما تنتج المزارع الخاصة وحدها حوالي 342,112 طنًا سنويًا.