الأربعاء، 21 مايو 2025

05:26 م

محطات التوتر بين مصر وإسرائيل إلى أين؟.. سيناريوهات القاهرة وتل أبيب

في الأشهر الأخيرة، شهدت العلاقات بين مصر وإسرائيل توترًا ملحوظًا، تطور إلى رسائل سياسية وأمنية حادة من القاهرة تجاه تل أبيب، وخاصة في ظل التصعيد العسكري الإسرائيلي في قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر 2023. 

ورغم الحفاظ على اتفاق السلام بين البلدين منذ عام 1979، فإن الأحداث الدرامية خلال العامين الأخيرين كشفت عن تحول جذري في هذه العلاقة، حيث ظهرت علامات من الضيق المصري إزاء بعض السياسات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية.

رسائل سياسية وأمنية

أولى هذه الرسائل كانت في فبراير 2024، حين وجهت مصر تحذيرات مباشرة لإسرائيل، مهددة بمراجعة أو حتى خفض العلاقات الدبلوماسية في حال أقدمت تل أبيب على شن عملية عسكرية جديدة في مدينة رفح الفلسطينية.

التصريح الصادر، آنذاك، يعكس حساسية مصر تجاه أي تصعيد عسكري على حدودها مع غزة، في وقت تعتبر فيه القاهرة أن مثل هذه العمليات قد تؤدي إلى عواقب غير محمودة على الأمن القومي المصري.

كما أكدت مصر رفضها القاطع لمخططات تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، وهو ما كان بمثابة رسالة قوية إلى إسرائيل، مفادها بأن هذا النوع من الإجراءات يُعتبر تهديدا مباشرًا لأمن مصر القومي ويمس بثوابت القضية الفلسطينية. 

ويعكس الموقف تمسك مصر بخيار الحفاظ على وحدة الأراضي الفلسطينية والابتعاد عن أي محاولات تقسيمية قد تسهم في تفجير الأوضاع في المنطقة. 

وتضاف إلى هذه المواقف الإدانة الحاسمة التي عبرت عنها مصر للهجمات الإسرائيلية على الوسط والجنوب بعد الشمال في غزة وعملية التجويع الجماعي لسكان القطاع.

وحملت القاهرة تل أبيب المسؤولية الكاملة عن الكارثة الإنسانية التي وقعت، في غزة ما يعكس عدم قبول القاهرة بشكل قاطع لتكتيكات الهجوم المباشر على المنشآت المدنية والصحية، الأمر الذي يضر بالعلاقات مع إسرائيل ويزيد من حدة التوتر.

جاهزية لمواجهة التحديات

أمنيًا، تعزز مصر أمنها القومي، ليس فقط على حدودها الاستراتيجية، لكن على امتداد خريطتها الجغرافية (كما في سيناء) في رسالة واضحة مفادها أنها مستعدة للتعامل مع أي تهديدات محتملة من غزة أو من أي جهة أخرى.

إحدى العلامات الأخرى على توتر العلاقات كانت تجميد تعيين السفير الإسرائيلي الجديد في القاهرة، كمؤشر آخر على تدهور الروابط الدبلوماسية بين البلدين، في وقت حساس للغاية، يعكس مشاعر السخط المصري تجاه السياسات الإسرائيلية في غزة، أمنيا وإنسانيا.

في ظل التصعيد المستمر في غزة والتوجهات المصرية الرافضة لسياسات إسرائيل في المنطقة، فإن مستقبل العلاقات بين مصر وإسرائيل يبدو محكومًا بمسار دقيق ومعقد، خاصة مع استمرار مصر في تعزيز موقفها الرافض للممارسات الإسرائيلية في قطاع غزة.

بدورها تتجنب إسرائيل التصعيد الكامل مع مصر، التي تضعط على إسرائيل من خلال الوسائل الدبلوماسية وشبكة علاقاتها الدولية، بهدف إحداث تغيير في السياسات الإسرائيلية تجاه القضية الفلسطينية والشعب الشقيق.

بشكل عام، فإن العلاقات بين مصر وإسرائيل في المستقبل القريب ستظل محكومة بموازنة دقيقة بين التمسك بالمواقف المصرية الثابتة فيما يخص القضية الفلسطينية والأمن القومي، وبين ضرورة الحفاظ على بعض الاستقرار لتجنيب المنطقة المزيد من التصعيد.

search