بعد التهديد بالعقوبات.. هل أصبحت إسرائيل منبوذة في القارة العجوز؟

الاتحاد الأوروبي- أرشيفية
سيد محمد
بدأت الدول الأوروبية، بما في ذلك الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة وإسبانيا، باتخاذ خطوات ملموسة ضد دولة الاحتلال الإسرائيلي، معتبرة أن الوضع الإنساني في غزة "غير مقبول".
ويأتي هذا التحول في الموقف الأوروبي، بعد تصاعد الانتقادات للعمليات العسكرية لدولة الاحتلال في القطاع، ورفضها السماح بوصول المساعدات الإنسانية الكافية، بحسب صحيفة “البايس” الإسبانية.
في بروكسل، أعلنت الممثلة السامية للسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، كاجا كالاس، قرار مراجعة اتفاق الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل، الذي يعد الأداة الرئيسية للتبادلات السياسية والتجارية بين الجانبين منذ عام 2000، ويأتي هذا القرار بناءً على طلب "أغلبية قوية" من الدول الأعضاء، 17 من أصل 27 دولة.
وقالت كالاس: "من الضروري ممارسة الضغط لتغيير الوضع"، مؤكدة أن العلاقات بين الاتحاد الأوروبي ودولة الاحتلال يجب أن تستند إلى "احترام حقوق الإنسان والمبادئ الديمقراطية"، كما ينص عليه البند الثاني من الاتفاق.
تحركات بريطانية وإسبانية
في خطوة جريئة، قررت الحكومة العمالية في المملكة المتحدة، برئاسة كيير ستارمر، تعليق المفاوضات الجارية بشأن اتفاق تجاري مستقبلي مع إسرائيل.
وأعرب ستارمر عن صدمته من التصعيد العسكري في القطاع. من جانبها، استدعت سفيرة دولة الاحتلال في لندن، داونينج ستريت، للاحتجاج على الهجوم "الذي لا يطاق" في غزة، وفق ما أعلنه وزير الخارجية البريطاني، ديفيد لامي.
وفي إسبانيا، أيدت غالبية أعضاء الكونجرس (البرلمان) فرض حظر على الأسلحة إلى إسرائيل، على الرغم من معارضة الحزب الشعبي (يمين وسط) وحزب فوكس (أقصى اليمين).
تصاعد الضغوط الأوروبية
هذه الخطوات لا تعني تعليقًا فوريًا للحوار السياسي أو التجارة مع دولة الاحتلال، لكنها تمثل مسارًا لاتخاذ تدابير أكثر صرامة في المستقبل، ويشكل هذا التحرك تحولًا كبيرًا في استجابة أوروبا، التي كانت مترددة سابقًا في اتخاذ إجراءات عقابية ضد الاحتلال.
كانت إسبانيا وأيرلندا قد طالبتا بمراجعة الاتفاق قبل أكثر من عام، دون استجابة من رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين. لكن هذه المبادرة الجديدة تأتي بدعم من دول كانت في السابق أكثر ترددًا في انتقاد حكومة نتنياهو، مثل هولندا والنمسا وبولندا.
بينما عارضت إيطاليا وألمانيا المبادرة، وحتى أن السويد اقترحت فرض عقوبات فردية على بعض الوزراء الإسرائيليين، لكن ذلك لم يتم بسبب اعتراض المجر.
وبالتوازي، أرسلت إسبانيا، بالتعاون مع أيرلندا وسلوفينيا ولوكسمبورج، رسالة أخرى إلى كالاس، مطالبة مجددًا بمراجعة اتفاق الشراكة بين الاتحاد الأوروبي ودولة الاحتلال، وتطبيق "إجراءات ملموسة وهامة" إذا ثبت انتهاك بند حقوق الإنسان.
وشدد وزير الخارجية الإسباني، خوسيه مانويل ألباريس، على أن "وقت الكلمات قد انتهى، ووقت التصريحات والطلبات، لقد مررنا بالفعل بأشهر عدة.. لقد حان وقت الأفعال. لا يمكننا تحمل ما يحدث لدقيقة أخرى".
وأكد نائب رئيس الوزراء ووزير خارجية البرتغال، باولو رانجيل، أن نقطة التحول للعديد من الدول المترددة كانت قرار إسرائيل بعدم تمديد وقف إطلاق النار، ومن ثم شن هجوم عسكري في غزة، مع استمرار رفضها السماح بدخول المساعدات الإنسانية لأكثر من 60 يوماً.
تحذيرات دولية متزايدة
قبل هذه التطورات، أصدرت فرنسا والمملكة المتحدة وكندا بيانًا مشتركًا يحذر الاحتلال من "إجراءات ملموسة" إذا لم توقف التصعيد "غير المتناسب تمامًا". ووصفت الحكومة البريطانية الإجراءات الأخيرة لحكومة الاحتلال بأنها "تطرف، خطيرة، مقززة، وحشية، ويجب إدانتها بأشد العبارات".
بالإضافة إلى ذلك، أصدر وزراء خارجية حوالي 20 دولة مانحة، بما في ذلك أعضاء في الاتحاد الأوروبي ودول مثل المملكة المتحدة، كندا وأستراليا، بيانًا مشتركًا يحثون إسرائيل على "السماح فورًا بالاستئناف الكامل لإرسال المساعدات إلى غزة والسماح للأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية بالعمل بشكل مستقل ومحايد لإنقاذ الأرواح، وتخفيف المعاناة، والدفاع عن كرامة السكان".
وفي لفتة دبلوماسية مهمة، استقبل رئيس المجلس الأوروبي، أنتونيو كوستا، السفيرة الفلسطينية الجديدة، آمال جادو شقاعة، بنفس الاحتفالية التي استقبل بها الدبلوماسيين الجدد الآخرين، وتُعد هذه المرة الأولى التي يقدم فيها ممثل فلسطيني "أوراق اعتماده" على هذا المستوى المؤسسي الأوروبي.
دولة الاحتلال “منبوذة” في يوروفيجن
وتبلور الرفض لدولة الاحتلال والنبذ في فعاليات شعبية، ومنها مسابقة الأغنية الأوروبية، حيث وقع 72 من النجوم والمشاركين السابقين في مسابقة "يوروفيجن" على رسالة احتجاج رسمية، تم إرسالها إلى الاتحاد الأوروبي للبث (EBU).
وطالبوا خلالها، بإقصاء دولة الاحتلال من المشاركة في المسابقة، على خلفية الحرب الدائرة في غزة، بحسب صحيفة "تي إم آي" الإسرائيلية الفنية.
وفي الرسالة، ألقى المشاركون السابقون باللوم على الأحداث التي شهدتها مسابقة يوروفيجن العام الماضي، معتبرين أنها "أدت إلى التسييس الأكثر فوضوية وغير سارة في تاريخ المسابقة".
وأضافوا أن هيئة البث الإسرائيلية "كان 11" شريكة في ما وصفوه بـ"الإبادة الجماعية الفلسطينية، ونظام الفصل العنصري، و'الاحتلال' الذي استمر لعقود من الزمن".
ومن بين الأسماء البارزة التي وقعت على الرسالة، الفائز بجائزة يوروفيجن عام 1973، فيرناندو توردو من البرتغال، والفائز بجائزة يوروفيجن عام 1994، تشارلي ماكجيتيجان من أيرلندا.
وشهدت المسابقة مشادة بين إسبانيا وإدارة المسابقة بسبب دولة الاحتلال، حيث أرسل المنظم رسالة إلى الوفد الإسباني يهددهم بـ"عقوبات قاسية" إذا تحدث المعلقون الإسبان مرة أخرى عن الوفيات في غزة.
وهو ما ردت عليه هيئة البث الإسبانية بشعار على الشاشة قبل دقيقة واحدة من بث نهائيات يوروفيجن، كتب فيه: "في مواجهة حقوق الإنسان، الصمت ليس خيارًا. سلام وعدالة لفلسطين".
الرفض لدولة الاحتلال في ساحات الملاعب
ووصلت عمليات الرفض لدولة الاحتلال في أوروبا إلى ساحات الملاعب، حيث أعلنت سلطات الاحتلال تعرض مشجعي كرة قدم إسرائيليين لهجوم وصفته بـ"حادث عنف خطير" في العاصمة الهولندية أمستردام، ليل الجمعة. وعلى إثر ذلك، أعلنت حكومة الاحتلال أنها سترسل طائرات خاصة لإجلاء المواطنين المتضررين.
وأفادت سفارة الاحتلال في الولايات المتحدة، عبر منصة “إكس”، أن المئات من مشجعي فريق مكابي تل أبيب الإسرائيلي "تعرضوا لكمين واعتداء في أمستردام" أثناء مغادرتهم الملعب بعد مباراة في الدوري الأوروبي ضد فريق أياكس الهولندي.
من جانبه، صرح وزير خارجية الاحتلال، جدعون ساعر، أن 10 مواطنين إسرائيليين أصيبوا في الحادث، ونصحهم بالبقاء في الفنادق، مضيفًا أن "الانطباع من التقارير هو أن الوضع قد هدأ خلال الساعة الأخيرة".

أخبار ذات صلة
أكثر من وثائق كوهين.. ماذا قدم الشرع للتطبيع مع إسرائيل؟
21 مايو 2025 07:00 م
بـ"مركبات جدعون".. إسرائيل تتجنب "وحل غزة" أم تضغط لتحرير الرهائن؟
21 مايو 2025 07:18 م
ارتفاع أسعار الفاكهة بأسواق المنوفية.. تجار يوضحون الأسباب
21 مايو 2025 06:45 م
3 سيناريوهات تمنح الأهلي لقب الدوري رسميًا
21 مايو 2025 02:00 م
أكثر الكلمات انتشاراً