الأربعاء، 28 مايو 2025

12:27 ص

صدمة المستقبل.. وعائلة الدجوي.. وسيجار حواس!

قديماً، حين كانت الصحافة الحكومية في أوج قوتها وازدهارها كنا ننتظر مقالات رؤساء تحريرها، خصوصاً الأستاذ إبراهيم نافع حين كان على سدة حكم صحيفة الأهرام العريقة، لأننا ندرك جيداً أن ما يكتبه يعبر بشكل أساسي عن توجه القيادة، وعلى أساس ما يطرحه يمكن أن نتنبأ بقرارات أو إجراءات توشك الدولة على اتخاذها.

وفي الوقت الراهن هناك بلا شك إعلاميون محسوبون بشكل أو بآخر على الدولة، مثل الأستاذ أحمد موسى لذا من الطبيعي أن تسود مخاوف كبيرة، بعد تحذيره عبر برنامجه في محطة صدى البلد من أن هناك أحداثاً جسيمة على وشك الحدوث، وعلى المواطن الانتباه لأنها قد تسبب صدمة لدى البعض، ويكون لها تداعيات خطيرة!

هناك آخرون تحدثوا بشكل أو بآخر عن الصدمة المتوقعة، مثل صديق الأستاذ موسى، الأستاذ نشأت الديهي، الذي أدلى بدلوه كذلك حول الحدث المخيف الذي يوشك على الحدوث، مع بعض البهارات البسيطة، ودخل رجل الأعمال البارز نجيب ساويرس على الخط وسأل عبر حسابة في منصة إكس عن ما إذا كان يجب عليه سحب استثماراته، تحسباً لما قد يحدث في المستقبل؟!

وعلق الإعلامي البارز الأستاذ عمرو أديب متهكماً من الحديث المتكرر عن مستقبل غامض ومخيف وأحداث صادمة توشك على الوقوع..

وبكل تواضع، أعتبر أن الظرف لا يسمح بمثل هذه التنبؤات المخيفة، فمن يملك معلومة ما، لقربه من صانعي القرار عليه أن يكون شفافاً وواضحاً مع الناس، فعبارة ملتبسة وغامضة يقولها أحدهم كفيلة بهروب مستثمرين أو عزوف آخرين عن الاستثمار!!

وبعيداً عن المستثمرين، راعوا المواطن البسيط أو المصري المغترب الذي يفكر في تحويل ماله أو الاستثمار في عقار أو مشروع ببلاده، لأنه سوف يتردد كثيراً، خوفاً من تبعات الحدث الغامض الصادم الذي تنبأ به مذيع نافذ مثل الأستاذ أحمد موسى.

الظروف الراهنة محلياً وإقليمياً لا تسمح بهذا العبث، فنحن لا نتحدث عن عرّافين ينظرون في بلورة سحرية، بل إعلاميين يملكون درجة كبيرة من التأثير، سواء اتفقنا أو اختلفنا معهم، لذا من الطبيعي أن نقلق ونتوتر

الثروة الملعونة

صدمتنا جميع مأساة عائلة الدجوي، بداية بخبر حول سرقة مغارة أو فيلا الدكتورة نوال الدجوي التي كانت تحوي دولارات واسترليني وجنيهات وذهب وياقوت ومرجان!!

وتعرف من لم يكن يعرفها على رائدة التعليم في مصر الدكتورة نوال الدجوي، وانقسم الناس بين حاقد على الأسرة بالغة الثراء التي يتصارع أفرادها حول من سيصبح مليونيراً أكثر من الآخر، وبين متعاطفين مع السيدة التي أسست صروحاً تعليمية خاصة، وصارت عرضة للسرقة والنهب بعد تقدمها في السن وعجزها عن السيطرة على العائلة!..

وتحولت قصة السرقة إلى فيلم درامي يتخلله كثير من العنف، وأصبحت أقرب إلى المسلسلات المكسيكية والتركية الغريبة التي تتناول صراعات عائلية مدمرة، إلى أن استيقظنا على فاجعة انتحار أحمد الدجوي حفيد الدكتورة نوال التي كان متهماً بجريمة السرقة وبرئ منها، وعلمنا لاحقاً أنها فقدت ابنها وابنتها وأن الصراعات متأصلة بين الأحفاد!

كلنا تابعنا القصة، لكن هلاّ اتعظنا منها، فمن الممكن أن يتحول المال إلى لعنة حقيقية على أصحابه، إذا لم يفهموا أنه مجرد وسيلة لحياة سعيدة وهادئة، وليس غاية يدور حولها كل هذا الصراع!

أتخيل أن جميع أفراد أسرة الدجوي لديهم ما يكفي من المال لتلبية كل ما يلزمهم من رفاهية ورخاء، لكن ما آلت إليه الأمور، حزين ومفجع ويترجم شراً متأصلاً في النفوس حتى لو كانت بالغة الثراء!

أسوأ حوار مع أشهر مذيع

تليجراف مصر اختارت عنواناً معبراً للقاء الذي جرى بين نجم الآثار الشهير الدكتور زاهي حواس ومذيع البودكاست الأشهر في العالم جو روجان، وهو " قصة "أسوأ حوار" مع أشهر مذيع في العالم، وقد حرصت على مشاهدة الحوار بعد أن احتفى به الإعلامي عمرو أديب، وبكل أمانة صدمت من أداء حواس.

الإشكالية لم تكن في طريقة الظهور السينمائية التي يحترفها الأثري الأول في مصر بقبعة الكاوبوي الشهيرة التي تذكرني دائماً بشخصية إنديانا جونز التي قدمها لنا النجم العالمي هاريسون فورد، أو إمساكه بسيجار ضخم لا يعبر عن أي سلوك إيجابي على الإطلاق، فلا القدماء المصريين كانوا رعاة بقر أو مدخنين أرستقراطيين، لكن الإشكالية تمثلت في عدم جاهزيته للقاء مهم يمكن أن يضيف إلى مصر دعائياً بشكل مذهل بالنظر إلى شهرة المذيع وقوة البرنامج!

لقد استغربت تعليق عمرو أديب حين قال "أنا كنت مستعد أقعد أتفرج أشوف الأناقة اللي بيشرب بيها السيجار بتاعه، أنا أول مرة أشوف إنترفيو فيه حد بيشرب سيجار”… ما الإبهار في ذلك؟!  

وما الذي يمكن أن يستهوينا في رجل جادل محاوره بكتابه الذي لم يطبع أو ينشر أو يتوافر حتى على الانترنت، وبدلاً من أن يفحمه بتخصص يعتبر نفسه رائداً فيه، وصفه روجان بعبارة بالغة القسوة، "وهي" إنه أسوأ بودكاست أجراه على الإطلاق، "ومجرد رؤية هذا الرجل ضيق الأفق، الذي يبدو أنه كان مسؤولاً عن حراسة كل المعرفة عن مصر".

بالله عليكم، يجب أن تقدروا قيمة الوطن الذي تعبرون عنه، وكفاكم استخفافاً ببلدكم وعقولنا، فإذا كان البعض منا ينبهر بالفهلوة ويقدرها، فإن المحترفين أمثال روجان لا يمكن أن ينبهروا بقبعة حواس أو سيجاره! 

search