سميحة أيوب تكشف مفاجآت في حوار لم يُنشر: اخترت لنفسي اسم "ناهد شريف"

وقع خبر رحيل سيدة المسرح العربي سميحة أيوب، كالصدمة على الوسط الفني وعشاق الفنانة الراحلة التي امتد عطاؤها الفني على مدار نحو ثمانية عقود.

آخر حوار مع سميحة أيوب

ووسط زحام الأخبار والتقارير التي نُشرت حول الفنانة الكبيرة التي ودعت الدنيا اليوم عن عمر ناهز 93 عامًا، وضع الكاتب الصحفي أشرف شرف، بين أيدينا آخر حوار للفنانة الراحلة سميحة أيوب أجراه معها قبل وفاتها بفترة قصيرة ولم يُنشر، تحدثت فيه عن تفاصيل وأسرار في مسيرتها الفنية وحياتها الشخصية، بعضها يُنشر للمرة الأولى.

في هذا الحوار، تحدثت سميحة أيوب عن علاقتها بالجيل الجديد من الممثلين، وكيفية التعامل معهم، وكيف واجهت معاناتها مع عائلتها في سن صغيرة بينما كانت تتحسّس أولى خطواتها على طريق الفن، وتطرقت إلى قصة زواجها من الفنان محسن سرحان.

تكريمات

الفنانة الراحلة تحدثت أيضًا عن التكريمات العديدة التي حصلت عليها طيلة رحلتها الفنية، وكان آخرها تكريم من المهرجان القومي للمسرح 2024، في الدورة التي حملت اسمها، وقالت عن ذلك: "التكريم يعني للفنان كل الشيء، الفنان يعمل من أجل أن ينال تكريمًا من الجمهور والنقاد".

وأضافت: "كما حصلت على تكريمات سابقة من الرؤساء جمال عبد الناصر، وأنور السادات، وآخر تكريم من الرئيس عبدالفتاح السيسي.. مصر كرمتني كثيرًا وهو أفضل تكريم بالنسبة لي، شهادة الدولة التقديرية أكبر وسام على صدري".

الأجيال الجديدة

حرصت الفنانة الراحلة سميحة أيوب على المشاركة في أعمال فنية مختلفة، وحتى قبل وفاتها بفترة قصيرة، شاركت في أعمال برفقة أجيال جديدة، نجحت في التعامل معهم واستفادوا من خبرتها كثيرًا.

وقالت سميحة في هذا الإطار: "لا أشعر أن هناك جيلًا جديدًا، أعيش معهم وأفهم منهم أشياء تساعدني، وأنا أيضًا أقوم بدوري وأنقل لهم بعض الخبرات، هذه هي الحياة، أنا قريبة جدًا من الشباب، حينما قدمت فيلم (تيتة رهيبة) كنت سعيدة للغاية بردود الفعل من الأطفال قبل الكبار".

وأضافت: "الفن لا يتغير، الفن الأصيل هو الأساس، الفن إحساس ورسالة ويجب أن يكون عملية تنويرية، وأيضًا رسالة سياسية وحضارية واجتماعية".

المومس الفاضلة

قدمت سيدة المسرح العربي رائعة جان بول سارتر "المومس الفاضلة"، ونالت انتقادات واسعة حينها بسبب رفض البعض لاسم المسرحية، فكيف تعاملت الفنانة الراحلة مع تلك الانتقادات؟ 

"أتحدى من انتقد المسرحية بسبب اسمها أن يكون قد قرأ السيناريو أو تفهم محتواها ومضمونها"، بهذه الكلمات ردت أيوب بتحدٍ كبير على الانتقادات.

وتابعت: "تعاملوا مع الاسم من منطلق الآية الكريمة ولا تقربوا الصلاة، ولم يكملوا الآية.. أنا رفضت تقديم المسرحية في الماضي، كنت في سن صغيرة ولم أفهم محتواها، لكن بعد ذلك طلبوا مني قراءة السيناريو، فعلت ذلك وتحمست للعرض وأحببته، وتأكدت من حبي للنص بعدما كتب (المفكر اليساري) خالد محيي الدين صفحة ونصف للحديث عن قيمة العرض المسرحي، وأنه يذهب بأولاده يوميًا لمتابعته".

وعن انتقاد نواب البرلمان للمسرحية قالت: "هناك الكثير من النواب قدموا طلبات إحاطة لمنع العرض، أتمنى أن يكونوا قد قرأوا النص الأصلي وتفهموا رسالته".

يوسف وهبي وزكي طليمات

وعاصرت الفنانة الراحلة سميحة أيوب رموزًا فنية عملاقة، من بينهم يوسف وهبي وزكي طليمات، وحرصت في حديثها الأخير على ذكر بعض المواقف التي جمعتها بهم.

وقالت: "شاهدت أعمالهم وأحببت التمثيل من خلالهم، ولكني لم أخطط لدخول عالم الفن أو أن أنقلب على عائلتي، دخلت الفن بالصدفة في الوقت الذي لم يكن متاحًا لكثيرين، كنت أسكن في شبرا وأدرس بمدرسة راهبات، وفي أحد الأيام ذهبت لمعهد الفنون المسرحية".

واضافت: "كنت في حصة الألعاب والمدرسة لم تأت، كانت إحدى صديقاتي المقربات تريد التقديم في المعهد، فذهبنا خلال حصة الألعاب بمريلة المدرسة والجزمة، وكانت صديقتي (لابسة ومتشيكة) لأني لم أكن ذاهبة للتقديم، جميعهم ارتدوا جزم كعب عالي وبكامل أناقتهم، أما ظهوري كان باهتًا وكنت نحيفة وأقف بعيدًا، أخبروني أن التقديم انتهى واسمي ليس مكتوبًا، ثم وجدت أحدهم يسألني (إنتي بتحبي التمثيل)؟ أخبرته (آه زي يوسف وهبي وليلى مراد)".

وتابعت: "دخل الجميع في نوبة من الضحك، لأن يوسف وهبي كان جالسًا مع الممتحنين ولم أعرفه، حاولت أن أقول أبيات من الشعر أمام اللجنة ولم يخرج صوتي، سألني الفنان الراحل جورج أبيض عن عمري وأخبرته بأنني أتتمت الرابعة عشر، قبلني كطالبة مستمعة لأن عمري كان لا يزال صغيرًا وكان السن المطلوب للطالبة النظامية 16 عامًا".

طرد من المنزل 

واجهت سميحة أيوب أزمة كبيرة مع عائلتها التي رفضت دخولها عالم التمثيل، وحكت عن معاناتها قائلة: "في البداية لم أقل شيئًا، عدت للمنزل كأن شيئًا لم يكن، ثم سألت خالي الذي كان أكثر تفتحًا عن رأيه في دخول مجال التمثيل، وجدته يوافق فأخبرته بالحقيقة، ليخبرني بأنه كان يعلم ما فعلته، أخبر أبي وأمي وطردوني من المنزل وقاطعوني، لم أجد معينًا بخلاف خالي، حاول مساعدتي وإقناع والدي بعملي في الفن لكنه رفض، واستمر وحده في دعمي وتشجيعي، ونقلت إقامتي لبيته".

وتابعت: "استمرت مقاطعة العائلة لي سنوات طويلة، حتى ذاع صيتي وأصبحت في مكانة اجتماعية وثقافية كبيرة، ولهذا لم أكن أكتب سابقت لقب العائلة إلى جانب اسمي، وهو ما أثر على نفسيتي، وغيرت اسمي أكثر من مرة، في السينما ومع أول أعمالي فيلم (المتشردة) سميت نفسي سميحة سامي، وفي الإذاعة (عذراء الربيع)، وأطلقت على نفسي في أعمال قديمة اسم ناهد شريف".

وواصلت حديثها: "بعد ذلك قررت الاحتفاظ باسمي سميحة أيوب دون أن أفكر في موقف العائلة، وبدأت التعلق بمهنتي كثيرًا، ثم مرت السنوات وأنا استقبل نصوصًا مختلفة اختار منها ما يبني ويعلم ويزيد الوعي، حققت النجاح في الكثير منها وشغلني هذا النجاح عن كل شيء، لم يكن يشغلني حينها إلا رؤية أمي وأبي فقط، ولكن لم يكن لدي الوقت للزيارات أو التواصل مع العائلة، ومع صعود اسمي بدأوا يتواصلون معي ويعيدون حبل المودة من جديد".

موقف مع زكي طليمات

تحدثت سميحة أيوب عن التحاقها بمعهد الفنون المسرحية قائلة: “مع بداية الدراسة كنت فرحانة أوي، كان يدرس لنا الفنان الراحل زكي طليمات، وعندما دخل الفصل نظر لي بقرف شديد وتجاهلني، فيما أعطى بقية الزملاء ملاحظات، وكلما أتحدث يطالبني بالصمت، ظل كذلك لمدة 3 أيام، حتى جاء في يوم وأخبرني (يا فلحوسة خدي أقري دا وتجيني بكرة جاهزة يا همشيكي)”.

وأضافت: "عدت للمنزل وحفظت ما أخبرني به، أثرت إعجابه وسألني عن اسمي وقال لي (انت هتبقى دراستك عملية في فرقة المسرح الحديث وبعد ما تخلصي تطلعيلي فوق)، وعندما صعدت قال لي (أول مرة يخوني ذكائي، أنا جبتلك استثناء من وزير المعارف تبقي طالبة نظامية وتاخدي مكافأة وتيجي عندي الفرقة، والتمرين العملي هيبقى على خشبة المسرح)، وبالفعل حصلت على مكافأة 6 جنيهات وكان مبلغًا كبيرًا حينها".

زواجها من محسن سرحان 

اختتمت سميحة أيوب حوارها بالحديث عن زواجها من الراحل محسن سرحان، وقالت: "اعترف أن الزواج لم يكن قرارًا نابعًا عن تفكير، كنت في سن المراهقة وكنت وقتها عمري 16 سنة، كنت ككل البنات في هذه السن أحلم بأن أكون عروسة وأرتدي الفستان الأبيض والطرحة، لكني لم أعرف معنى الزواج، واختياري كان قائمًا على الانبهار بالشاب الذي تعجب به كل الفنانات والبنات، وكان هناك فارق سن كبير، تعثرت التجربة وانتهت بالطلاق".