نادي الخنزير والبغبغاء.. كيف انسلخ "بالميراس" من الهوية الإيطالية إلى السامبا؟

قبل أكثر من قرن، وتحديدًا في أغسطس من عام 1914، وُلد نادٍ سيصبح لاحقًا أحد أعمدة كرة القدم البرازيلية ليمثل السامبا في العديد من المحافل الدولية.

تأسس فريق “بالميراس” في قلب ساو باولو على يد مهاجرين إيطاليين، وسرعان ما تحوّل من فريق ناشئ إلى رمز رياضي وثقافي، حفر اسمه في تاريخ البرازيل.

ويستعد الأهلي لمواجهة نظيره بالميراس البرازيلي في ثاني مباريات المجموعة الأولى ضمن منافسات كأس العالم للأندية.

بدأ تاريخ نادي بالميراس الرياضي في 26 أغسطس 1914، حين تأسس على يد مهاجرين إيطاليين في مدينة ساو باولو تحت اسم "باليسترا إيطاليا".

خاض الفريق أولى مبارياته في 24 يناير 1915 ضد نادي سافويا، وانتهت بفوز باليسترا 2-0.

بعد سلسلة من البطولات في ولاية ساو باولو خلال عشرينيات وثلاثينيات القرن العشرين، ومع تزايد جماهيريته، اضطر النادي إلى تغيير اسمه عام 1942 إلى "Sociedade Esportiva Palmeiras"، تزامنًا مع إعلان البرازيل الحرب على دول "المحور" خلال الحرب العالمية الثانية، وانضمامها إلى معسكر "الحلفاء" الذي يضم أمريكا وبريطانيا والاتحاد السوفييتي.

وفي أول مباراة تحت الاسم الجديد، بتاريخ 20 سبتمبر 1942، توّج بالميراس ببطولة ساو باولو بعد فوزه على ساو باولو في ملعب باكايمبو، في مواجهة تاريخية عُرفت بـ "أرانكادا هيرويكا".

وفي العقود التالية، لعب نجوم كبار في الفريق مثل أوبيردان كاتاني، وفالديمار فيومي، وفيلادونيجا، وجاير روزا بينتو، وليمينا، ورودريجيز، ليواصل الفريق توسيع رصيده من البطولات، ويرسّخ مكانته كأحد أهم الأندية البرازيلية.

التخلص من الهوية الإيطالية

منذ بداياته، ظل حرف "P" حاضرًا على شعار بالميراس، وفي أول مباراة عام 1915، زُين الدرع بحرفي "P" و"I" باللون الأبيض.

وفي عام 1916، تم استيراد قمصان من إيطاليا تحمل صليبا، لكنه أُزيل عام 1917 ليعود الحرفان "P" و"I" داخل مثلث أخضر، ثم في 1918 أُعطي الشعار شكلاً دائريًا بخلفية بيضاء وحرف “P”.

حتى جاء التغيير الجذري في 1942 مع تغيير الاسم، حيث اختفى حرف "I" واللون الأحمر تمامًا، وبقي حرف "P" وحده في شعار أخضر وأبيض.

في عام 1959، أُضيفت 8 نجوم إلى الشعار تمثل شهر تأسيس النادي وعدد ألقاب الفريق في عهد "باليسترا إيطاليا"، مع تصغير حجم الحرف "P"، وإضافة اسم بالميراس داخل الدرع، وهو الشكل الذي ظل ثابتًا حتى اليوم مع تعديلات طفيفة في 2012.

بغبغاء وخنزير

منذ التأسيس، اعتمد النادي البغبغاء الأخضر تميمة له، بسبب اللون المشترك، وانتشار الطائر في منطقة بومبيا حيث يقع مقر بالميراس.

ورغم تشابه البغبغاء مع شخصية "زي كاريوكا" من عالم ديزني إلا أن لا علاقة بينهما، أما لقب "الخنازير" فبدأ كإهانة.

فخلال الحرب العالمية الثانية، استخدم  ساو باولو المصطلح لوصف الإيطاليين والمهاجرين المنحدرين منهم.

وفي عام 1969، بعد وفاة لاعبين من كورينثيانز في حادث سير، احتاج الفريق إلى تسجيل لاعبين جدد، لكن بالميراس اعترض رسميًا، ليُوصف النادي بأنهم يملكون "أرواح الخنازير"، وتحوّل اللقب إلى سُبة من جماهير كورينثيانز.

في الديربي التالي، أطلق المشجعون خنزيرًا على أرض الملعب وأخذوا يرددون اللقب بصوت عالٍ في المدرجات، لكن بالميراس بحيلة ذكية حوّل الشتيمة إلى رمز. 

وفي ثمانينيات القرن العشرين، اقترح أحد مديري النادي اعتماد الخنزير كتميمة، وتم ذلك رسميًا في نوفمبر 2016، قبل مباراة أمام إنترناسيونال، إذ ظهر "غوباتو"، خنزير بالميراس، كتميمة رسمية، تكريمًا لجواو روبرتو جوباتو، مدير التسويق وصاحب الفكرة.

من الهاوية إلى القمة

ورغم تاريخ بالميراس الكبير في الكرة البرازيلية منذ نشأته وتتويجه بالعديد من البطولات المحلية، لكنه تعرض لهبوط مفاجئ في 2012، إلا أنه كتب واحدة من أعظم قصص التحول في تاريخ البرازيل.

في 2012، توّج الفريق بكأس البرازيل دون هزيمة، لكنه هبط بعد أشهر قليلة إلى الدرجة الثانية، في مشهد صادم لجماهيره.

عاد الفريق سريعًا في 2013، وبدأ مشروعًا طموحًا لإعادة البناء، وفي 2015 فاز بلقب كأس البرازيل، وبروز نجم جابرييل جيسوس الذي لعب لاحقا لمانشستر سيتي وأرسنال، وافتتاح ملعب أليانز باركي الجديد.

في 2016، ومع المدرب كوكا، عاد بالميراس للتتويج بالدوري بعد غياب 22 عامًا، وفي 2018 عزز رقمه التاريخي كأكثر الأندية فوزًا بالبطولة بعد التتويج باللقب العاشر.

وفي عام 2020، كتب بالميراس المجد بتحقيق الثلاثية ليحقق الدوري البرازيلي “باوليستا” على حساب كورينثيانز، وفاز بكأس ليبرتادوريس على سانتوس بهدف في اللحظات الأخيرة، وتوج بكأس البرازيل على حساب جريميو.

في 2021، واصل المدرب البرتغالي آبل فيريرا تحقيق المجد القاري، وحقق النادي لقبه القاري الثاني تواليًا، في سابقة لم تحدث بتاريخ بالميراس.

وفي 2022، أكد بالميراس هيمنته على الكرة البرازيلية بتحقيق 5 بطولات في عام واحد، أبرزها الدوري البرازيلي الـ11.

خلال عشر سنوات، تحوّل بالميراس من نادٍ على وشك الانهيار إلى نموذج للنهضة الكروية، بفضل إدارة ناجحة، واستثمار قوي في اللاعبين الشباب أمثال خيسوس (لاعب أرسنال) واستيفاو (لاعب تشيلسي)، ومدرب صاحب رؤية مثل آبل فيريرا، الذي أصبح أحد أنجح المدربين في تاريخ النادي.