الأربعاء، 25 يونيو 2025

07:17 ص

بعد الضربات الإسرائيلية والأمريكية.. ما مصير النظام الإيراني؟

نتنياهو وخامنئي - أرشيفية

نتنياهو وخامنئي - أرشيفية

فتحت الحرب الإسرائيلية الإيرانية، التي استمرت 12 يومًا الباب حول حجم خسائر إيران، ومدى قدرة نظامها على الاستمرار.

من جانبه يرى غادي عيزرا، المدير السابق لمركز المعلومات الإسرائيلي، أن الضربة الأمريكية لإيران تتجاوز البُعد العسكري بكثير، حيث إن الحرب بين إسرائيل وإيران هي أحد الحروب القليلة منذ الحرب العالمية الثانية بين دولتين لا تتشاركان حدودًا، مشيرًا إلى أن نقطة الخلاف بينهما ليست إقليمية بل أيديولوجية، وما يفصلهما ليس سياجًا بل قيمًا. 

وأوضح عيزرا في تحليله بصحيفة “يديعوت أحرونوت”، أن “المشاركة الأمريكية في الهجوم على إيران هي أكثر من مجرد تعاون عملياتي، إنها إعلان يعيد صياغة الصراع الحالي، ليس فقط تل أبيب وطهران في مواجهة هنا، بل تصورات عالمية مختلفة، ليست إسرائيل وإيران تقـاتلان بمفردهما هنا، بل الشرق والغرب”.

مشروع النووي الإيراني تأخر بشكل غير متوقع

وبين المدير السابق لمركز المعلومات الإسرائيلي، أن الاستنتاج الأول من هذه الحرب هو أن المشروع النووي لم يُدمر بالضرورة، ولكنه تأخر إلى ما هو أبعد مما يمكن تصوره. 

عيون العالم تتجه نحو موسكو وبكين

ووفق عيزرا، تتجه الأنظار إلى موسكو وبكين، وهما الدولتان اللتان تقودان الكتلة الشرقية، وتقيمان علاقات وثيقة مع إيران.

وأشار إلى أن الضربات التي تلقتها إيران، تعد بمثابة تحذير ضد دعم الأنظمة التي تضر بحلفاء أمريكا وقيمها وطريقتها، وبناء عليه فقد امتنعت روسيا والصين عن التعبير عن دعم واضح لإيران في الحملة الحالية، وهذا ليس من قبيل الصدفة. 

وعدد عيزرا أسباب ذلك، ومنها أن نظام المرشد الإيراني، آية الله خامئني، ليس بالضرورة هو العامل الذي سيؤدي إلى زعزعة التوازن العالمي بينهما وبين الولايات المتحدة، بل إن عضويتهم الدائمة في مجلس الأمن أدت إلى اتخاذ قرار ثلاثي يدعو إلى وقف الحرب، ولكنه يحظر أيضًا على إيران تطوير برنامج نووي، مما يدل على أن الدول الثلاث قررت التضحية بطهران وتفضيل الاستقرار المشترك. 

مستقبل نظام آيه الله

كما أشار إلى أن مشروع إيران النووي هو وسيلة، وليس غاية بعكس هدف تدمير إسرائيل، مؤكدًا أن نظام خامئني، إذا بقي واقفًا على قدميه بعد أن تعود آخر القاذفات إلى سباتها في حظائر ميزوري “المناطق التي انطلقت منها الطائرات الأمريكية”، فإن تجدد مشاكل إسرائيل هو مسألة وقت فقط، حتى لو مر جيل آخر حتى ذلك الحين.

عوامل خارجة عن سيطرة إسرائيل

من جانبه اعتبر الدكتور راز سيميت، رئيس برنامج إيران في المعهد الوطني الإسرائيلي لدراسات الأمن القومي، أن النظام الإيراني ينجح في حشد الدعم الشعبي، حتى من معارضيه، حول مفاهيم الوطنية والسيادة والوحدة الإقليمية، على الأقل في هذه المرحلة من الصراع مع إسرائيل، مؤكدًا أن تغيير النظام في إيران لن يتحقق بمجرد الضربات الجوية، بل هو عملية معقدة تعتمد على عوامل خارجة عن سيطرة إسرائيل.

تحدي الضربات الجوية وتأثيرها الداخلي

وأوضح سيميت، في تحليله بصحيفة “يديعوت أحرونوت”، أنه مع تحليق الطائرات الإسرائيلية في سماء إيران وانتشار صور الدمار والخسائر البشرية في وسائل الإعلام المحلية وعبر وسائل التواصل الاجتماعي، ينصب غضب الجمهور الإيراني بشكل أساسي على "العـدو الخارجي"، وليس على النظام نفسه. 

وأضاف: "أن توسع الضربات الجوية الإسرائيلية لتتجاوز الأهداف النووية والعسكرية يغذي شعورًا متزايدًا في إيران بأن إسرائيل لا تسعى فقط إلى الإضرار بالقدرات العسكرية للنظام أو حتى تغييره، بل إلى تقسيم البلاد، وهذا الشعور يثير مخاوف حقيقية من الانزلاق إلى الفوضى والحرب الأهلية.

ما بعد الصراع: تحول الغضب نحو الداخل

ووفق سيميت، فإن ما يبدو في هذه المرحلة أنه بمثابة تعبئة داخلية، قد تتلاشى بعد انتهاء الحرب، ومن المتوقع أن يوجه الجمهور شعوره بالإذلال والغضب نحو السلطة لاحقًا، مدعيًا أن إخفاقاتها هي التي جرت إيران إلى صراع مدمر.

وذكر أنه في السنوات الأخيرة، تآكلت الثقة في مؤسسات إيران بشكل واضح، إلى جانب اليأس من الوضع الاقتصادي الصعب والفجوة المتزايدة بين الجمهور والسلطة، مشيرًا إلى أنه قد تتفاقم هذه الاتجاهات في ضوء فشل السلطات وأضرار الحرب.

وقال: “في اليوم التالي، قد يعود المواطنون الإيرانيون ليطرحوا أسئلة ملحة: لماذا فضل النظام استثمار موارد هائلة في وكلاء إيران الإقليميين بدلًا من توجيهها لإعادة بناء البنى التحتية المنهارة أو حماية المواطنين؟ وكيف فشل النظام في توفير الأمن الأساسي ليس فقط للمواطنين العاديين، بل حتى لكبار المسؤولين العسكريين والأمنيين والعلماء النوويين؟”.

مسار التغيير الداخلي والضعف المتوقع

والكلام لا يزال لـ سيميت: “قد لا يؤدي الضرر المستمر لآليات الحكم أثناء الحرب إلى تآكل قدرتها على مواجهة التهديدات الداخلية بنجاح فحسب، بل قد يقوض تدريجيًا تماسك النخبة الحاكمة والأجهزة الأمنية والعسكرية التي تدعمها”. 

وتابع: أنه خلال العام الماضي، ارتفعت الانتقادات الداخلية من الدوائر المحافظة المتشددة في إيران بشأن إدارة الحكومة لعدد من القضايا، بدءًا من تجنب طهران للرد على الهجوم الإسرائيلي في أواخر أكتوبر 2024، مرورًا بما وصفه الفشل في الساحة السورية وانهيار "جبهة المقاومة"، وصولًا إلى تأخير تطبيق قانون الحجاب المتعلق بقواعد اللباس الإسلامي.

واختتم: "حتى لو نجح النظام في المدى الفوري في رص الصفوف وإظهار الوحدة الداخلية، فإن إخفاقاته على المدى الطويل قد تعمق الانقسامات داخل آليات السلطة.

search