وصل للمحاكم.. حكاية خلاف "الأثقل ظلًا" بين صلاح نظمي وعبدالحليم حافظ

صلاح نظمي في أدوار مختلفة
تحل اليوم، 24 يونيو، ذكرى ميلاد الفنان الكبير صلاح نظمي (1920–1991)، أحد أبرز نجوم السينما المصرية الذين ارتبطت أسماؤهم بأدوار الشر، وتركوا بصمة لا تُنسى في وجدان الجمهور على مدار أكثر من أربعة عقود من العطاء الفني.. فما هي أبرز المحطات في حياة “الشرير المحبوب”، وما هو أشهر خلاف اندلع بينه وبين العندليب عبدالحليم حافظ؟
النشأة والبدايات
وُلد صلاح الدين أحمد نظمي في حي محرم بك بمحافظة الإسكندرية، وتلقى تعليمه في مدرسة الإرساليات، ثم التحق بكلية الفنون التطبيقية وتخرج فيها مهندسًا، وعمل بالفعل في هيئة التليفونات لفترة، قبل أن يترك العمل الحكومي ويتفرغ لعشقه الحقيقي: التمثيل، كما التحق لاحقًا بمعهد الفنون المسرحية لتكون له قدم راسخة على خشبة الفن.

فقد صلاح نظمي والده وهو طفل صغير، وكان والده يشغل منصب رئيس تحرير إحدى الجرائد، ما جعل الطفل يواجه مسؤوليات الحياة مبكرًا، لكن تلك التحديات شكّلت صلابته وساهمت في بناء شخصيته المستقلة لاحقًا.
البداية مع بركات وفيلم "هذا جناه أبي"
لم يكن صلاح نظمي يحلم بالتمثيل، فقد كان بطلًا رياضيًا بارزًا في رياضة التجديف، يقضي وقته في التدريب على ضفاف النيل، حتى جاء يوم التقطت فيه عدسات فريق تصوير فيلم "القلب له أحكام"، بعض المشاهد داخل النادي الذي يتدرب فيه، وكان من بين الحاضرين أنور وجدي وصباح، وتعرّف من خلالهما على المخرج الكبير هنري بركات، لتنشأ بينهما علاقة ودية.

وذات مرة، عرض عليه بركات دورًا صغيرًا في الفيلم، لم يتردد صلاح في قبوله، واعتبره تجربة تستحق المحاولة. ومع تكرار لقاءاتهما في الاستوديو، بدأت ملامح نظمي تجذب الأنظار، خصوصًا أثناء لقاء جمع بركات بالمنتجة الشهيرة آسيا داغر، حيث رأت فيه آسيا البطل المناسب لفيلمها الجديد "هذا جناه أبي"، رغم أنها لم تتحدث إليه مباشرة. وبعد مشاورات قصيرة مع بركات، وقع الاختيار عليه للبطولة.

سراج منير.. موقف لا يُنسى
فوجئ صلاح نظمي باتصال من مدير أعمال المنتجة آسيا يطلب منه الحضور فورًا لتصوير أولى مشاهد الفيلم، ولكن بشرط غريب: أن يأتي مرتديًا “بدلة فراك”، ولأن نظمي لم يكن يمتلك واحدة، بدأ جولة محمومة بين الأصدقاء والمعارف، دون جدوى.
وفي لحظة يأس، عاد ليبلغ مدير الدعاية بعجزه، فجاءه الرد: “لا بأس، تعال على أية حال”، وعند وصوله إلى الاستوديو، فوجئ بأن سراج منير، صديقه الفنان القدير، قد أحضر له بدلة فراك من مقتنيات شبابه، أنيقة رغم قدمها. ارتداها نظمي بعد تعديل بسيط، وكانت كافية لتمنحه الحضور المناسب أمام الكاميرا.
صلاح نظمي قال عن ذلك اليوم: “وقفت أمام بركات، تتعلق عيناي به، أرهفت سمعي، واستجمعت كل ما في داخلي. وهكذا صرت بطل الفيلم، وظهرت أمام الكاميرا كديك رومي يختال بخيلاء. في اليوم الأول وحده أنجزت خمسة وعشرين مشهدًا، دون توقف أو إعادة”.

المسيرة الفنية
انطلق صلاح نظمي بعدها في مشوار فني حافل، جسّد فيه ببراعة أدوار الشر والرجل القاسي، وتميز بأسلوبه الهادئ والنظرة الثاقبة. شارك في عشرات الأفلام، من أبرزها: "جميلة"، "بين الأطلال"، "الناصر صلاح الدين"، "إسماعيل يس للبيع"، "الرباط المقدس"، "أبي فوق الشجرة"، "الرجل الثاني".
كما تألق على خشبة المسرح في أعمال مثل "مايسة وبمبي كشر" و"بترفلاي"، وشارك في أعمال تلفزيونية لافتة، أبرزها مسلسل "أنف وثلاث عيون".

الخلاف مع عبد الحليم حافظ
واجه صلاح نظمي موقفًا غريبًا مع العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ، عندما سُئل الأخير في أحد البرامج الإذاعية عن "أثقل فنان ظلًا"، فأجاب باسم "صلاح نظمي". شعر نظمي بالإهانة وقرر رفع دعوى سب وقذف وتشهير ضد العندليب، ما أثار ضجة كبرى في الوسط الفني آنذاك.

لكن محامي عبد الحليم حافظ أوضح للمحكمة أن العندليب كان يشير إلى أدوار الشر التي أبدع فيها نظمي، وليس إلى شخصه، واعتُبر ذلك إشادة غير مباشرة بقدرته التمثيلية. حكمت المحكمة ببراءة عبد الحليم، الذي بادر بعد الجلسة بالذهاب إلى منزل نظمي لتوضيح وجهة نظره، وتم الصلح بينهما، بل وأسند إليه دورًا في فيلمه الأخير "أبي فوق الشجرة".

وكشف العندليب للإعلامي مفيد فوزي أن اختياره لنظمي لم يكن عشوائيًا، بل كان نابعًا من تأثره بدوره القاسي في فيلم "بين الأطلال"، حيث حرم فاتن حمامة من حبيبها عماد حمدي، وهو ما أعاد إلى ذهن حليم مشاهد من حياته العاطفية.

رحيل صلاح نظمي
رحل الفنان صلاح نظمي عن عالمنا يوم 16 ديسمبر عام 1991، عن عمر ناهز 73 عامًا، بعد صراع مع المرض استمر عدة أشهر، تاركًا خلفه إرثًا فنيًا خالدًا وتجربة إنسانية ملهمة، لفنان عرف كيف ينتزع إعجاب جمهوره، حتى وهو يؤدي أدوارًا يكرهها الجميع.


الأكثر قراءة
-
تقييمات الصف الثاني الثانوي 2026.. الرابط والخطوات
-
صندوق النقد يكشف مفاجأة: لم نوص بزيادة أسعار الوقود في مصر
-
الإتاوة مقابل الأمان.. ماذا فعل "صدام سوق أبو دياب" قبل انتهاء أسطورته؟
-
برواز مسروق وآخر مفقود.. لوحات مقتنيات فنون المنصورة "مرمية" بالطرقات (خاص)
-
روشتة نفسية لتجنب التعصب والغضب في قمة الأهلي والزمالك
-
التحفظ على سائق قطار البضائع ومساعده في حادث بني سويف
-
4 ساعات من الدهشة.. كيف انحرف نعش الشيخ خلف وطاف بقرى أسيوط قبل الدفن؟
-
معبد الرامسيوم بالأقصر يكشف أسراره المدفونة منذ زلزال 27 قبل الميلاد

أخبار ذات صلة
انتهاء تصوير فيلم "السلم والثعبان 2"
29 سبتمبر 2025 10:59 م
ماذا حدث بعد 3 أشهر من تجميل أنف أحلام؟
29 سبتمبر 2025 09:16 م
سينتيا خليفة تبدأ تصوير مشاهدها في فيلم "سفاح التجمع"
29 سبتمبر 2025 07:23 م
أشرف عبد الباقي وابنته أول الحاضرين في العرض الخاص لـ"ولد بنت شايب"
29 سبتمبر 2025 07:14 م
نفاد تذاكر حفل برلين.. تفاصيل جولة "كايروكي" الأوروبية
29 سبتمبر 2025 07:10 م
غدًا.. محمد منير ضيف لميس الحديدي على "النهار"
29 سبتمبر 2025 06:33 م
محمد رمضان: بقيت نجم الوطن العربي الأول
29 سبتمبر 2025 06:23 م
مصر نموذج إنساني لاستقبال السوريين.. فضل القاسم يرد بالأرقام والحقائق
29 سبتمبر 2025 04:52 م
أكثر الكلمات انتشاراً