الثلاثاء، 01 يوليو 2025

02:38 ص

اللجوء للروبل الروسي.. هل يحل أزمة الديون في مصر؟

محطة الضبعة النووية

محطة الضبعة النووية

تتجه مصر إلى سداد قرض محطة الضبعة النووية بالروبل الروسي، في خطوة تُعد الأولى من نوعها ضمن اتفاقات الديون الثنائية، وذلك في ظل أزمة نقص العملات الصعبة التي تواجهها البلاد، خصوصًا الدولار واليورو، إذ أثار هذا التوجه تساؤلات حول مدى تأثيره على هيكل الديون الخارجية، وقدرته على تخفيف الضغوط التمويلية على الاقتصاد المصري.

وقال الخبير المصرفي، عز الدين حسانين، إن اتجاه مصر لتسوية جزء من التزاماتها مع روسيا باستخدام الروبل يُمثل خطوة من شأنها أن تخفف الضغط القائم على احتياطيات البلاد من النقد الأجنبي، خصوصا الدولار واليورو في ظل التحديات التي تواجهها الدولة في توفير العملات الصعبة لتغطية التزاماتها تجاه الدائنين الدوليين.

استخدام اليوان ينسجم مع الاتجاه العالمي 

وأوضح حسانين لـ“تليجراف مصر”، أن هذه الخطوة قد تمهد لإبرام ترتيبات مماثلة مع دول أخرى مثل الصين، عبر استخدام اليوان وهو ما ينسجم مع الاتجاه العالمي المتصاعد نحو تقليل الاعتماد على الدولار في المعاملات الثنائية.

ورغم إيجابية الخطوة، فحذر حسانين من أن الروبل الروسي لا يعد عملة قابلة للتحويل الحر مثل الدولار أو اليورو، ما يقيد استخدامه خارج السوق الروسية ويجعل الاعتماد عليه محدودًا في تسوية الالتزامات الخارجية الأخرى.

وأشار إلى أن الروبل يتعرض لتقلبات حادة بفعل العقوبات الغربية المفروضة على روسيا والضغوط الاقتصادية المرتبطة بالحرب في أوكرانيا، وهو ما يجعل تسوية الديون عبر هذه العملة محفوفًا بمخاطر مستقبلية متعلقة بسعر الصرف.

وأعلنت مصر وروسيا، خلال مايو الماضي، التوصل إلى اتفاق نهائي بشأن إنشاء منطقة صناعية روسية داخل نطاق المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، باستثمارات تبلغ نحو 4.6 مليارات دولار، في إطار توسيع التعاون الاقتصادي والتجاري بين البلدين.

ويأتي هذا الاتفاق في وقت يشهد فيه التبادل التجاري بين القاهرة وموسكو تحولًا تدريجيًا نحو التحرر من هيمنة الدولار واليورو، حيث أكد وزير الصناعة والتجارة الروسي أنطون أليخانوف، أن ما يقرب من 40% من المعاملات الثنائية بين البلدين تسوى حاليًا باستخدام عملات بديلة، بما في ذلك العملات المحلية، لافتا إلى وجود جهود مستمرة لتعزيز هذا الاتجاه.

وأوضح الوزير الروسي، أن استخدام الجنيه المصري والروبل الروسي في تسوية المعاملات التجارية بات أحد المسارات المطروحة بقوة في العلاقات المالية بين البلدين، في ظل سعي مشترك لتقليل الاعتماد على العملات الغربية، خاصة في ضوء التحديات الاقتصادية والجيوسياسية الراهنة.

وأكد الخبير المصرفي أن تسوية بعض الالتزامات بالروبل قد تساهم جزئيًا في تقليص الضغط على الدولار، لكنها لا تعالج جذور أزمة العملة الصعبة في مصر، خاصة في ظل الحاجة المستمرة لتوفير الدولار واليورو من أجل خدمة الدين الخارجي واستيراد السلع الاستراتيجية من أوروبا والصين والولايات المتحدة.

ويبلغ سعر صرف الدولار الأمريكي في مصر حاليًا حوالي 50 جنيهًا مصريًا، بينما يقدر سعر صرف الروبل الروسي بنحو 0.63 جنيه.

كيفية حصول مصر على الروبل

أوضح حسانين أن هناك أكثر من آلية محتملة، أبرزها الاتفاق على مبادلة عملات بين البنك المركزي المصري ونظيره الروسي، بحيث يتم تسليم الجنيه المصري مقابل الروبل وفق ترتيبات محددة بين الطرفين.

وتابع حسانين أنه أيضًا يمكن لمصر أن تسدد قيمة وارداتها من روسيا مثل القمح والوقود والمواد الخام باستخدام الجنيه المصري أو عملة وسيطة كاليوان، على أن تقوم روسيا بتحويل هذه المبالغ إلى الروبل داخليًا واحتسابها ضمن آليات تسوية الالتزامات المتبادلة.

وصف وزير المالية أحمد كوجك، الدين الخارجي وارتفاع معدلات التضخم بأنهما يمثلان سحابتين سوداوين تعيقان الصورة الكاملة للتقدم التنموي الذي تشهده البلاد خلال السنوات الأخيرة، رغم تنفيذ مشروعات كبرى وبنية تحتية غير المسبوقة.

عملة الروبل الروسية

وتشير أحدث بيانات البنك المركزي المصري إلى أن حجم الدين الخارجي لمصر بلغ نحو 155.1 مليار دولار بنهاية عام 2024، بما يعادل 82.9% من الناتج المحلي الإجمالي.

أما الدين المحلي، فقد تخطى 13.3 تريليون جنيه، ما يعادل تقريبًا 263 مليار دولار، في وقت تواجه فيه مصر تحديات تمويلية وضغوطًا نقدية متزايدة بسبب فجوة العملة الأجنبية وضعف مصادر الإيرادات الدولارية.

مشروع محطة الضبعة النووية

ويعد مشروع محطة الضبعة النووية من أبرز الملفات المرتبطة بالديون الخارجية، حيث تم توقيع الاتفاق مع الجانب الروسي في ديسمبر 2017 لتمويل وإنشاء أول محطة طاقة نووية سلمية في مصر عبر قرض حكومي روسي يبلغ 25 مليار دولار يمتد على 22 عامًا، بفائدة سنوية قدرها 3%.

وبحسب تصريحات لمسؤولين روس، فقد التزمت مصر حتى مطلع عام 2024 بسداد جميع الدفعات المستحقة من القرض، وسط أنباء عن دراسة سداد أجزاء مستقبلية منه باستخدام الروبل الروسي بدلا من الدولار، في محاولة لتخفيف الضغط على العملة الصعبة.

ويستهدف مشروع الضبعة بناء أربعة مفاعلات نووية من الجيل الثالث المطور (3+)، بقدرة إجمالية 4800 ميغاواط، أي 1200 ميغاواط لكل مفاعل. 

ووصلت نسبة الإنجاز بالمشروع إلى 30.1%، مع توقعات بارتفاعها إلى 50% خلال العام المقبل، على أن يبدأ تشغيل أول مفاعل في عام 2028 وفق الجدول الزمني المُعلن.

search