الذكاء الاصطناعي يؤثر على راتبك حسب طبيعة عملك.. كيف ذلك؟

كيف يؤثر الذكاء الاصطناعي على طبيعة عملك
مع تزايد قدرات الذكاء الاصطناعي يومًا بعد يوم، هل لا تزال هناك وظيفة آمنة؟ قال كبير معلّقي الشؤون الاقتصادية في صحيفة فايننشال تايمز مارتن وولف، مؤخرًا: "أقنعت نفسي إلى حدٍّ ما بأن أكثر وظيفة آمنة في العالم هي البُستاني (الجنايني)"، وكان ذلك رأيًا يبدو صائبًا؛ فثمة أمور يعجز الذكاء الاصطناعي عن القيام بها.
لكن في صباح اليوم التالي، نشرت الصحيفة نفسها تقريرًا بعنوان "الحدائق التي أنشأها الذكاء الاصطناعي"، تناولت فيه أنظمة ري ذكية بالتنقيط، وكواشف آفات، وأنظمة ليزر لطرد الطيور، وروبوتًا لإزالة الأعشاب الضارة يعمل بالطاقة الشمسية.
صحيح أنه ليس من الواضح بعد إلى أي مدى قد تُهدد تلك التقنيات وظائف البُستانيين، إلا أن هذا التطور يُذكّرنا بفارق مهم بين "الوظيفة" و"المهمة"، إذ إن معظم الوظائف ليست سوى حُزم مترابطة من المهام المختلفة.
فالبستاني، مثلًا، يقوم بكل شيء؛ من جزّ العشب ونزع الأعشاب الضارة، إلى تشخيص إصابات النباتات وتصميم المساحات الخارجية.
يمكن لأنظمة الذكاء الاصطناعي أن تساعد في معظم هذه المهام، لكن النتيجة الأرجح ليست اختفاء وظيفة البستاني، بل تغيّر شكلها وطبيعتها.
السؤال المطروح هو: كيف ستُعيد كل تقنية جديدة من تقنيات الذكاء الاصطناعي تشكيل طبيعة ما نقوم به؟ وهل سنُعجب بالوظائف المُعاد تصميمها والتي ستكون متاحة لنا بعد هذا التحوّل؟
رغم أن الذكاء الاصطناعي التوليدي يُعد حديثًا نسبيًا، فإن هذه الأسئلة ليست بجديدة؛ فهي تمتد إلى احتجاجات "اللوديين" في أوائل القرن التاسع عشر، حين رأى عمّال النسيج المهرة أن الآلات باتت تنجز أصعب جوانب عملهم، مما سمح لأصحاب العمل باستبدالهم بعمّال منخفضي الأجر وأقل خبرة بكثير.
أما الإجابات عن هذه الأسئلة القديمة، فتعتمد على أمرين: التكنولوجيا نفسها، وطبيعة الوظيفة المعنية.
ويمكننا استخلاص درس مهم من حالتين سابقتين متناقضتين: جداول البيانات الرقمية، وسماعات التوجيه في المخازن مثل جهاز "جينيفر".
فجداول البيانات الرقمية، التي طُرحت في الأسواق عام 1979، تولّت مباشرةً وبدقة فائقة مهامًا كانت تُنجز سابقًا بواسطة كتبة المحاسبة، لكن مهنة المحاسبة نفسها انتقلت إلى آفاق أكثر استراتيجية وابتكارًا، مثل تصميم النماذج وتقييم المخاطر والسيناريوهات. ومَن منّا لا يرغب في محاسب مبدع؟
أما جهاز "جينيفر"، فهو عبارة عن سماعة تُستخدم لتوجيه العاملين في المخازن أثناء تنقّلهم لالتقاط البضائع من الرفوف، حيث تهمس في آذانهم بالتعليمات، وتتابع خطواتهم، وتُرشدهم إلى حركتهم التالية.
هذا الجهاز أزال آخر أثر للتفكير الذهني من وظيفة تتّسم أصلًا بالإجهاد البدني والرتابة الذهنية، مما يشكّل تناقضًا صارخًا مع جداول البيانات، التي ألغت الجزء الأكثر مللًا من وظيفة معقدة تتطلب مهارات عالية.
والدروس المستفادة هنا واضحة: يمكن للذكاء الاصطناعي أن يجعل الوظيفة المملّة أكثر مللًا، والوظيفة الشيّقة أكثر تشويقًا.
وقد جاءت بيانات جديدة ومنظور حديث لهذه الأسئلة من باحثَيْ معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT)، ديفيد أوتور ونيل طومسون.
ففي ورقة بحثية جديدة لهما بعنوان "الخبرة"، افتتح الباحثان النقاش بطرح السؤال التالي: هل من المتوقع أن يتأثر كتبة المحاسبة وكتبة المخازن بنفس الدرجة جرّاء الأتمتة؟
توجد عدة مقاربات معروفة لتحليل هذا السؤال، وجميعها تشير إلى أن الإجابة هي "نعم".
فخلال العقود الماضية، كانت الوظيفتان تتطلبان أداء مهام عقلية روتينية، مثل اكتشاف التناقضات، وتكوين جداول أو قوائم للجرد، والقيام بعمليات حسابية بسيطة ولكن على نطاق واسع.
وكانت جميع هذه المهام من النوع الذي تستطيع أجهزة الكمبيوتر القيام به، ومع تراجع تكلفة الحواسيب، سيطرت على السوق.
وبما أن المهام في كلا الوظيفتين خضعت لنوع الأتمتة نفسه، فمن المنطقي أن تتغير الوظيفتان بطرق متشابهة.
لكن هذا ليس ما حدث فعليًا؛ فبحسب أوتور وطومسون، ارتفعت أجور المحاسبين، في حين انخفضت أجور مسؤولي المخازن.
يرجع ذلك إلى أن معظم الوظائف ليست مجرد تجميع عشوائي لمهام غير مترابطة، بل هي حُزم من المهام التي يُعد إنجازها من قبل الشخص نفسه أكثر كفاءة، لأسباب واضحة تمامًا.
وعندما تُزال بعض المهام من هذه الحزمة، فإن طبيعة الوظيفة ككل تتغير تبعًا لذلك.
فقد كتبةُ المخازن الجزء الأكثر تطلبًا من حيث التعليم والتدريب (العمليات الحسابية)، لتُصبح وظائفهم أقرب إلى عمّال ترتيب البضائع على الأرفف.
أما المحاسبون، فقد فقدوا أيضًا الجانب الحسابي من العمل، لكن ما تبقّى من مهام كان يتطلب حكمًا وتحليلًا وحلًّا لمشكلات معقدة.
وبالتالي، رغم أن النوع نفسه من المهام قد تمّت أتمتته في الحالتين، إلا أن النتيجة كانت تقليص الحاجة إلى المهارة والتدريب في وظيفة كاتب المخازن، بينما أصبحت وظيفة موظفي المحاسبة أكثر تطلبًا للخبرة مما كانت عليه من قبل.
ماذا سيفعل الذكاء الاصطناعي بوظيفتك؟
والسؤال الطبيعي الذي قد يطرحه أي شخص يطمح للاحتفاظ بوظيفته خلال السنوات الخمس القادمة هو: ماذا سيفعل الذكاء الاصطناعي بوظيفتك؟
ورغم أن اليقين قليل، إلا أن الإطار التحليلي الذي يقدّمه أوتور وطومسون يقترح سؤالًا توضيحيًا بالغ الأهمية: هل يبدو أن الذكاء الاصطناعي سيتولّى تنفيذ الجزء الأكثر مهارة في عملك، أم الجزء الأقل مهارة الذي طالما تمنّيت التخلّص منه؟
قد تساعد الإجابة عن هذا السؤال في التنبؤ بما إذا كانت وظيفتك على وشك أن تصبح أكثر متعة، أم أكثر إزعاجًا، وما إذا كان راتبك سيرتفع، أم سينخفض مع تراجع قيمة عملك الخبير، كما حدث مع العمال المهرة في حقبة اللوديين.

الأكثر قراءة
-
موعد ظهور نتيجة الثانوية العامة 2025.. وعد من وزير التعليم
-
تهنئة بيوم عاشوراء 2025.. "كل عام وأنتم من المقبولين"
-
بعد حواره مع يائير لابيد.. هل سقط عماد أديب في بئر التطبيع؟
-
وفاة سائق قطار داخل كابينة القيادة بالبحيرة
-
تشكيل الهلال المتوقع ضد فلومينينسي في المونديال
-
"من له بديل ليس له سعر".. هل تنبأ عمرو دياب بالمستقبل؟
-
بعد دفاعه عن "صغير".. شهامة مصطفى تنتهي بطعنة قاتلة في السلام
-
فتح باب التقديم لرياض الأطفال والصف الأول الابتدائي بالأزهر 2025.. المستندات والشروط

أخبار ذات صلة
باربي بالذكاء الاصطناعي.. تحالف جديد يغير هوية الدمية الأشهر في العالم
04 يوليو 2025 04:32 م
تطور خرج عن السيطرة.. علماء يبدأون إنشاء حمض نووي "من الصفر"
02 يوليو 2025 06:53 م
أكبر مبادرة لتأهيل الشباب.. 40 ألفا يتنافسون على منحة الرواد الرقميون
02 يوليو 2025 02:27 م
Moto G96 5G من موتورولا.. أداء قوي وسعر اقتصادي
01 يوليو 2025 10:02 م
أكثر الكلمات انتشاراً