الثلاثاء، 15 يوليو 2025

02:02 ص

تسريح 1300 موظف أمريكي.. إصلاح إداري أم تسييس؟

دونالد ترامب

دونالد ترامب

في خطوة وُصفت بأنها “أكبر عملية إعادة هيكلة داخلية منذ عقود”؛ شرعت وزارة الخارجية الأمريكية، الجمعة، في تسريح أكثر من 1300 موظف، في إطار مساعٍ لإدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لتقليص حجم موظفي الحكومة الفيدرالية وفقًا لشبكة "سي إن إن".

طالت التسريحات 1107 موظفين من الخدمة المدنية و246 موظفًا من السلك الدبلوماسي (الخدمة الخارجية)، في وقت تُجرى فيه مراجعات شاملة داخل الوزارة شملت إلغاء أو دمج مئات المكاتب والوظائف.

خطة إعادة التنظيم

وقالت الوزارة إن الهدف من هذه العملية هو "تبسيط الهياكل الداخلية وتركيز الجهود على الأولويات الدبلوماسية الحالية"، مع إعادة توجيه الموارد نحو الملفات التي تعتبرها الإدارة أكثر أهمية، مثل ضبط الهجرة، ومواجهة التهديدات الأمنية، وتقليص التركيز على قضايا حقوق الإنسان.

وورد في الإشعار الرسمي: "عمليات تقليص الموظفين صُممت بعناية لاستبعاد الوظائف غير الأساسية، والمكاتب المتكررة أو الزائدة، والمهام التي يمكن دمجها لزيادة الكفاءة".

لكن الإجراء ترك الموظفين في حالة من الغموض والإحباط، حيث قالت مصادر داخل الوزارة إن "الأجواء داخل أروقة الخارجية متوترة منذ أسابيع، والموظفون يعيشون على أعصابهم بانتظار رسائل الفصل التي تصل عبر البريد الإلكتروني".

آليات التسريح .. فترات إدارية محدودة قبل المغادرة

وبحسب ما جاء في الإشعار الداخلي للوزارة، فإن موظفي السلك الدبلوماسي الذين شملهم قرار "خفض القوة العاملة" سيُمنحون إجازة إدارية مدتها 120 يومًا قبل فقدان وظائفهم رسميًا، فيما سيحصل معظم موظفي الخدمة المدنية على مهلة 60 يومًا قبل بدء سريان قرار تسريحهم.

ويُتوقع أن يغادر نحو 3000 موظف في المجموع، بين من شملهم التسريح الإجباري، ومن اختاروا المغادرة طواعية ضمن الحزمة الحالية لإعادة التنظيم.

انتقادات داخلية وخارجية

ووُجهت انتقادات واسعة لهذه الخطوة، لا سيما من داخل مؤسسة وزارة الخارجية نفسها، فقد وصف توماس يزدجردي، رئيس "جمعية الخدمة الخارجية الأمريكية" (النقابة التي تمثل الدبلوماسيين الأمريكيين)، القرار بأنه يأتي "في وقت غير مناسب على الإطلاق"، معتبرًا أن "العالم يواجه تحديات ضخمة من أوكرانيا إلى غزة وإيران، وهو ما يتطلب قوة دبلوماسية محترفة، لا تفكيكها".

وأضاف يزدجردي: “نحن نخسر أكثر من 20% من قوتنا العاملة في أقل من 6 أشهر، هذه ضربة ليست فقط للمعنويات بل أيضًا لقدرة الوزارة على التوظيف والاحتفاظ بالكفاءات”.

وأكدت الجمعية، في بيان شديد اللهجة، أن تسريح الموظفين تم استنادًا إلى مواقع عملهم، لا إلى كفاءاتهم أو مهاراتهم، مشددة على أن هذه الخطوة "ليست إصلاحًا بل تسييسٌ للعمل الدبلوماسي".

وحين سُئل مسؤول كبير في الوزارة عن حجم الوفر المتوقع من هذه الإجراءات، لم يُقدم رقمًا محددًا، مكتفيًا بالقول إن "ميزانية العام المقبل تعكس خفضًا كبيرًا في التكاليف". وأكد أن خطة إعادة التنظيم "تركّز على الوظائف وليس على الأشخاص"، موضحًا: "إذا كانت وظيفة معينة لم تعد تتماشى مع أولويات الوزارة المستقبلية، سيتم إلغاؤها، لا علاقة للأمر بتقييم الأفراد".

تناقض صارخ

وأشار مراقبون إلى أن تقليص عدد الموظفين في وقت تشهد فيه السياسة الخارجية الأمريكية تعقيدًا متزايدًا هو "تناقض صارخ"، فبين محاولات تهدئة النزاعات في أوكرانيا، وصراعات الشرق الأوسط، تحتاج واشنطن أكثر من أي وقت مضى إلى دبلوماسيين محترفين وخبراء قادرين على إدارة الأزمات.

ورغم تأكيد الوزارة أنه لا توجد حتى الآن خطط لتقليص عدد الموظفين في البعثات الدبلوماسية بالخارج، فإن الغموض لا يزال سيد الموقف، خاصة بعد أن أقر وزير الخارجية ماركو روبيو خطة إعادة الهيكلة في 29 مايو الماضي.

ودافع مسؤولو إدارة ترامب عن إعادة التنظيم، مُؤكدين أنها ضرورية لجعل الوزارة "المتضخمة" أكثر فعاليةً ومواءمةً مع أولويات الرئيس الأمريكي.

وقال روبيو، الخميس، إن إعادة التنظيم تُنفّذ "على الأرجح بالطريقة الأكثر تنظيمًا من أي جهة أخرى".

search