الأربعاء، 06 أغسطس 2025

05:03 م

رحلة إلى باطن الأرض.. عالمة تشرب أقدم مياه في التاريخ

مياه في باطن الأرض-تعبيرية

مياه في باطن الأرض-تعبيرية

إسراء أحمد

A .A

بطعم يشبه التاريخ السحيق، شربت البروفيسورة باربرا شيروود لولار قطرات ماء عمرها يقدر بـ2.6 مليار عام، فهي واحدة من أغرب لحظات البحث العلمي، لم يكن الأمر مجرد تجربة جيولوجية، بل نافذة نادرة فتحتها العالمة باربرا في أعماق الأرض.

بداية القصة

وحسب ما ورد في البيان الصحفي الصادر عن جامعة تورنتو، والذي نشره موقع "فيز دوت أورج" (phys.org)، فالقصة بدأت في عام 2016، حين قاد فريق من العلماء بقيادة البروفيسورة شيروود لولار رحلة استكشافية إلى أحد المناجم العميقة في كندا،  حيث عثروا على كميات صغيرة من الماء محبوسة داخل الصخور، لكنهم فوجئوا بمياه تتدفق بمعدل لترات في الدقيقة من عمق يقارب الثلاثة كيلومترات تحت سطح الأرض، هذا التدفق المذهل من المياه غير المتوقعة قلب كل التصورات القديمة حول طبيعة المياه الجوفية القديمة.

أوضحت البروفيسورة لولار: “عندما يفكر الناس في هذه المياه، يفترضون أنها كمية ضئيلة من المياه المحبوسة داخل الصخور، لكن في الواقع، إنها تتدفق إلى الخارج مباشرة”.

طبيعة المياه المكتشفة في باطن الأرض

المياه لم تكن عادية، كانت شديدة الملوحة والمرارة، بدرجة تفوق مياه البحر، بالنسبة لجيولوجية خبيرة مثل شيروود لولار، كانت هذه الملوحة العالية مؤشرًا إيجابيًا، إذ تشير عادة إلى قدم المياه، فكلما طالت فترة بقاء الماء في باطن الأرض، زادت ملوحته بفعل ذوبان المعادن داخل الصخور.

لكن المفاجأة الكبرى لم تكن في الملوحة فقط، بل في ما حملته هذه المياه من أسرار عن الحياة القديمة، اكتشف الفريق آثارًا واضحة لحياة ميكروبية قديمة، مما يشير إلى أن كائنات دقيقة عاشت في عزلة داخل هذه المياه لمليارات السنين، في بيئة مغلقة تمامًا دون ضوء أو هواء أو تدخل خارجي.

وتقول العالمه لولار: "الإشارة التي رأيناها في هذه المياه لا يمكن أن تكون إلا نتاج علم الأحياء الدقيقة" وبذلك، لم يكن الأمر مجرد اكتشاف ماء، بل اكتشاف حياة.

اكتشاف فريد من نوعه

هذا الاكتشاف الفريد من نوعه فتح آفاقًا جديدة أمام العلماء لفهم كيف يمكن للحياة أن تنمو وتستمر في أكثر البيئات عزلة وقسوة، ليس فقط على الأرض، وربما في المريخ أو قمر أوروبا التابع لكوكب المشتري.

فقد لفتت الانتباه عندما قررت العالمة تذوق المياه بنفسها، خطوة جريئة تليق بباحثة لا تخشى الدخول في صلب التجربة، "إذا كنت جيولوجياً، فأنت بالتأكيد لعقت الكثير من الصخور في حياتك"، هكذا قالت مازحةً.

لحسن الحظ، لم تُصَب بأي أذى أو آثار جانبية، بل أكملت عملها بشغف أكبر، لتنقل للعالم هذا الاكتشاف المذهل الذي يعيد كتابة بعض مفاهيمنا عن المياه والحياة

search