الثلاثاء، 22 يوليو 2025

02:05 ص

بعد تراجع معدل الإنجاب لأدنى مستوى.. الصين تحفز الأسر بدعم مالي

أم صينية مع ابنها

أم صينية مع ابنها

في محاولة جديدة لمواجهة التراجع الحاد في معدلات المواليد، أعلنت الحكومة الصينية، خطة وطنية لتقديم دعم مالي مباشر للأسر، في خطوة تُعد الأولى من نوعها على المستوى الاتحادي، وتُظهر تنامي قلق السلطات من التأثيرات السكانية على مستقبل الاقتصاد الصيني.

وقررت الحكومة، منح إعانة سنوية تبلغ 3600 يوان صيني (حوالي 500 دولار أمريكي) لكل طفل حتى سن الثالثة، وذلك بهدف تشجيع العائلات على الإنجاب وسط أزمة غير مسبوقة تمر بها الصين، بحسب ما نقلته صحيفة "وول ستريت جورنال".

تفاصيل حول آلية التنفيذ

ونُشرت ملامح الخطة الجديدة عبر مرسوم حكومي تم تداوله في مواقع رسمية محلية، دون أن يتضمن تحديدًا دقيقًا لموعد بدء التنفيذ أو الآليات العملية لصرف الإعانات. وتأتي هذه المبادرة بعد تجارب متعددة نفذتها حكومات محلية في السنوات الأخيرة، شملت تقديم حوافز مالية ودعم سكني للأسر.

انخفاض مقلق في معدلات الإنجاب

تشير الإحصاءات الرسمية، إلى أن معدل الخصوبة في الصين بلغ حاليًا نحو طفل واحد لكل امرأة، وهو من أدنى المعدلات عالميًا، ويقل كثيرًا عن معدل الإحلال السكاني المطلوب البالغ 2.1 طفل لكل امرأة، ويعكس هذا التراجع تحديًا كبيرًا للدولة من حيث سوق العمل، والنظام الصحي، والتقاعد، ما يُنذر بأزمات مستقبلية معقدة.

وعلى الرغم من أهمية الخطوة، يرى خبراء ديموغرافيون، أن قيمة الدعم لا تمثل حافزًا كافيًا لتغيير الاتجاه السكاني العام، في ظل ارتفاع تكاليف المعيشة وتربية الأطفال، كما امتنعت كل من "مجلس الدولة الصيني" و"اللجنة الوطنية للصحة" عن التعليق على القرار، رغم تقارير سابقة نشرتها وكالة بلومبرج حول وجود توجه رسمي نحو تقديم إعانات مالية لتحفيز الولادة.

تراجع متواصل في عدد المواليد

شهدت الصين، انخفاضًا مستمرًا في عدد المواليد خلال السنوات الست الأخيرة، ولم يُفلح رفع القيود المرتبطة بجائحة "كوفيد-19" العام الماضي في عكس هذا التراجع إلا بشكل مؤقت. ووفقًا لإحصاءات رسمية حديثة، انخفض عدد الزيجات الجديدة في عام 2024 إلى 6.1 مليون فقط، بانخفاض نسبته 21% مقارنة بالعام السابق، وهو أدنى رقم يُسجّل منذ بدء إصدار هذه البيانات عام 1986.

ويتوقع باحثون في مجال السكان، أن ينخفض عدد المواليد خلال هذا العام إلى أقل من 9 ملايين، أي ما يعادل أقل من نصف ما تم تسجيله عام 2016، حين سُمح للأسر بإنجاب طفلين لأول مرة منذ تطبيق سياسة الطفل الواحد في ثمانينات القرن الماضي.

وتشير البيانات إلى أن معدل النمو السكاني في الصين شهد انخفاضًا تدريجيًا منذ عام 2015، قبل أن يتحول إلى انكماش فعلي ابتداءً من عام 2022، فقد تراجع النمو من 0.6% عام 2017 إلى نمو سلبي بلغ -0.35% بحلول 2025. هذا الاتجاه المتسارع في انخفاض عدد السكان دفع الحكومة الصينية إلى تكثيف جهودها ووضع استراتيجيات جديدة لزيادة معدلات المواليد، مثل تقديم حوافز مالية للأسر وتشجيع الزواج والإنجاب.

قضايا اجتماعية تزيد من الابتعاد عن الإنجاب

ويعزو مختصون، تراجع الرغبة في الإنجاب إلى عدة أسباب؛ أبرزها ارتفاع تكاليف المعيشة والضغوط الاقتصادية والمخاوف المتعلقة بالصحة العامة، وقد زادت هذه المخاوف بعد فضيحة صحية شهدتها إحدى رياض الأطفال في مقاطعة قانسو، حيث أُصيب أكثر من 230 طفلاً بتسمم بالرصاص نتيجة استخدام مواد صناعية في الطعام، وقد أثارت هذه الحادثة غضباً واسعاً على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث علّق أحد المستخدمين قائلاً: "إذا كان هذا هو الواقع الذي سيواجهه طفلي، فلماذا أنجبه من الأساس؟".

ورغم شروع الحكومة في اتخاذ خطوات لمعالجة الخلل الديموغرافي، من بينها تأجيل سن التقاعد، فإن العديد من الباحثين يعتبرون أن الاستجابة لا تزال “مجزأة”. 

وصرحت إيلاريا ماتزوكو، الباحثة في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية بواشنطن، بأن التجربة العالمية، لاسيما في كوريا الجنوبية واليابان، أظهرت أن السياسات المحفزة على الإنجاب تحتاج إلى وقت طويل كي تؤتي ثمارها.

وقد بدأت تداعيات الأزمة السكانية تظهر بشكل فعلي، حيث تم إغلاق أكثر من 20 ألف روضة أطفال خلال العام الماضي، وهو ما تسبب في فقدان نحو 250 ألف من المعلمين والمعلمات لوظائفهم.

search