الإثنين، 11 أغسطس 2025

05:32 م

اعلموا أني مت عندما تصلكم هذه الرسالة.. آخر ما كتب أنس الشريف

الصحفي أنس الشريف

الصحفي أنس الشريف

أشرف جاد الله

A .A

استشهد الصحفي أنس الشريف ليُسجل الحقيقة التي لا يريد الاحتلال الإسرائيلي أن تُسمع، وقبل أن يغادر هذا العالم، ترك وصيته الأخيرة التي تكشف عن عمق ألمه، وحبه لوطنه، وأمله في مستقبل أفضل لأهله وأبنائه.

رسالتي الأخيرة

وقال أنس الشريف في وصيته التي نشرتها إدارة صفحته عبر فيسبوك: “هذه وصيّتي، ورسالتي الأخيرة، إن وصلَتكم كلماتي هذه، فاعلموا أن إسرائيل قد نجحت في قتلي وإسكات صوتي”.

يعلم الله أنني بذلت كل ما أملك من جهدٍ وقوة، لأكون سندًا وصوتًا لأبناء شعبي، مذ فتحت عيني على الحياة في أزقّة وحارات مخيّم جباليا للاجئين، وكان أملي أن يمدّ الله في عمري حتى أعود مع أهلي وأحبّتي إلى بلدتنا الأصلية عسقلان المحتلة "المجدل" لكن مشيئة الله كانت أسبق، وحكمه نافذ.

ذُقت الوجع والفقد مرارًا

عشتُ الألم بكل تفاصيله، وذُقت الوجع والفقد مرارًا، ورغم ذلك لم أتوانَ يومًا عن نقل الحقيقة كما هي، بلا تزوير أو تحريف، عسى أن يكون الله شاهدًا على من سكتوا ومن قبلوا بقتلنا، ومن حاصروا أنفاسنا ولم تُحرّك أشلاء أطفالنا ونسائنا في قلوبهم ساكنًا ولم يُوقِفوا المذبحة التي يتعرّض لها شعبنا منذ أكثر من عام ونصف.

الصحفي أنس الشريف

أوصيكم بفلسطين

أوصيكم بفلسطين، درةَ تاجِ المسلمين، ونبضَ قلبِ كلِّ حرٍّ في هذا العالم، أوصيكم بأهلها، وبأطفالها المظلومين الصغار، الذين لم يُمهلهم العُمرُ ليحلموا ويعيشوا في أمانٍ وسلام،فقد سُحِقَت أجسادهم الطاهرة بآلاف الأطنان من القنابل والصواريخ الإسرائيلية، فتمزّقت، وتبعثرت أشلاؤهم على الجدران.

أوصيكم ألّا تُسكتكم القيود، ولا تُقعِدكم الحدود، وكونوا جسورًا نحو تحرير البلاد والعباد، حتى تشرق شمسُ الكرامة والحرية على بلادنا السليبة.

الصحفي أنس الشريف

أُوصيكم بأهلي خيرًا

أُوصيكم بأهلي خيرًا، أوصيكم بقُرّة عيني، ابنتي الحبيبة شام، التي لم تسعفني الأيّام لأراها تكبر كما كنتُ أحلم.

وأوصيكم بابني الغالي صلاح، الذي تمنيت أن أكون له عونًا ورفيق دربٍ حتى يشتدّ عوده، فيحمل عني الهمّ، ويُكمل الرسالة.

أوصيكم بوالدتي الحبيبة، التي ببركة دعائها وصلتُ لما وصلت إليه، وكانت دعواتها حصني، ونورها طريقي. 
أدعو الله أن يُربط على قلبها، ويجزيها عنّي خير الجزاء.

وأوصيكم كذلك برفيقة العمر، زوجتي الحبيبة أم صلاح بيان، التي فرّقتنا الحرب لأيامٍ وشهورٍ طويلة، لكنها بقيت على العهد، ثابتة كجذع زيتونة لا ينحني، صابرة محتسبة، حملت الأمانة في غيابي بكلّ قوّة وإيمان.

الصحفي أنس الشريف برفقة ابنائه

أموت ثابتًا على المبدأ

أوصيكم أن تلتفوا حولهم، وأن تكونوا لهم سندًا بعد الله عز وجل، إن متُّ، فإنني أموت ثابتًا على المبدأ، وأُشهد الله أني راضٍ بقضائه، مؤمنٌ بلقائه، ومتيقّن أن ما عند الله خيرٌ وأبقى.

اللهم تقبّلني في الشهداء، واغفر لي ما تقدّم من ذنبي وما تأخّر، واجعل دمي نورًا يُضيء درب الحرية لشعبي وأهلي.
سامحوني إن قصّرت، وادعوا لي بالرحمة، فإني مضيتُ على العهد، ولم أُغيّر ولم أُبدّل، لا تنسوا غزة.. ولا تنسوني من صالح دعائكم بالمغفرة والقبول.

الصحفي أنس الشريف

تخلد رسالته رغم استشهاده

وكتب أنس وصيته في السادس من أبريل 2025، معبراً فيها عن صموده وإيمانه العميق كصحفي شجاع رفض السكوت أمام المأساة، ورغب أن تبقى كلماته حية تخلد رسالته رغم استشهاده.

search