نور الشريف.. "دوبلير الخطيب" تنبأ بانهيار جوارديولا

نور الشريف في فيلم شحاتة أبو كف
محمود موسى
جمع الفنان الراحل نور الشريف، بين شغفين كبيرين، شكّلا فترة الطفولة والشباب وهما احتراف عالم الفن والتمثيل، وحب لعب كرة القدم، ثم الحرص على متابعتها في عمر أكبر.
وُلد نور الشريف في حي الخليفة الشعبي بالقاهرة، وتربى في أجواء الحارة المصرية التي غرست فيه القيم والمشاعر الصادقة، فكان لاعبًا موهوبًا، ومبدعًا متألقًا على خشبة المسرح وأمام الكاميرا.
ومن عروض مسرحية بسيطة تحت ضوء القمر في أزقة السيدة زينب، إلى أدوار سينمائية خالدة، ظلّ نور الشريف وفيًا لشغفه الأول، محتفظًا بعشقه لكرة القدم ورؤيته النقدية لها حتى آخر أيامه، وعاش بين الإبداع الفني وحب كرة القدم، وجسّد القيم التي آمن بها في حياته وفنه.
وتستعرض “تليجراف مصر” قصة الفنان الراحل نور الشريف مع كرة القدم وحبه الكبير لها قبل أن يتجه لعالم الفن في ذكرى رحيله كالتالي..
تحت ضوء القمر
وُلد الفنان نور الشريف باسم محمد جابر محمد عبدالله، في حيّ الخليفة بالقاهرة، وفقد والده وهو لم يتجاوز عامه الأول، وأطلق عليه جدّه لوالده عند مولده اسم "نور"، وتزوجت والدته وانتقلت مع زوجها الجديد إلى السعودية، فتولى أعمامه تربيته هو وشقيقته الوحيدة عواطف.
نشأ نور معتقدًا أن عمّه إسماعيل هو والده، وأن اسمه الحقيقي "نور"، حتى جاء يومه الأول في المدرسة الابتدائية، حين فوجئ بأن اسمه هو "محمد جابر" وأن والده قد توفي منذ سنوات.

أحب نور الشريف الفن منذ الطفولة، لكنه كان أيضًا موهوبًا في كرة القدم، وخاض أولى تجاربه الفنية في سن مبكرة للغاية حين التحق بفرقة مسرحية يقودها خاله شعيب، الذي كان يعمل مدرسًا بمدرسة محمد علي الإعدادية ورئيسًا لقسم التمثيل بها.
انضم نور الشريف إلى فرقة خاله الذي كان يؤلف ويخرج مسرحيات قصيرة للأطفال، ويقدمها في الحارة، وكان مسرح تلك الفرقة الصغيرة هي عربات الكارو في الليل، لتتحول إلى مسرح بسيط في الليل تحت ضوء القمر.
كان جمهور فرقة نور الشريف الأولى من أطفال حي السيدة زينب وأهل الحارة، وسط أجواء ساحرة تبرز روح الحارة المصرية.
واعتاد الفنان الراحل تقليد تشارلي تشابلن، وأيضًا عبدالمنعم إبراهيم، خاصة مشاهده في فيلم الوسادة الخالية، بسبب حبه الشديد لهما.
عشق نور الشريف مشاهدة الأفلام ودخول السينما، فكان يدخر مصروفه من أجلها، وكان يذهب 3 مرات أسبوعيًا على الأقل، وتنقل بين سينمات "وهبي" بالحلمية، و"إيزيس" بحي السيِّدة زينب.
فريق التأليف
إلى جانب عشقه للسينما والفن، كان نور الشريف لاعبًا متميزًا، وكان فريقه معروفًا بفريق "التأليف" في حي السيدة زينب، لأنه كان يحب تأليف مهارة أو مراوغة جديدة بحسب ما قاله.
وقال نور الشريف في أحد تصريحاته: "ميهمناش نكسب قد ما يهمنا نألف لعبة جديدة، بننبسط لما نعمل ترقيصة جديدة أو باص متعملش قبل كده، وكنا بنلعب كرة لمزاجنا، وبالتالي الفن كان أقرب لي".
بعد دخوله المرحلة الإعدادية، انضم نور الشريف إلى نادي الزمالك، وزامل حمادة إمام وطه بصري ونبيل نصير والجوهري الكبير.
بعد أن حصل على الثانوية العامة التحق بكلية التجارة، واستمر في لعب كرة القدم بنادي الزمالك، قبل أن يترك الكلية ثم النادي ليلتحق بالمعهد العالي للفنون المسرحية، لمطاردة شغفه الأول.
نور الشريف قال أيضًا: "لم أتمكن من التوفيق بين لعبي في النادي وتواجدت في معهد السينما حتى قررت الابتعاد عن كرة القدم.. لو كنت كملت في لعب الكرة كان النقاد شتموني".

وأضاف: "كنت لاعب كرة قدم متوسط الأداء، وتوجهت إلى التمثيل لأنني لم أكن سأحقق مكانة جيدة في كرة القدم، ولم أر نفسي لاعبًا كبيرًا، لكنني ظللت مشجعًا لنادي الزمالك، ومتابعًا لكرة القدم بشكل عام".
كابتن الكباتن
وعن كرة القدم في زمنه، عبّر الشريف خلال جلسة حوارية جمعته مع الراحلين فريد شوقي ويونس شلبي والفنانة سميرة سعيد، قائلًا: "أنا شايف إن لاعبي الجيل الحالي لا يشعرون بالجماهير مثل أيام جيلي، اللاعب دلوقتي بيدور دايمًا على مصلحته الشخصية فقط، والروح والحماس زمان كانوا أكبر".
وزاد: "كمان المواهب كانت أكتر لأن الهواية والممارسة كانت أكبر وكنا بنلعب للمتعة، مفيش كم الفلوس بتاع دلوقتي، كمان الجمهور كان بيحضر كل الماتشات لأن مكنش فيه إذاعة للمباريات".

وواصل: "النهاردة في لاعبين كتيرة محدودين جدًا، لكن عندهم لياقة بدنية عالية، عكس زمان مثلًا، أتذكر حديث سيد الضظوي لما اتسأل عن حمادة عبداللطيف، قال هو الواحد يبقى حريف وخلاص، عاجبني بس لازم يروح مصمط (في إشارة إلى نحافته)".
وأضاف الشريف: "العصر الذهبي للكرة المصرية لما كان هناك إدارة حازمة بكل الأندية، وكان لازم اللاعب المتميز يحصل على مكافأة، واللي يلعب وحش يمشي من النادي".
نور الشريف قال أيضًا: "(كابتن الكباتن) يليق في الأساس بالكابتن حسن شحاتة، فهو قدوة وأستاذ في الأخلاق. أتمنى أن يكون نموذجًا يُحتذى به للأجيال الجديدة، لأن جزءًا كبيرًا من مشاكلنا يمكن حله إذا وجد الشباب قدوة حقيقية يقتفون أثرها".
واختتم: "حسن شحاتة قدّم مثالًا رائعًا في الإخلاص، حين ترك عمله في الإمارات وعاد إلى الزمالك تلبية لاحتياج النادي، متقبلًا راتبًا متواضعًا، في وقت كان بعض اللاعبين يتعمدون التمارض لزيادة رواتبهم أو يطلبون امتيازات مادية مثل شقة أو سيارة، وهو سلوك يتنافى تمامًا مع روح الرياضة".
نقد جوارديولا والتفكير العلمي
وفي حوار آخر جمعه بالفنان يونس شلبي في أواخر الثمانينيات، قدّم الشريف مقترحًا لتطوير الكرة المصرية، إذ قال: "حال الكرة لن ينصلح إلا بنظام احترافي متكامل، وسيادة مبدأ الثواب والعقاب، وتوفير مظلة تأمين لكل اللاعيبة".
وزاد: "غياب الاحتراف وتأمين اللاعب تسبب في إصابات لاعبين كبار مثل محمود الخطيب وعلي أبو جريشة، ما قلل من قدرتهم على الالتحام مع المنافسين".
وواصل الشريف: "أنا قررت عدم مشاهدة الكرة المصرية عقب كأس العالم 1978، بعدما لما شوفت ماكينات بشرية حقيقية، لعب منظم وعقول حاضرة، بلا اعتماد على المهارة والمراوغات الزائدة زي لاعيبة الكرة المصرية، ومن وقتها قررت المقاطعة، لأن الكرة في مصر يغيب عنها التفكير العلمي".
وفي حديث آخر، أكد نور الشريف على عمق فهمه الكبير للعبة، بعدما انتقد بيب جوارديولا مدرب برشلونة السابق، إذ قال "خطته تعتمد على كثرة التمريرات بشكل يبعث على الملل، فريق مستفز، وأنتظر اللحظة التراجيدية التي سينهار فيها، وأتوقع أن يحدث هذا خلال 3 سنوات".
واختتم: "بشوف الدوريات الأوروبية، وبحب في الدوري الإنجليزي مانشستر يونايتد وتشيلسي، أما في إسبانيا ريال مدريد، وفي ألمانيا بايرن ميونيخ، وفي إيطاليا يوفنتوس وأودينيزي الذي احترف به حازم إمام".
غريب في بيتي (دوبلير الخطيب)
ورغم نجاحه الكبير في عالم الفن، لكنه لم ينفصل عن كرة القدم بعدما قدم أحد أشهر أشهر أدواره السينمائية في فيلم "غريب في بيتي" عام 1982، مجسدًا شخصية لاعب كرة القدم يدعى "شحاتة أبو كف" يلعب في نادي الزمالك.
وتدور أحداث الفيلم حول شاب قادم من الصعيد يمتلك موهبة كروية استثنائية، لينضم إلى الزمالك ويحفر اسمه سريعًا في الفريق ويتألق بشدة لدرجة أنه سجّل بمفرده 6 أهداف في مباراة القمة أمام الغريم الأزلي الأهلي.

شخصية "شحاتة أبو كف" ارتبطت لاحقًا بذاكرة جماهير النادي الأكثر تتويجًا بالبطولات الأفريقية في القرن العشرين، وباتت رمزًا للاعبين الموهوبين من الأقاليم البعيدة عن العاصمة.

لكن المفاجأة أن السيناريو الأصلي للفيلم كان مختلفًا، إذ كان من المقرر أن يكون "شحاتة أبو كف" لاعبًا في الأهلي يسجّل 6 أهداف في مرمى الأبيض، وبعد تعذر التصوير في ملعب مختار التتش بسبب أعمال الصيانة، ليتم نقل التصوير إلى ملعب حلمي زامورا، ليصبح بطل الفيلم لاعبًا زملكاويًا يسجّل في شباك المارد الأحمر.
ومن طرائف فيلم "غريب في بيتي" أن الدور عُرض قبل نور الشريف على أسطورة الأهلي محمود الخطيب، الذي كان سيخوض بذلك أولى تجاربه الفنية، لكنه رفض الدور بسبب عدم رغبته في دخول مجال الفن.

الأكثر قراءة
-
أسعار الحديد والأسمنت اليوم الاثنين 11 أغسطس 2025
-
إحالته لمحاكمة تأديبية.. نادي القضاة يكشف تفاصيل اعتداء ضابط على عامل
-
إخلاء سبيل البلوجر شاكر محظور في قضية المخدرات والسلاح
-
رغم إخلاء سبيله.. لماذا "شاكر محظور" محبوس 15 يومًا؟
-
كانت تطلب مساعدة.. حقيقة فيديو "سيدة العمارة والسكين" بالجيزة
-
في "بيان حاسم".. محافظ المنيا ينهي جدل أزمة مدير مدرسة "أشروبة"
-
يوسف وليد.. حكاية أصغر بلوجر تحدى صناع المحتوى الهابط بأعمال الخير
-
نتيجة تنسيق المرحلة الثانية 2025.. الرابط والخطوات

أخبار ذات صلة
الكرة "مقفولة" من كهربا.. السجل الكامل لـ"غاوي الحرايق"
11 أغسطس 2025 03:13 م
هالك هوجان.. ثور المصارعة الهائج يموت مشلولاً
11 أغسطس 2025 02:47 م
يوسف وليد.. حكاية أصغر بلوجر تحدى صناع المحتوى الهابط بأعمال الخير
10 أغسطس 2025 08:28 م
من المعلم إلى زيزو.. هتافات العار تفضح الوجه القبيح في المدرجات
10 أغسطس 2025 01:54 م
أكثر الكلمات انتشاراً