الجمعة، 26 ديسمبر 2025

06:51 م

إسرائيل تفتح النار على 3 جبهات.. إيران وتركيا والحدود فهل اقتربت الحرب؟

نتيناهو وسط جنوده - أرشيفية

نتيناهو وسط جنوده - أرشيفية

تفتح إسرائيل صراعًا متزامنًا على ثلاث جبهات في آن واحد، لا سيما مع اقتراب زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى الولايات المتحدة ولقائه المرتقب مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

الجبهة الأولى تتعلق بالاستعداد لتوجيه ضربات عسكرية لإيران، مع تداول سيناريوهات تصل إلى حد احتمال اغتيال المرشد الأعلى علي خامنئي. 

أما الجبهة الثانية فتتمثل في التصعيد ضد تركيا، من خلال بناء تحالف ثلاثي مع اليونان وقبرص بهدف فرض نفوذ أكبر في شرق البحر المتوسط، بينما تتعلق الجبهة الثالثة بالتطورات الجارية على الحدود المصرية مع الكيان الإسرائيلي.

استعداد تل أبيب لضرب إيران

تسعى تل أبيب إلى تنفيذ ضربات عسكرية جديدة ضد إيران، مدفوعة بحالة قلق عميق من القدرات الصاروخية الإيرانية، خاصة بعد توجه طهران إلى إنتاج أعداد كبيرة من الصواريخ الباليستية. 

هذا القلق نابع من خشية إسرائيل من التعرض لهجوم صاروخي واسع النطاق، شبيه من حيث الأثر بما حدث في هجوم السابع من أكتوبر 2023، ولا سيما أن مدى هذه الصواريخ تصل لـ2000 كيلومتر، ما يجعلها قادرة على بلوغ عمق الأراضي الإسرائيلية بسهولة.

وتُعد الصواريخ الإيرانية، من وجهة النظر الإسرائيلية، مصدر تهديد بالغ حتى في حال إضعاف أو تعطيل البرنامج النووي الإيراني، فخلال حرب الـ12 يوما في يونيو الماضي، أطلقت إيران نحو 550 صاروخًا باتجاه الكيان الإسرائيلي، تمكن 36 منها من اختراق أنظمة الدفاع الجوي، بما في ذلك القبة الحديدية ومنظومة “ثاد” الأمريكية، وأدى ذلك إلى استنزاف ما يقرب من ربع المخزون الأميركي من صواريخ “ثاد” خلال أقل من أسبوعين.

وتخشى إسرائيل من سيناريو أكثر خطورة، يتمثل في إغراق منظوماتها الدفاعية بمئات أو حتى آلاف الصواريخ في وقت واحد، سواء مباشرة من إيران، أو عبر حلفائها مثل حزب الله في لبنان أو الحوثيين في اليمن.

وتُصنف هذه المخاوف داخل الدوائر الإسرائيلية على أنها تهديد وجودي لا يقل خطورة عن البرنامج النووي الإيراني نفسه.

في هذا السياق، من المقرر أن يلتقي نتنياهو بالرئيس ترامب في فلوريدا يوم الإثنين المقبل، حيث يعتزم عرض معلومات استخباراتية تتعلق بهذه التهديدات. 

ويهدف نتنياهو من ذلك إلى دفع الولايات المتحدة لتصنيف الصواريخ الباليستية الإيرانية بوصفها أسلحة دمار شامل، على غرار السلاح النووي، بما يفتح الباب أمام مشاركة أمريكية مباشرة في أي ضربة عسكرية محتملة ضد إيران.

وتشير التقديرات الإسرائيلية إلى أن نتنياهو يسعى لتكرار نموذج حرب الـ12 يوما، حين شاركت واشنطن في قصف مواقع نووية إيرانية مثل نطنز وأصفهان وفوردو باستخدام قاذفات “B-2”. 

وبلغ الحماس الإسرائيلي لهذا السيناريو حد إنتاج فيديو بتقنيات الذكاء الاصطناعي يُظهر القاذفة الأمريكية وعلى متنها ترامب ونتنياهو، ونشرها مكتب رئيس وزراء إسرائيل عبر حسابه على إنستجرام

وفي حال لم يبدِ ترامب استعدادًا للانخراط المباشر، بسبب أولويات أخرى على رأسها ملف فنزويلا، فإن نتنياهو يطمح على الأقل إلى الحصول على ضوء أخضر لتنفيذ الضربة، إلى جانب دعم أمريكي في مجال الدفاع الجوي لاعتراض أي رد صاروخي إيراني محتمل.

ووفق ما يتداول في الأوساط الإسرائيلية، فإن نتنياهو يتوجه إلى واشنطن بخطة شاملة، تتضمن سيناريوهات تصعيد واسعة، من بينها اغتيال المرشد الإيراني علي خامنئي، خاصة في ظل ما تدعيه تل أبيب من امتلاكها معلومات دقيقة ومفصلة عن تحركاته اليومية.

تحالف عسكري ضد تركيا وتصعيد محسوب

الجبهة الثانية التي فتحتها تل أبيب تتعلق بتركيا، حيث تشهد المنطقة تصعيدًا وحراكًا عسكريًا وسياسيًا بين أنقرة والكيان الإسرائيلي. 

وأقامت تل أبيب تحالفًا ثلاثيًا مع اليونان وقبرص، شمل تدريبات عسكرية مشتركة، وإعلان إنشاء "قوة عسكرية تدخل سريع" بحجم لواء، تضم نحو 2500 جندي، مدعومة بسفن وطائرات مقاتلة وبنية تحتية إضافية في شرق المتوسط، بهدف مواجهة محاولات تركيا لتعزيز وجودها في المنطقة، خاصة في ظل علاقاتها مع النظام السوري الجديد بقيادة الرئيس بشار الأسد.

وقبل ذلك، نفذت تركيا وفق ما ذكرته صحيفة "يديعوت أحرنوت" أكبر توغل لها في المجال الجوي اليوناني، شمل مناورات جوية وهمية بطائرات مقاتلة من طراز إف-16، وطائرة دورية بحرية من طراز ATR-72، وطائرة مسيرة، وهي أول مرة من نوعها منذ زلازل فبراير 2023 التي ضربت تركيا.

ووقعت المواجهة الجوية في شمال شرق بحر إيجة، ما أدى إلى استنفار سلاح الجو اليوناني وإقلاع طائرات مقاتلة لاعتراض التشكيلات الجوية التركية. 

ورغم أن هذه التحركات محسوبة، فإن أي خطأ بسيط في المناورات قد يجر أنقرة إلى أزمة عسكرية خطيرة، ليس مع اليونان فقط، بل وأيضًا مع تل أبيب بصفتها أهم حليف للكيان.

وتصر أنقرة على أن هذه المناورات طبيعية وتتم ضمن مياهها الإقليمية، مشددة على أن حوض البحر الأبيض المتوسط، ولا سيما الحدود الإقليمية لتركيا، خطوطه واضحة، ولن تسمح لأي دولة، مهما كانت، بتجاوزها. 

وإذا عدنا بالذاكرة، نجد أنه قبل عدة سنوات، عندما اقتربت فرنسا من المنطقة، هددت تركيا صراحةً بأنها ستتعامل عسكريًا مع أي انتهاك للحدود الإقليمية، وسيتم قصف أي تجاوز، ما يؤكد أن هذا السيناريو ليس جديدًا وأنه يتكرر اليوم.

أما عن احتمال وقوع مواجهة مباشرة بين إسرائل وتركيا، فلا يبدو أن هناك خطرا حاليًا، فقد طمأن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تل أبيب وأثينا واليونان بالقول إن تركيا لن تنتهك حقوق أي طرف، ولن تسمح بانتهاك حقوقها، وهو موقف تقليدي معتاد.

وتأتي هذه التحركات أيضًا في إطار السعي لكسب أرض ونفوذ في سوريا، وخصوصا أن سلاح الجو الإسرائيلي يعبر عن قلقه الشديد من إمكانية نشر تركيا لأنظمة رادار ودفاع جوي في سوريا، مما قد يقيد حرية حركة الطيران الإسرائيلي، التي تتمتع بها حاليًا فوق إيران والعراق وسوريا ولبنان. 

وهذه الحرية الجوية تُتيح للجيش الإسرائيلي ممرًا جويًا يعتبره "آمنًا وسهل الوصول" نحو إيران، إذا ما اضطر لتنفيذ عمليات عسكرية مستقبلية.

ما يعني أنه لا يوجد خلاف إسرائيلي-تركي مباشر، والطرفان يمارسان ضغطًا للتوصل إلى صفقة، بحيث تقبل تل أبيب دور تركيا في غزة، وتقبل تركيا دور إسرائيل في سوريا.

وإذا لم يتم التوصل إلى اتفاق حتى لو كان سريًا، فقد تشهد الأراضي السورية أول مواجهة بين أنقرة والكيان، إذ لا يجرؤ أي طرف على مهاجمة الآخر مباشرة، وفق ما ذكر السفير الإسرائيلي السابق في تركيا، ألون ليئيل، لموقع "واي نت" العبري.

 الحدود المصرية الإسرائيلية

أما بالنسبة للحدود المصرية، فلا تزال تل أبيب تركز على قضية التهريب، فقد أعلن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي أمس أن القوات أطلقت النار على سيارة بعد أن حاول سائقها الفرار ورفض التوقف، وأسفر الحادث عن مقتل أحد بدو النقب وإلقاء القبض على آخر، وفقًا لما ذكرته صحيفة "إسرائيل هيوم".

وفي الوقت ذاته، اعترضت مروحية قتالية تابعة للكيان طائرتين مسيرتين حاولتا التسلل إلى الأراضي الإسرائيلية في منطقة نيتسانا، قرب الحدود المصرية، وهي المرة الأولى التي يتم فيها اعتراض طائرة مسيرة بواسطة مروحية، بعد إنشاء الكيان مراكز تحكم خاصة بالقوات الجوية.

وتزعم تل أبيب أن ظاهرة التهريب تتزايد، فيما نشر مراسل الشؤون العسكرية هليل بيتون روزن في وقت سابق من الشهر تقييمًا للوضع الأمني أشار إلى أنه مقلق، موضحًا أن الأسلحة تُهرّب عبر الحدود مع مصر وتُنقل مباشرة إلى قطاع غزة. 

وعلى هذا الأساس، تؤكد تل أبيب أن الجيش قد يتدخل لإحباط هذه التهديدات في أي مكان يتم رصدها فيه، سواء داخل الأراضي الإسرائيلية أو في غزة، أو حتى بالتنسيق مع السلطات المصرية عند الضرورة.

ومن جهتها، نفت مصر هذه المزاعم في بعض الأحيان، وتجاهلتها في أحيان أخرى، إدراكًا منها أن هذه التصريحات تأتي ضمن محاولات نتنياهو للحفاظ على منصبه السياسي بعد الفشل الأمني والسياسي منذ 7 أكتوبر، وسط مطالبات شعبية واسعة في المجتمع الإسرائيلي بمحاسبة الحكومة. 

كما يواجه نتنياهو اتهامات بالفساد وقضايا يتم استدعاؤه فيها أمام المحاكم بشكل متكرر، ما يجعل ظهور هذه "الفزاعات" الداخلية جزءًا من الاستراتيجية السياسية للحكومة.
 

search