الخميس، 14 أغسطس 2025

06:37 ص

الحزب الوطني الفلسطيني.. أول تنظيم سياسي لصد المشروع الصهيوني

موسى كاظم الحسيني

موسى كاظم الحسيني

مع بدايات القرن العشرين، وفي ظل وجد فلسطين تحت الانتداب البريطاني، تصاعدت الحاجة إلى كيان سياسي يعبّر عن إرادة الفلسطينيين في مواجهة المشروع الصهيوني والسياسات الاستعمارية البريطانية، ومن هنا ظهر “الحزب الوطني” في عام 1923 كأول تنظيم سياسي فلسطيني حديث، جامعًا بين النضال السياسي والرفض القاطع لـ"وعد بلفور".

بحسب دراسة للمؤرخ عادل حسن غنيم، نُشرت في المجلة التاريخية المصرية (مايو 1973)، شكّل تأسيس الحزب نقطة تحول مهمة، إذ انتقلت الحركة الوطنية من المقاومة العفوية إلى عمل سياسي منظم بأهداف وبرامج واضحة.

خلفيات التأسيس

لم يأتِ تأسيس الحزب بشكل مفاجئ، بل كان نتيجة تراكم نضالي بدأ منذ الحرب العالمية الأولى (1914-1918)، فبعد سقوط الحكم العثماني وبدء الإدارة البريطانية عام 1917، واجه الفلسطينيون تحديين أساسيين: سلطة استعمارية تفرض سياساتها، وحركة صهيونية منظمة تحظى بدعم بريطانيا.

شهدت تلك الفترة تظاهرات ومؤتمرات بارزة، من بينها المؤتمر العربي الفلسطيني الأول عام 1919 الذي طرح لأول مرة فكرة تشكيل لجان سياسية تمثل الشعب، لكن غياب تنظيم مركزي بقي عقبة حتى أوائل العشرينيات.

تأسيس الحزب وأهدافه

في مارس 1923، أُعلن من القدس تأسيس الحزب الوطني بقيادة شخصيات بارزة، أبرزها موسى كاظم الحسيني، رئيس بلدية القدس السابق، الذي أصبح رمزًا وطنيًا. وتبنى الحزب برنامجًا يرتكز على ما يلي:

  • رفض وعد بلفور والهجرة اليهودية.
  • المطالبة بحكومة وطنية منتخبة تمثل سكان فلسطين.
  • العمل ضمن إطار الوحدة العربية والتنسيق مع الحركات الوطنية في الأقطار المجاورة لتحقيق الاستقلال الكامل.
  • كما أولى الحزب اهتمامًا كبيرًا بالتثقيف الجماهيري ورفع الوعي بخطورة المشروع الصهيوني.

النشاط السياسي والجماهيري

شارك الحزب في المؤتمرات العربية الفلسطينية، وأوفد ممثلين إلى لندن لعرض القضية على الحكومة البريطانية والرأي العام، ونظم حملات مقاطعة للبضائع الصهيونية، وقاد احتجاجات كبرى أبرزها تظاهرات عام 1929 دفاعًا عن المقدسات في القدس.

ورغم انتقاد سلطة الانتداب واعتبارها منحازة للصهيونية، لجأ الحزب أحيانًا إلى القنوات الرسمية لطرح مطالبه، ما عرضه لانتقادات من قوى أكثر تشددًا.

التراجع والانكماش

ابتداءً من منتصف الثلاثينيات من القرن الماضي، بدأ نفوذ الحزب يتراجع بفعل الانقسامات الداخلية، وظهور تنظيمات جديدة، وتحول اهتمام الشارع نحو الكفاح المسلح.

وفاة الحسيني عام 1934 شكّلت ضربة كبيرة، ومع اندلاع الثورة الفلسطينية الكبرى عام 1936، انكمش دور الحزب حتى اختفى من المشهد السياسي.

search