الأحد، 17 أغسطس 2025

06:19 ص

اللعب في الحديقة.. سر جهاز مناعي أقوى للأطفال

أطفال في البيئة

أطفال في البيئة

إسراء أحمد

A .A

إن التعرض المبكر للميكروبات يمكن أن يقلل خطر إصابة الأطفال بالحساسية وأمراض المناعة الذاتية، أو بمعنى آخر يحمي من التفاعل الخاطئ للجهاز المناعي مع مواد غير ضارة أو حتى أنسجة الجسم نفسه على أنها تهديد.

خلايا الجسم والمواد الضارة

ومع نمو الجهاز المناعي للطفل يجب أن يفرق بين خلايا الجسم السليمة والمواد الغريبة، سواء كانت ضارة كالفيروسات أو غير ضارة كبعض أنواع البكتيريا، هذا التدريب يعتمد على إشارات جزيئية مصدرها الأساسي هو الميكروبات التي تعيش في الأمعاء، أو ما يُعرف بالـ ميكروبيوم، وفقا لموقع livescience.

الميكروبيوم شريك أساسي للصحة

الميكروبيوم ليس مجرد ميكروبات عابرة، بل هو شريك أساسي للصحة، فبعض أنواعها تساعد على إنتاج الفيتامينات، وأخرى تدعم عملية الهضم، بينما يسهم جزء مهم منها في ضبط استجابات جهاز المناعة.

أطفال يلعبون في الحديقة

وتعد السنة الأولى  من حياة الطفل المولود الأكثر أهمية في تكوين هذا النظام الداخلي، حيث يحصل الرضيع على أولى البكتيريا أثناء الولادة الطبيعية، ثم من خلال الرضاعة، ومع مرور الوقت يتعرض لمزيد من الميكروبات من البيئة المحيطة، مما يزيد من تنوع الميكروبيوم لديه، ويقوي جهاز المناعة

الأصدقاء القدامى

ووفقًا للخبراء يطلق على الميكروبيوم فرضية "الأصدقاء القدامى"،وتشير إلى أنه كلما كان تنوع الميكروبات التي يواجهها الطفل في وقت مبكر، أصبح جهازه المناعي أكثر دقة، والمقصود بـ "الأصدقاء القدامى" تلك الميكروبات النافعة التي تعيش في توازن دون أن تسبب ضررًا، بل تساعد على بناء صحة أقوى.

التربة تحفز الجهاز المناعي

وتشير الأبحاث الحديثة إلى أن البيئة التي ينشأ فيها الطفل تؤثر بشكل مباشر على صحته المناعية واحتمالية إصابته بالحساسية، فقد أثبتت الدراسات أن الأطفال الذين يكبرون في المزارع أقل عرضة للحساسية، حيث يمنحهم الاحتكاك المبكر بالبكتيريا الموجودة في التربة والحيوانات تنوعا ميكروبيا يحفز جهاز المناعة على النضج.

ويعزز ما يعرف بـ فرضية الأصدقاء القدامى، تفسر كيف أن الإفراط في استخدام المضادات الحيوية في سن مبكرة أو خلال الولادة القيصرية  يحرم المولود من التعرض للبكتيريا، ويرتبط بزيادة معدلات الحساسية لديه.

لعب الأطفال يكسبهم مناعة

وفي تجربة رائدة في فنلندا، جرى إدخال تربة وغابات طبيعية إلى ساحات لعب أطفال المدن، وبعد شهر واحد فقط، تبين أن الأطفال الذين لعبوا في هذه البيئة الطبيعية والحدائق اكتسبوا تنوعًا أكبر من البكتيريا النافعة على الجلد، كما ظهر لديهم جهاز مناعي أكثر تنظيمًا، مقارنة بمن لعبوا في ساحات تقليدية مغطاة بالحصى. 

وأوضحت النتائج أن التعرض للبكتيريا الموجودة في الطبيعة يساعد على تقوية المناعة ويقلل احتمالية فرط نشاطها.

أطفال يلعبون في الحديقة

وظهرت نتائج مشابهة أيضا، مثل دراسة سويدية نشرت عام 2024، حيث وجد أن الأطفال الذين نشأوا في مزارع الألبان أو في منازل بها حيوانات أليفة سجلوا معدلات أقل بكثير من الحساسية، كما امتلكوا بكتيريا نافعة في أمعائهم، وهو ما يشير إلى وجود علاقة وثيقة بين الظاهرتين.

اللعب في الهواء الطلق

ومع ذلك، يؤكد خبراء مثل الدكتور روبرت وود، أستاذ طب الأطفال بجامعة جونز هوبكنز، أن العوامل الوراثية تظل مؤثرة، وأنه لا يمكن تقديم نصائح قطعية مثل تشجيع كل أسرة على اقتناء حيوان أليف للوقاية من الحساسية، حيث شدد على أن الرسالة العامة الواضحة هي ضرورة تشجيع الأطفال على اللعب في الهواء الطلق والتعرض للطبيعة.

ومع أهمية هذه النتائج، ينبغي توخي الحذر، إذ قد تحمل التربة في المناطق الملوثة مواد كيميائية سامة مثل الرصاص أو تحتوي على طفيليات ضارة، ما يجعل بعض أنواع "الأوساخ" غير آمنة للأطفال.

search