الأحد، 17 أغسطس 2025

10:31 م

العطش أو المرض.. النازحون "موتى أحياء" على ضفاف برك غزة

في قلب مخيمات النزوح بقطاع غزة، تحوّل الحصول على المياه إلى معركة يومية تخوضها آلاف الأسر، ومع اشتداد حرارة أغسطس وغياب البدائل، يجد النازحون أنفسهم مضطرين لاستهلاك مياه ملوثة، رغم ما تحمله من مخاطر صحية جسيمة، وفقًا لصحيفة "وول ستريت جورنال".

طابور للمياه الملوثة

مع ساعات الصباح الأولى، وقفت رنا عودة، ساعة كاملة في طابور طويل تحت الشمس الحارقة، قبل أن تعود إلى خيمتها حاملة إبريقًا من الماء العكر، لم تتردد في توزيعه على طفليها رغم إدراكها أنه ملوث، قائلة: "نضطر لإعطائها لأطفالنا لعدم وجود بديل، إنها تسبب لنا ولأطفالنا أمراضًا".

هذا المشهد يتكرر يوميًا في مخيم المواصي المكتظ، حيث يلاحق السكان شاحنات المياه التي تصل كل يومين أو ثلاثة، حاملين زجاجات ودلاء، وأحيانًا ينقلونها على عربات تجرها الحمير.

خلفية الأزمة

منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة قبل 22 شهرًا، تدهورت بشدة قدرة سكان القطاع على الوصول إلى المياه، فقد أعاقت القيود على الوقود والكهرباء تشغيل محطات التحلية، بينما تعرضت البنية التحتية للتدمير، كما تلوثت طبقات المياه الجوفية بمخلفات القصف ومياه الصرف الصحي. 

ووفق تقارير أممية، لم يعد سوى 137 بئرًا صالحًا للوصول من أصل 392 بئرًا كانت تعمل قبل الحرب، بحسب صحيفة "ذا جلوب اند ميل".

مياه غير صالحة

محمود الدبس، وهو نازح آخر في مخيم المواصي، يؤكد أنه يضطر لشرب مياه غير صالحة: "خارج الخيام الجو حار وداخلها الجو أشد حرارة، لذلك نشرب هذه المياه أينما ذهبنا".

أما حسني شاهين، الذي نزح من خان يونس، فيقول: "المياه تسبب تقلصات في المعدة للكبار والصغار دون استثناء، لا نشعر بالأمان عندما يشربها أطفالنا".

يبلغ متوسط نصيب الفرد اليومي من المياه لا يتجاوز 3 لترات فقط، أي خمس الحد الأدنى الذي توصي به المنظمات الإنسانية (15 لترًا).

بحلول يوليو، ارتفعت نسبة الإصابات، بالإسهال المائي الحاد إلى 44% من إجمالي الأمراض المسجلة في غزة، بعدما كانت أقل من 20% في فبراير، وفقًا لليونيسف.

وتستقبل مراكز الأونروا الصحية، أسبوعيًا نحو 10.300 مريض بأمراض معدية أغلبها مرتبط بالمياه الملوثة.

وقد يحصل جنوب غزة، على مزيد من الدعم من محطة تحلية مياه ممولة من الإمارات العربية المتحدة على الحدود المصرية، وأعلن مكتب تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، الهيئة العسكرية الإسرائيلية المسؤولة عن المساعدات الإنسانية إلى غزة، أنه سمح بدخول المعدات إلى القطاع لبناء خط أنابيب من المحطة، ويمكن أن تبدأ عمليات التسليم في غضون أسابيع قليلة.

ولن تعتمد المحطة على إسرائيل للحصول على الطاقة، ولكن بما أن إسرائيل تسيطر على المعابر، فإنها سوف تتحكم في دخول المياه إلى غزة في المستقبل المنظور.

لكن منظمات الإغاثة، حذرت من أن الوصول إلى المياه وغيرها من المساعدات قد يتعطل مجددًا بسبب خطط إسرائيل لشن هجوم جديد على بعض آخر المناطق الخارجة عن سيطرتها العسكرية. وتشمل هذه المناطق مدينة غزة والمواسي، حيث يتواجد الآن معظم سكان غزة.

الحرب تهدد السكان 

تمثل الحرب، تهديدًا كبيرًا للسكان، فاستمرار القصف واحتمال شن عمليات عسكرية جديدة قد يعرقل وصول المساعدات والمياه، ويحذر خبراء المياه، من أن استهلاك المياه الملوثة يؤدي إلى أمراض خطيرة، بينها الفشل الكلوي والزحار.

في ظل هذه الظروف، تبقى أزمة المياه في غزة، جرحًا مفتوحًا يهدد حياة الملايين. وكما قال منذر شبلاق، رئيس مصلحة مياه بلديات الساحل: "يمكنك البقاء أيامًا بلا طعام، لكنك لا تستطيع البقاء بلا ماء".

search