الخميس، 30 أكتوبر 2025

08:46 م

من التهريب إلى التصدير.. "الحشيش المغربي" يدخل أوروبا من "الباب الشرعي"

مزارع الحشيش المعربي

مزارع الحشيش المعربي

ازدهرت مبيعات الحشيش المغربي القانوني بعد الخطوة التاريخية التي اتخذتها الحكومة المغربية لتحويل قطاع القنب الهندي، الذي كان لسنوات طويلة جزءًا أساسيًا من الاقتصاد غير الرسمي، إلى صناعة منظمة وشرعية.

لعقود، كان المغرب من أكبر منتجي القنب الهندي غير المشروع في العالم، لا سيما في منطقة الريف الجبلية، حيث شكّلت زراعة القنب مصدر دخل رئيسيًا لمجتمعات محرومة، وفرت لها وسيلة للبقاء في ظل غياب بدائل اقتصادية أخرى. 

وبناءً على هذا الواقع، شرعت المملكة في إصلاحات جريئة تهدف إلى دمج هذه الزراعة ضمن سلاسل التوريد العالمية بشكل قانوني.

نبات القنب

الإطار القانوني والتنظيمي

في عام 2021، أصدر المغرب القانون رقم 13-21 الذي يسمح بزراعة القنب الهندي لأغراض طبية وصيدلانية وصناعية، مع استمرار حظره للاستخدام الترفيهي. 

وفي عام 2022، تم تأسيس "الوكالة الوطنية لتقنين الأنشطة المتعلقة بالقنب الهندي" (ANRAC)، التي تتولى مهام الترخيص والمراقبة والتنظيم، حسب دراسة لمنظمة المبادرة العالمية لمكافحة الجريمة المنظمة.

تتولى الوكالة الإشراف على جميع مراحل سلسلة الإنتاج، من زراعة البذور وتوريدها، إلى المعالجة والتسويق والتصدير، مع التركيز على توفير بدائل مستدامة للمزارعين وتشجيعهم على الانخراط في النظام الجديد.

أحد مزارع القنب في المغرب

خطوات نحو شرعنة القنب

حتى نهاية عام 2024، أصدرت الوكالة أكثر من 3300 ترخيص للأنشطة المتعلقة بالقنب الهندي، شملت التصنيع، واستيراد البذور، والنقل. كما صادقت على استيراد 7.6 مليون بذرة، وسمحت باستخدام صنف "البلدية" المحلي، المألوف في منطقة الريف.

وفي خطوة تصالحية هامة، أصدر الملك محمد السادس في أغسطس 2024 عفوًا ملكيًا عن أكثر من 4800 شخص محكوم عليهم أو ملاحقين في قضايا مرتبطة بزراعة القنب الهندي غير المشروع، في محاولة لإعادة بناء الثقة مع المزارعين وتسهيل انتقالهم إلى القطاع الرسمي دون خوف من الملاحقة القانونية.

زيادة الإنتاج القانوني

بلغ الإنتاج القانوني أكثر من 4000 طن العام الماضي، بزيادة 1280% عن العام السابق. وتطمح السلطات المغربية إلى تحقيق عائدات بين 4 و6 مليارات دولار سنويًا من تصدير المنتجات الطبية للقنب الهندي بحلول 2028، مستهدفة أسواقًا رئيسية مثل إسبانيا وألمانيا وبريطانيا، حسب تقرير صحيفة “بلومبيرج”.

خطوات تصنيع القنب

تعاونيات الحشيش

شهدت مناطق مثل الحسيمة وشفشاون وتاونات تحولات اقتصادية واجتماعية كبيرة بعد تطبيق القانون الجديد، الذي سمح بإنشاء تعاونيات مرخصة تدمج مئات المزارعين في سوق منظمة بعد عقود من العمل غير الرسمي.

تعاونية "بيوكانات"، من أوائل التعاونيات الحاصلة على ترخيص قانوني لتحويل القنب الهندي إلى منتجات ذات قيمة مضافة، تتعامل مع 200 مزارع بعقود تضمن شراء كامل المحاصيل، مما عزز ثقة المزارعين في النظام الجديد. 

ارتفع إنتاج التعاونية إلى 200 طن العام الماضي، وحققت إيرادات قاربت 3 ملايين درهم (حوالي 333 ألف دولار) من تصدير نحو 350 كيلوغرامًا من "الحشيش المغربي القانوني". 

كما باعت خلال النصف الأول من العام الجاري 20 ألف منتج بقيمة مليوني درهم للسوقين المحلية والدولية.

تقنين صناعة القنب

نظام رقابي صارم

لضمان التحول الناجح إلى النظام القانوني، نظمت السلطات حوارات مباشرة مع المزارعين، حيث انضم أكثر من 5000 مزارع إلى القطاع الرسمي هذا العام، مقارنة بـ430 فقط في العام السابق.

يوضح محمد الكروج، المدير العام للوكالة الوطنية، أن المغرب يعتمد على آليات رقابية متطورة مثل طائرات الدرون والشرائح الذكية لتتبع المحاصيل وضمان الجودة والمصدر. 

ويقول أحد المزارعين، جمال الشطون: "نزرع القنب الهندي مثل القمح، ولا نخاف طالما كل شيء قانوني".

المنتجات الطبية من القنب

تحديات الاقتصاد الموازي

رغم التقدم، لا تزال المساحات المزروعة قانونيًا تمثل جزءًا صغيرًا من إجمالي مساحة القنب الهندي في المغرب، التي تتراوح بين 50 و70 ألف هكتار، مما يثير تساؤلات حول قدرة السوق الرسمية على استيعاب الاقتصاد غير الرسمي.

كما يعاني السوق القانوني من محدودية القنوات التجارية، ما أدى إلى حالة من التعايش بين السوقين. ففي 2024، صدر المغرب كمية محدودة من راتنج القنب منخفض التركيز إلى سويسرا بأسعار تراوحت بين 1400 و1800 يورو للكيلوغرام، لكن هذا لا يشير بعد إلى وجود نظام تجاري متكامل.

معامل القنب في أوروبا

تثير المخاوف احتمال استغلال المتورطين في السوق غير القانوني لعملية "غسل" القنب غير المشروع، أو استخدام التراخيص لتغطية أنشطة التهريب.

المغرب في سباق سلاسل إمداد القنب الطبي الأوروبية

مع زيادة اهتمام شركات الأدوية بسوق القنب الطبي، يبرز المغرب كلاعب محتمل في سلسلة الإنتاج والتوزيع، رغم أن الطريق لا يزال طويلًا للوصول إلى الاعتماد الأوروبي الكامل، حسب موقع “إم إم جي دايلي”.

شركة CannaPro، المتخصصة في ربط المزارعين بالمختبرات الدوائية، ساعدت في إنشاء مختبر بالمغرب لمعالجة الكيف، لكنه ما زال يصنف ضمن "الإنتاج الزراعي" ولا يرقى بعد إلى مستوى الاعتماد الدوائي وفق معايير EU-GMP.

يقول روبن غارسيا من الشركة: "الجودة في المغرب جيدة، لكن لا يمكن تصنيف المنتج كدواء بدون بروتوكولات دقيقة ومراجعات زراعية ومتابعة رسمية من الدولة".

منتجات القتب المغربي القانوني

مراحل الاعتماد

تعمل CannaPro حاليًا على تنظيم المرحلة الأولى من اعتماد GMP في المغرب، المعروفة بـ"التدقيق الزراعي"، وهي قاعدة لإعداد المادة الخام بأقل تدخل، تخضع لعشرة بروتوكولات رئيسية، بعدها تُنقل المواد لمختبرات أوروبية لاستكمال المعالجة وتحويلها لأدوية معتمدة.

search