الجمعة، 22 أغسطس 2025

06:10 م

دخلت قعيدة وعادت على قدميها.. طفلة جزائرية تهزم الشلل في القاهرة

الطفلة ماريا

الطفلة ماريا

مصطفى عبدالفضيل

A .A

لم تكن أسرة الطفلة الجزائرية ماريا، ذات السنوات الست، تتوقع أن ترى ابنتها تسير على قدميها بعد معاناة طويلة مع الشلل الدماغي الناتج عن ضمور في المخيخ، ورغم محاولات متكررة للعلاج في بلدها دون جدوى، حملت الأسرة الأمل وسافرت إلى مصر، حيث بدأت رحلة إنسانية استمرت خمسة أشهر انتهت بعودة الطفلة إلى الجزائر وهي تمشي بخطوات مستقرة، في قصة أسرت قلوب الأطباء قبل ذويها.

بداية القصة من الجزائر

ماريا ولدت بمرض الشلل الدماغي من نوع "الأتاكسيا"، وهو النوع الأقل شيوعًا لدى الأطفال بين أنواعه المختلفة، وفي الجزائر، خضعت الطفلة، لبرامج علاج طبيعي لفترة طويلة، لكن دون تحسن يذكر.

ويوضح الدكتور أحمد هلال، عضو الفريق الطبي المصري الذي تابع حالتها لـ"تليجراف مصر": "البنت كانت ماشية رحلة علاج طبيعي في بلدها، بس ربنا ما أرادش إنها تقف أو تمشي".

نقطة التحول وزيارة التقييم

خلال زيارة طبية إلى الجزائر، التقى الدكتور هلال، بالطفلة وأجرى لها تقييمًا أوليًا، لتبدأ منذ تلك اللحظة مرحلة جديدة، موضحا: "كنت في زيارة هناك وشفتها وعملتلها تقييم، وبعد فترة، والدتها تواصلت معانا وقررت تيجي مصر، وكانوا مبسوطين جدًا إن فيه دكاترة مصريين زاروا بلدهم".

خطة العلاج المكثف

عقب وصول ماريا إلى مصر، بدأ الفريق الطبي، رحلة علاجية يومية مكثفة اعتمدت على عدة مدارس علاجية متنوعة، يقول هلال: "اشتغلنا علاج طبيعي مكثف بشكل يومي لمدة خمس شهور، واستخدمنا كل المدارس، سواء العادية زي mpt أو الحديثة زي tmi، وكمان مدرسة التكامل الحسي".

التحديات أمام الفريق

أمام الأطباء كانت هناك صعوبات عدة، أبرزها؛ عامل الوقت وثقة الأهل، ويضيف هلال: "أكبر تحدي عندنا إننا نوصل لنتيجة كويسة ترضي الأهل وتفرح الطفل في نفس الوقت، خصوصًا لما يبقى الطفل ذهنيا كويس وفاهم إنه جاي عشان يقف ويمشي، كمان ثقة الأهل مسؤولية كبيرة، خصوصًا لما يكونوا جايين من بلاد تانية".

خطوات أولى نحو الشفاء

مع مرور الوقت، بدأت الطفلة تستجيب للعلاج شيئًا فشيئًا، حتى تمكنت من الوقوف ثم المشي تدريجيًا، يقول هلال: "ماريا بدأت تقف كده شوية أول ما انضمت لينا، وبعد كده مع العلاج الطبيعي المكثف يوميًا قدرت تاخد خطوات، وبعد شهور بقت تمشي وتتحرك وتعتمد على نفسها في البيت والشارع".

مشاعر إنسانية عميقة

لم تكن رحلة العلاج مجرد برنامج طبي، بل تحولت إلى علاقة إنسانية خاصة بين الطفلة والفريق الطبي. وتابع الطبيب أن "ماريا من أكتر الأطفال اللي كانت قريبة لقلوب الدكاترة، طفلة ذكية وحبوبة ومقربة من كل دكتور، أكتر حاجة أثرت فينا هي فرحة والدتها وبكائها من السعادة على اللي بنتها وصلتله، وكمان بكاؤها على أنها هتفارقنا".

إصرار الأهل سر النجاح

ورغم الإحباطات السابقة في الجزائر لم يتخلَّ والدا ماريا عن الأمل، يقول هلال: "الحمد لله أن ربنا رزقها بأهلها دول، ما فقدوش الأمل، رغم إن في بلدهم ناس ودكاترة كتير أحبطوهم، لكن بإصرارهم واجتهادهم قدروا يوصلوا بيها هنا مصر، وربنا كافأهم بالنتيجة".

وداع مؤثر وممر شرفي

بعد خمسة أشهر من العلاج، غادرت ماريا، مصر عائدة إلى الجزائر وهي تسير على قدميها، وقبل سفرها، أقام الفريق الطبي، حفل صغير احتفالًا بتعافيها، ثم اصطف الأطباء والعاملون في ممر شرفي لتوديعها. يقول الدكتور أحمد هلال: "عملنالها حفلة توديع قبل الممر الشرفي بساعة، ورجعت إمبارح لبلدها بعد ما قعدت معانا خمس شهور".

مصر وجهة طبية رائدة

يشير هلال، إلى أن مصر وجهة علاجية مهمة يقصدها المرضى من دول مختلفة، مؤكدًا أن الطب فيها يتميز بسمعة عالمية، يقول: "المجال الطبي وخصوصًا العلاج الطبيعي في مصر مختلف عن أي دولة في العالم، مجال رائد، ولما بنروح أي دولة تانية بيبقى بالنسبالهم حاجة كبيرة".

مساواة في الخدمة ومسؤولية مضاعفة

ويؤكد هلال، أن جميع الأطفال يعاملون بنفس المستوى من الرعاية داخل المراكز المصرية، سواء كانوا مصريين أو وافدين، لكنه يوضح أن استقبال الحالات القادمة من دول أخرى يضع على الأطباء مسؤولية أكبر: "كل الأطفال عندنا زي بعض، كلهم بيحظوا بنفس مستوى الخدمة، لكن لما يبقى حد جاي من بلد تانية، بتبقى المسؤولية أكبر وبيبقى فيه ضغط أكتر علينا، بس الحمد لله كله بتوفيق ربنا وباجتهاد الكادر".

رسالة إلى أطفال الشلل الدماغي

اختتم الدكتور أحمد هلال رسالته، موجهًا حديثه لكل الأسر التي تواجه نفس التحدي: "الطفل ده مش معاق طول حياته، هو محتاج اهتمام ورعاية صحية ودعم نفسي وحب من اللي حواليه، الأطفال دي بتكبر وبتتحسن وبتوصل لمستويات حركية وذهنية كويسة جدا، وبيقدروا يعيشوا حياتهم طبيعي".

search