الأربعاء، 03 سبتمبر 2025

10:18 ص

عندما يعجز الطب.. يلجأ العاقرون إلى "معبد التماسيح" في المنيا طلبًا للبركة

"معبد التماسيح" في المنيا

"معبد التماسيح" في المنيا

المنيا - زينه الهلالي

A .A

في قلب الجبل الشرقي بمحافظة المنيا، وبقرية "طهنا الجبل"، يتجلى صرح أثري فريد من نوعه، حبيس الإهمال والتهميش، حيث يقف معبد "نيرون"، شامخًا بشموخ الجبل الذي نحت فيه قبل نحو ألفي عام، غير أنه تحول إلى منطقة أشبه بالمهجورة، لا يطرقها سوى الباحثون عن البركة والشفاء، أو طمعًا في تحقيق أمنية الإنجاب. 

تحفة معمارية نادرة في طي النسيان

يصنف معبد "نيرون" ضمن أندر المعابد في مصر، ليس فقط لقدمه الذي يعود للعصر الروماني، بل لتكوينه المعماري الفريد من نوعه، حيث بني من ثلاثة طوابق تعلو بعضها البعض، محفورة بالكامل داخل صخرة جبلية ضخمة، ولا يزال محتفظًا بهيكله الأساسي، حيث يضم الطابق الأول صالة كبيرة تحوي 8 أعمدة، وتحيط بها صوامع غلال محفورة في الأرض، تؤدي إلى صالات أخرى و"قدس الأقداس" ومقاصير مخصصة للآلهة "حتحور"، بالإضافة إلى 4 مقابر وآبار للدفن.

الإهمال يحجب المعبد عن الخريطة السياحية

ورغم هذه الأهمية التاريخية والمعمارية الاستثنائية، يغيب المعبد تمامًا عن الخريطة السياحية لمصر، وأرجعت مصادر مطلعة هذا الغياب إلى افتقاد المنطقة للتجهيزات الأساسية اللازمة لاستقبال السائحين، بدءًا من الطرق غير الممهدة ومرورًا بغياب أبسط الخدمات، ما جعلها غير مدرجة ضمن برامج الزيارات السياحية المنظمة، وهو ما يحرمها مصدرًا مهمًا للدخل ويحرم العالم فرصة الاطلاع على هذا الإرث الإنساني.

تهديدات متعددة تتربص بالمعبد

لا يقف التهديد عند حدود الإهمال الإداري، بل يتعداه إلى مخاطر حقيقية تهدد وجود المعبد ذاته، فأعمال التفجير في المحاجر القريبة، التي تبعد بضعة كيلومترات فقط، تتسبب في تشققات خطيرة في الدرجات الأثرية للسلالم المؤدية إلى المعبد، مما يعرضه لخطر الانهيار، بالإضافة إلى ذلك، يمثل الزحف العمراني العشوائي وتعديات الأهالي على الحرم الأثري، بدافع الهوس بالتنقيب غير القانوني عن الآثار، خطرًا داهمًا آخر.

من معبد للآلهة إلى مزار للتبرك

أضفت الطبيعة الغامضة للمعبد وما يحويه من أسرار هالة من القداسة لدى بعض أهالي المنطقة، وأبرز ما يستقطب البسطاء وطالبي الشفاء هي غرفة الإله "سوبك" (إله التماسيح)، التي تضم مجموعة من التماسيح المحنطة التي كانت تُعبد في العصور القديمة، ورغم إغلاق الغرفة منذ سنوات، يتوافد الزوار، خاصة أيام الجمعة، للتبرك والدعاء عند بابها المغلق، معتقدين في قدرتها على منحهم الشفاء أو الإنجاب، في ممارسة يصفها الأثريون والمثقفون المحليون بأنها ضرب من "الجهل" ونتيجة طبيعية لغياب الوعي والتوعية الأثرية.

نداءات للإنقاذ والتنمية

طالب جمال عبد الله، أحد أهالي القرية، وزارة السياحة والآثار والجهات التنفيذية بالمحافظة، بالتدخل العاجل، وإدراج المعبد والمنطقة المحيطة به، حيث كشفت الحفائر وجود بقايا مدينة قديمة تعبر حقبًا تاريخية متعاقبة من الفرعونية حتى الإسلامية، وتتضمن خطط التطوير المقترحة ترميم السلالم المتضررة، وتمهيد الطرق، وتوفير حراسة أمنية دائمة، ومنع التعديات، ما قد يحول هذا الكنز المنسي إلى نقطة جذب سياحية وثقافية تليق بتاريخه وتنفع أهله وبلده.


search