الثلاثاء، 09 سبتمبر 2025

02:15 ص

قرية ساقية أبو شعرة.. معقل صناعة السجاد اليدوي وحرفة تتوارثها الأجيال

صورة أحمد صاحب مصنع السجاد اليدوي بالمنوفية

صورة أحمد صاحب مصنع السجاد اليدوي بالمنوفية

المنوفية: محمد عماد الازرق

A .A

“صناعة السجاد اليدوي مش مجرد مصدر رزق.. بل تراث عريق اتعلمناه من آبائنا وأجدادنا”.. بهذه الكلمات اختصر أحمد رجب ناجي، صاحب مصنع للسجاد اليدوي بقرية ساقية أبو شعرة بالمنوفية، تاريخا يمتد لأكثر من سبعين عاما في صناعة نادرة تجذب العملة الصعبة للدولة.   

وقال أحمد رجب ناجي، إن قريته تُعد من أشهر القرى المصرية في مجال صناعة السجاد اليدوي، موضحا أن هذه الحرفة لم تكن مجرد وسيلة رزق، بل أصبحت جزءًا من هوية القرية وثقافتها المتوارثة عبر الأجيال.

بداية الحرفة وتاريخها الممتد

وأضاف “ناجي” أن صناعة السجاد اليدوي بدأت في القرية منذ أكثر من سبعين عامًا، وتحديدًا عام 1965، ومنذ ذلك الحين تحولت إلى مهنة أساسية لأغلب الأسر. 

وأشار إلى أن معظم البيوت في ذلك الوقت كانت تحتوي على “نول”، ولم يكن يخلو منزل من فرد يعمل في هذه الصناعة، حتى أصبحت القرية بأكملها ورشة كبيرة لإنتاج السجاد اليدوي عالي الجودة.

تفاصيل صناعة السجاد اليدوي

وأردف أن عملية التصنيع تبدأ بتحضير النول ولف خيط "السادة" عليه، ثم يشرع الصنايعي في ربط العقد واحدة تلو الأخرى.

أوضح أن هذه العقد هي العمود الفقري لصناعة السجاد، حيث يُبنى عليها التصميم المطلوب، وزاد أن الخيوط المستخدمة تنقسم إلى ثلاثة أنواع: الحرير الطبيعي بعدد عقد من 49 حتى 100، والصوف من 36 حتى 64، والحرير المخلوط من 49 حتى 64 عقدة.

إبداع في التصميم وتنفيذ طلبات العملاء

وأكمل “ناجي” حديثه قائلاً إن أبرز ما يميز صناعة السجاد اليدوي في القرية هو القدرة على تنفيذ أي تصميم يطلبه الزبون، فبمجرد أن يرسل العميل "الديزاين"، يقوم الصنايعي برسمه على النول وتنفيذه عقدة وراء عقدة حتى يخرج بالشكل المطلوب، موضحا أن هذه المرونة منحت السجاد اليدوي المصري شهرة عالمية، لأنه يجمع بين الأصالة والإبداع الفني.

تصدير السجاد إلى الخارج

وأوضح ناجي أن التصدير يتم منذ عقود عبر البازارات الموجودة في منطقة سقارة بالجيزة، حيث يزور السياح تلك الأماكن ويشترون السجاد اليدوي المصري كمنتج فاخر. 

وأضاف أن وزارة التضامن الاجتماعي تنظم معارض داخلية لمدة أسبوع تُعرض فيها منتجات السجاد لتسهيل البيع للمصريين والتعرف على احتياجات السوق المحلي.

التحديات التي تواجه الصناعة

وأشار ناجي إلى أن أبرز المشكلات التي تواجه صناعة السجاد اليدوي هي صعوبة توفير الحرير الطبيعي وارتفاع سعره بشكل لا يتناسب مع أسعار البيع. 

وأردف أن هذا الوضع دفع الصناع إلى الاعتماد على الحرير المخلوط، مع إضافة لمعة خاصة تجعل من الصعب التفرقة بينه وبين الطبيعي، وهو ما ساعد في استمرار الإنتاج رغم الظروف.

دور الدولة في دعم الحرفة

وزاد أن استمرار الدعم من جانب الدولة في تسهيل عملية البيع والتسويق هو العامل الأهم في زيادة الإنتاج داخل القرية. 

وأوضح أن فتح أسواق جديدة وتكثيف المعارض يساعدان على استمرار الحرفة، مشيرًا إلى أن كثيرًا من الأسر تنتظر مثل هذه الفرص لزيادة دخلها والحفاظ على التراث.

صناعة تتأثر بالسياحة

وأكد ناجي أن صناعة السجاد اليدوي ارتبطت ارتباطًا وثيقًا بالسياحة، موضحًا أنه خلال فترات توقف حركة السياحة انخفضت نسبة الأسر العاملة بها من 100% إلى نحو 75%، مشيرا إلى أن عودة النشاط السياحي تدريجيًا تبعث الأمل في إعادة إحياء السوق مرة أخرى.

الصناعة مصدر رزق للأهالي

وأضاف أن السجاد اليدوي يمثل خمس الرزق الرئيسي لأهالي القرية، كبارًا وصغارًا، حيث يشارك الجميع في هذه الحرفة، موضحا أن بعض المصانع تضم ثلاثة أنوال فقط، بينما يكتفي آخرون بالعمل داخل بيوتهم، وهو ما يتيح لهم مساعدة أسرهم دون الحاجة إلى الذهاب إلى المصانع.

أسعار السجاد اليدوي

وأردف أن أسعار السجاد اليدوي تختلف حسب الخامة وعدد العقد، حيث يبدأ سعر المتر من السجاد المصنوع من الحرير المخلوط من 5000 جنيه حتى 12 ألف جنيه، بينما يتراوح سعر الحرير الطبيعي بين 15 ألفًا و50 ألف جنيه للمتر، في حين يبدأ سعر السجاد الصوفي من 3000 جنيه حتى 7000 جنيه.

وناشد الدولة بتوفير الدعم المناسب في الخامات والتسويق، مضيفًا: “هنقدر ننافس أي سوق عالمي ونثبت إن المنتج المصري يقدر يكون الأول في العالم، والسجاد اليدوي من ساقية أبو شعرة يفضل شاهد على إبداع الصانع المصري وإصراره على الحفاظ على حرفته رغم كل التحديات”.

search