الجمعة، 12 ديسمبر 2025

02:56 ص

من الفشن إلى "الأثير".. مسيرة الشيخ طه الفشني

"في ذكرى رحيله"طه الفشني يعود بصوته الذي لا يشيخ في ذاكرة المصريين

"في ذكرى رحيله"طه الفشني يعود بصوته الذي لا يشيخ في ذاكرة المصريين

رحل الشيخ طه الفشني عن عالمنا في عام 1971، تاركًا وراءه إرثًا فنيًا وروحانيًا يصعب تكراره. 

وعلى الرغم من مرور أكثر من خمسة عقود على وفاته، فإن تسجيلاته ما تزال تشكل جزءًا مهمًا من ذاكرة التلاوة والابتهال في العالم العربي، ويظل صوته قادرًا على إيقاظ السكينة في نفوس كل من يستمع إليه.

إحياء ذكرى رحيله وضرورة الحفاظ على التراث

مع إحياء ذكرى رحيله اليوم، يعود الحديث مجددًا عن أهمية الحفاظ على هذا التراث العظيم وإعادة تقديمه للأجيال الشابة بوصفه أحد أعمدة الفن المصري الأصيل. 

لقد كان الشيخ طه الفشني أكثر من مجرد منشِد أو قارئ؛ كان حالة فنية وروحانية تُجسّد قوة الصوت العربي وقدرته على التعبير عن أعمق مشاعر الإنسان تجاه خالقه.

الشيخ طه الفشني.. أحد أعمدة التلاوة والابتهال

تحلّ اليوم ذكرى وفاة الشيخ طه الفشني، أحد أهم روّاد التلاوة والابتهال في مصر والعالم العربي. 

كان صوته العذب وأداؤه المتقن مصدر إلهام للأجيال، حيث استطاع أن يصنع مدرسة فنية فريدة تجمع بين جمال المقام الشرقي وخشوع الروح. وأصبح بذلك أحد أعمدة فن الابتهال والتواشيح الدينية في القرن العشرين.

النشأة والطريق إلى التلاوة

وُلد الشيخ طه الفشني عام 1900 في مدينة الفشن بمحافظة بني سويف، نشأ في أسرة بسيطة تحب القرآن الكريم، وكان طريقه إلى عالم التلاوة طبيعيًا منذ صغره. حفظ القرآن في سن مبكر، ثم التحق بالأزهر الشريف حيث تلقى علوم التجويد والقراءات. 

سرعان ما أظهر نبوغه ولفت أنظار المشايخ والأساتذة، ليبدأ اسمه بالظهور في المحافل الدينية في عشرينيات القرن الماضي، خاصة في الاحتفالات والموالد الكبرى.

الفشني: مدرسة فنية متكاملة

لم يكن صوت الفشني مجرد صوت قوي، بل كان مدرسة فنية متكاملة، فقد تميز بقدرته الفائقة على المزج بين قوة الأداء القرآني ورقّة المقامات الشرقية، مما جعله قادرًا على أداء عمقي وروحاني استثنائي في الابتهالات التي كان يقدّمها. 

ومع تأسيس الإذاعة المصرية، أصبح الفشني واحدًا من أبرز أصواتها الذهبية، حيث منحت الإذاعة له فرصة الوصول إلى ملايين المستمعين داخل مصر وخارجها، فازدادت شهرته وتوسّع تأثيره في العالم العربي.

أشهر الأعمال الفنية والدينية 

من أشهر ما قدّمه الشيخ طه الفشني من الأعمال الفنية والدينية: "يا مالك الملك"، "إلهي لا تجعلني"، "سبحانك ربي سبحانك"، بالإضافة إلى العديد من التواشيح التي لا تزال تُبَثّ في الإذاعات والقنوات حتى اليوم، خصوصًا في شهر رمضان. 

وقد عُرف الفشني بدقته في الالتزام بالمقام وبراعته في الانتقال بين الطبقات الصوتية دون تكلّف أو مبالغة، مما جعل أسلوبه مرجعًا مهمًا لأجيال من المنشدين.

التواضع والزهد في حياة الشيخ طه الفشني

ورغم شهرته الكبيرة، ظل الشيخ طه الفشني مثالًا للتواضع والزهد، فقد كان يعتبر الفن الديني رسالة قبل أن يكون أداءً أو شهرة، وظلّ قريبًا من الناس ومنزّهًا عن السعي وراء الأضواء. 

كما شارك لسنوات طويلة في إحياء الليالي الروحانية بالمناسبات الدينية المختلفة، وكان حضوره في شهر رمضان علامة محبّبة لدى الجمهور.  

ختامًا: الشيخ طه الفشني، صوتٌ لا يموت

إن الشيخ طه الفشني يظل أحد الأعلام البارزين في تاريخ الفن الديني العربي. إرثه الفني لا يزال حيًا، وذكراه تظل نبراسًا للإبداع الروحاني والجمال الصوتي. 

في ذكرى رحيله، يبقى صوته خالدًا في قلوب محبيه، ودوره في الحفاظ على التلاوة والابتهال يبقى علامة فارقة في تاريخ الفن المصري والعربي.

search