عقوبات اقتصادية.. أوروبا تلجأ إلى "القوة الخشنة" مع إسرائيل

أوروبا وإسرائيل
من المتوقع أن يناقش أعضاء المفوضية الأوروبية اليوم تعليق بنود تجارية رئيسية في اتفاقية الشراكة مع إسرائيل، في خطوة يراها الخبراء تحولًا استراتيجيًا في علاقات القارة مع تل أبيب، متأثرةً بنموذج العقوبات المفروضة على روسيا.
في تصعيد لافت، حذر خبراء اقتصاديون في إسرائيل من تداعيات خطيرة على الاقتصاد الإسرائيلي في حال مضى الاتحاد الأوروبي قدمًا في خطته لمناقشة فرض حزمة عقوبات جديدة، تشمل تعليق بنود تجارية أساسية في اتفاقية الشراكة الموقعة بين الطرفين.
ويرى هؤلاء الخبراء أن هذه الخطوة، إن تمت، ستمثل تحولًا جذريًا في طبيعة العلاقات بين إسرائيل وأوروبا، وقد تؤثر بشكل مباشر على تبادلات تجارية تُقدر بعشرات المليارات من الدولارات، بحسب صحيفة “معاريف”
من "القوة الناعمة" إلى "القوة الخشنة"
ونقلت الصحيفة عن الدكتورة بيلا باردا بركات، وهي رائدة أعمال ومحللة في الشؤون الاقتصادية والجيوسياسية، أن الاتحاد الأوروبي ينتقل من استخدام "القوة الناعمة" إلى "القوة الخشنة" في تعامله مع إسرائيل.
وقالت: "لسنوات، اكتفى الاتحاد الأوروبي بإجراءات رمزية مثل الإدانات أو وسم منتجات المستوطنات في عام 2015، لكننا اليوم، ولأول مرة، نسمع حديثًا صريحًا عن تعليق جزئي للاتفاقية، وهذا يمثل انتقال أوروبا من دورها المعياري إلى دور أكثر قوة وحزمًا".
ضربة للاقتصاد الإسرائيلي
تعتبر اتفاقية الشراكة، الموقعة عام 1995، حجر الزاوية في العلاقات التجارية بين إسرائيل والاتحاد الأوروبي، وفي عام 2024، بلغ حجم التجارة الإجمالي بين الجانبين حوالي 47.4 مليار دولار، أي ما يعادل ثلث إجمالي التجارة الإسرائيلية.
وشمل هذا الرقم 30.7 مليار دولار من الواردات الأوروبية و16.7 مليار دولار من الصادرات الإسرائيلية.
وتؤكد باردا بركات أن "تعليق الاتفاقية، ولو جزئيًا، يعني ضربة مباشرة للصادرات الإسرائيلية، وخصوصًا في قطاعي التكنولوجيا المتقدمة (الهايتك) والصناعات الدفاعية".
وأضافت: "النموذج واضح: إنه تأثير الأزمة الروسية، وبعد غزو أوكرانيا، تعلمت أوروبا أن التجارة يمكن أن تكون سلاحًا، والآن يتم تطبيق نفس المنهجية ضد إسرائيل".
دعوات لرد إسرائيلي حازم
من جانبه، أشار عيدو نوردان، رئيس منتدى كبار المسؤولين السابقين في الخدمة العامة وخبير اقتصادي بارز في بنك إسرائيل سابقًا، إلى وجود قصور في السياسة الخارجية الإسرائيلية.
وقال: "الهجوم الأوروبي على إسرائيل نتاج فشل طويل الأمد لوزارة الخارجية في الدبلوماسية والإعلام، هذا الفشل يعرض إسرائيل لمخاطر على الساحة الدولية".
ودعا نوردان إلى ضرورة أن تدرس إسرائيل ردًا حازمًا، مقترحًا عدة خطوات: “يجب وقف قدرة التمويل الأوروبي داخل حدود الدولة بشكل كامل، وتجريم تلقي منظمات المجتمع المدني أموالًا من الاتحاد الأوروبي، واتخاذ إجراءات دبلوماسية مضادة، وتفعيل التأثير الأمريكي على الدول الأوروبية”.
وفي موازاة ذلك، يجب تطوير تحالفات إستراتيجية جديدة حول العالم، وحتى التفكير في خطوات بعيدة المدى مثل فرض السيادة.
الانقسام الأوروبي والمخاطر المستقبلية
يرى شاحار جولومب، الخبير في التمويل والمحاسبة، أن القرار الأوروبي "يمثل خطرًا محددًا ولكنه ليس وجوديًا".
وأوضح أن التأثير المباشر سيكون عبر إعادة فرض الرسوم الجمركية والتراجع عن المزايا التنظيمية، مما سيؤدي إلى تآكل هوامش الربح في قطاعات الصناعة والكيماويات والأدوية.
ومع ذلك، فإن تمرير مثل هذا القرار يتطلب أغلبية خاصة داخل الاتحاد الأوروبي (15 دولة من أصل 27، تمثل 65% من السكان على الأقل)، ويبدو أن هناك انقسامًا داخليًا بالفعل، فدول مثل ألمانيا والمجر والنمسا تبدي تحفظًا ومعارضة، بينما تضغط دول أخرى من أجل اتخاذ موقف أكثر تشددًا.
ويضيف جولومب أن الخطر الأكبر على المدى الطويل يكمن في مقترح آخر يهدف إلى تعليق مشاركة إسرائيل جزئيًا في برنامج Horizon Europe للأبحاث، معتبرًا أن "هذا سيجعل الضرر أكثر إنتاجية واستدامة عبر الإضرار بالإنتاجية والاستثمارات والأبحاث الأكاديمية".
من منظور الأسواق المالية، يتوقع الخبراء ضغوطًا قطاعية على المصدرين وارتفاعًا في علاوة المخاطر على الشركات الإسرائيلية، مع محاولة الاقتصاد التكيف عبر تحويل مسارات التجارة وتعديل الأسعار.
وتبقى قدرة إسرائيل على التعافي مرهونة بحجم التعليق الفعلي وديناميكيات النقاش داخل المجلس الأوروبي خلال الأشهر المقبلة.

الأكثر قراءة
-
بيان مهم من "الرعاية الصحية" بعد إصابة إمام عاشور بـ"فيروس A"
-
مفاجأة في تحاليل عينات لاعبي الأهلي بعد إصابة إمام عاشور
-
مترجم مصري يعيد طفلة تائهة في تونس لأسرتها.. كيف ساعده ChatGPT؟
-
رغم افتتاحه رسميا.. تصريف المياه أزمة تهدد سد النهضة
-
تخفيض سعر شيري تيجو 7 موديل 2026 بقيمة 81 ألف جنيه
-
خريف نيبال وربيع العرب
-
بعد صراخ واستغاثة.. الأهالي يساعدون في إنقاذ 11 مصابا على صحراوي الفيوم
-
بعد تطويرها.. افتتاح مدرسة أمل طه حسين للصم وضعاف السمع بالأقصر

أخبار ذات صلة
"عم ممدوح" حارس قلعة "المكواة الرجل" في الفيوم: 45 سنة شقى برزق حلال
16 سبتمبر 2025 10:58 م
تلاعب نفسي وقضايا حساسة.. هل يستغل الذكاء الاصطناعي أدمغة المراهقين؟
16 سبتمبر 2025 09:58 م
بنية متهالكة تبحث عن دعم.. من يُعيد الروح لقصر ثقافة المنصورة؟
16 سبتمبر 2025 08:19 م
"الحاضر الغائب".. رونالدو الهداف التاريخي لمواجهات مدريد ومارسيليا
16 سبتمبر 2025 10:56 ص
أكثر الكلمات انتشاراً