الأربعاء، 17 سبتمبر 2025

09:52 م

غريب في بلد الجليد.. قصة كفاح طالب مصري يدرس الطب في روسيا (خاص)

أحمد إبراهيم أبو غنيمة

أحمد إبراهيم أبو غنيمة

ليست كل رحلة للدراسة في الخارج مفروشة بالورود كما قد يظن البعض، فأحيانًا تتحوّل إلى صراع يومي مع الغربة، وضغط نفسي قاسٍ، ووحدة لا يبددها شيء، فبين جدران الغربة وصقيع المدن الروسية، اختار هذا الشاب أن يواجه الواقع بشجاعة، بعد أن رسمت له الحياة طريقًا لم يكن يتوقعه، وجعلته يخوض رحلة مليئة بالكدح والوحدة والفقد.

يروي أحمد إبراهيم أبو غنيمة، شاب من محافظة كفر الشيخ، يدرس الطب البشري في سنته الأخيرة بجامعة فولجا جراد، تفاصيل معاناته في روسيا منذ عام 2018 وحتى اليوم، حيث فقد والده، وواجه الفقر، والعمل الشاق، والسخرية، قبل أن يقف على أعتاب التخرج.

سافرت في طفولتي

وقال أبو غنيمة في تصريحات لـ"تليجراف مصر": "أنا سافرت روسيا سنة 2018، كنت وقتها لسة مخلّص ثانوية عامة، كنت فاكر إن الحياة سهلة والدنيا وردي، والناس كانت رسمالي صورة خلتني أتشجع، لكن أول ما وصلت اتصدمت بأرض الواقع: بلد تانية، لغة مختلفة، وثقافة مش شبهنا خالص، وما كنتش عارف أي حاجة حرفيًا، خاصة إني كنت طفل عندي 18 سنة".

"نتيجة الثانوية عقدتني"

وتابع: "أنا جبت 89.9% في الثانوية، عملت تظلم وخدت درجات بقيت 94.6%، وساعتها كلية طب كان بتاخد من 97%، النتيجة دي عقدتني نفسيًا، وأهلي قالوا لي خلاص مش هتقعد هنا، لازم تسافر، ومن هنا بدأت الحكاية.. كان عندي جار مسافر روسيا، أخدت منه شوية تفاصيل بسيطة، وسافرت، بس اتصدمت بجد، وما بقتش عارف ليه ربنا جابني هنا".

بعد أول عملية قيصرية في حياته

أرض الواقع

 وواصل حديثه: "الغربة خسرتني صحابي في مصر، والناس نسيتني تدريجيًا، اشتغلت كل شغلانة حلال وقعت قدامي: طباخ، عامل محارة وتكسير، في مزرعة طماطم، منظّم حفلات وديكورات، عامل نظافة في الحمّامات، أي شغلانة حلال كنت بعملها مش عيب، وكنت بشتغل يومين أو ثلاثة في الأسبوع جنب دراستي عشان أجمع اللي يكفيني باقي الأسبوع من أكل وشرب ومصاريف".

أثناء عمله طباخًا
في مزرعة الطماطم

التنمر والسخرية لم توقفه

وأضاف: "للأسف واجهت استهزاءً من بعض زمايلي اللي من أسر معاها فلوس، كانوا يقولوا لي: انت بتشتغل عامل نظافة! ويضحكوا ويتنمروا، بس أنا عمري ما شوفت الشغلانة دي عيب، مبدئي طول عمري: اشتغل أي حاجة توصلني لهدفي وأبقى دكتور زي ما بحلم".

أثناء العمل في مجال توصيل الطلبات

وفاة الأب والصدمة الكبرى

وتابع: "أصعب حاجة حصلت لي في الغربة كانت وفـاة والدي في أكتوبر 2022، والدي كان سندي، ولما توفاه الله الدنيا اتغيرت معانا، بقينا يادوب متوسطي الحال، واضطريت أشتغل أكتر وأكفي نفسي، وقتها حسيت إني خلاص كبرت، ما عدش فيه بابا أقول له ساعدني، بقيت أقول لنفسي: لازم تكمل وتتحمل مسؤوليتك".

بعد رحيل الأب حينما كان لا يملك مالًا

الوحدة أقسى وجع

وأكمل والحزن يغلف صوته: "الغربة وجعتني في حاجات كتير، أهمها إني ما قدرتش أشوف والدي في آخر أيامه، كمان أوقات ببقى مضغوط ومفيش معايا فلوس، الوحدة صعبة زي مثلًا تعبت من شهر وعملت عملية واتحجزت في المستشفى لوحدي، صحيح صحابي كانوا حواليا، بس كان وراهم حياتهم وبيسيبوني، كنت بتمنى وجود حد من أهلي جنبي".

ومضات من رحمة الله

وأضاف: "ربنا دايمًا بيبعت رزق وبيعين، في الصيف كنت بروح مع صحابي الروسيين معسكرات في الغابات وقدام البحيرات، أساعدهم وأشتغل، وفي نفس الوقت أستمتع، بحس إن ده فضل من ربنا، حتى لو الطريق كله صعب".

من إحدى الرحلات

رسالة لطلاب الثانوية

واختتم بتوجيه رسالة للطلاب: "عاوز أقول لطلاب الثانوية العامة: الثانوية مش نهاية المطاف، ارضى باللي ربنا كتبهولك حتى لو حسيت إن دي مش نتيجة تعبك، ربنا شايل لك الخير قدام".

من داخل الجامعة
search